مصر لم تغلق المعبر للحظة وقدمت 80% من إجمالي المُساعدات لأهل غزة

شاحنات المساعدات تدخل من الجانب المصري لمعبر رفح أمام العالم كله
شاحنات المساعدات تدخل من الجانب المصري لمعبر رفح أمام العالم كله

■ كتب: شحاتة سلامة

يبدو أن ثبات ووضوح الموقف المصرى من العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة، والتحركات المصرية الحاسمة سواء فيما يتعلق بمواجهة الاعتداءات والسعى لوقفها أو الدفع لاستمرار تدفق المُساعدات للقطاع، ورفض الحصار الذى تفرضه قوات الاحتلال، وأيضًا المُبادرات المصرية لإقرار هدنة بين الجانبين، والتباحث حولها مع مُختلف الأطراف الإقليمية والدولية، تسبب فى إصابة الإدارة الأمريكية بحالة من الارتباك والتخبُط، ودفعتها لإطلاق تصريحات طائشة، على لسان رئيسها «المُسن» الذى يُعانى الـ«الألزهايمر» بشأن الموقف المصرى التاريخى من فتح معبر رفح مُنذ اللحظة الأولى لأحداث السابع من أكتوبر، لإدخال المُساعدات الإنسانية لأهالينا المُحاصرين فى غزة، ونقل المُصابين للعلاج بالقاهرة، وتأمين خروج رعايا مُختلف دول العالم.

◄ «الرئاسة»: مصر تحملت ضغوطًا وأعباءً لا حصر لها لإدخال المساعدات

◄ المتحدث الرئاسي: تطابق الموقفين الشعبي والرسمي برفض أي محاولات للتهجير

◄ نواب: بايدن يعاني «الخرف».. وموقف مصر «تاريخي»

◄ خبراء: الرئيس الأمريكي يمارس الكذب.. والعالم يتابع جيدًا الدور المصري

رسمت مصر خطًا أحمر، واتخذت إجراءات فورية للتعامل مع أى تصرفات أو تصريحات غير مسئولة، فأكدت منذ اشتعال الأحداث بغزة أنها قادرة على حماية أمنها القومى، وأن التزامها بالسلام يتضمن قدرتها على مواجهة أى تحركات لخرقه أو تجاوز لاتفاقياته، وجددت موقفها فى بيان واضح وحاسم من رئاسة الجمهورية، ردًا على الـ«تخاريف» الأمريكية، أكدت فيه أنها تحملت ضغوطًا وأعباءً لا حصر لها لتستطيع تنسيق عملية إدخال المُساعدات، وأنها تُجرى اتصالات مُكثفة مع جميع الأطراف سواء الإقليمية أو الدولية أو الأممية للضغط من أجل دخول المُساعدات وزيادة كمياتها بالشكل المطلوب، وأن 80% من المُساعدات التى تصل للقطاع مُقدمة من مصر، مُشيرة إلى أنها فتحت، مُنذ اللحظة الأولى، معبر رفح من جانبها دون قيود أو شروط، وحشدت مُساعدات إنسانية بأحجام كبيرة، سواء من مصر ذاتها أو من خلال جميع دول العالم التى قامت بإرسال مُساعدات لمطار العريش، وضغطت بشدة على جميع الأطراف المعنية لإنفاذ دخول المُساعدات للقطاع.

◄ المسئولية الإنسانية
أكدت مصر في بيانها الرئاسى أن استمرار قصف الجانب الفلسطيني من المعبر من قبل إسرائيل، الذى تكرر أربع مرات، حال دون إدخال المُساعدات، وأنه بمُجرد انتهاء قصف الجانب الآخر من المعبر قامت مصر بإعادة تأهيله، وإجراء التعديلات الفنية اللازمة، بما يسمح بإدخال أكبر قدر من المُساعدات لإغاثة أهالى القطاع.

وأكدت مصر، أن الدور الذى قامت به في حشد وإدخال المُساعدات كان قياديًا ونابعًا من شعورها بالمسئولية الإنسانية عن الأشقاء الفلسطينيين، وأن موقفها الثابت سيظل مُصممًا على وقف إطلاق النار بغزة بأسرع وقت مُمكن، حماية للمدنيين الذين يتعرضون لأسوأ مُعاناة إنسانية يُمكن تصورها، وإنقاذًا لهم من القصف والجوع والمرض، وكذلك ستستمر مصر فى قيادة وتنظيم وحشد وإدخال المُساعدات الإنسانية للقطاع بأكبر كميات ممكنة، وتحث فى هذا الصدد، جميع الأطراف المعنية على التعاون والتنسيق وتقديم التسهيلات اللازمة لإدخال المُساعدات بالشكل المنشود، مُشددة على أن أية محاولات أو مساعٍ لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم ستبوء بالفشل، وأن الحل الوحيد للأوضاع الراهنة يتمثل فى حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مُستقلة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، مُشيرة إلى أنه رغم تصريحات الرئيس الأمريكى، بشأن الأوضاع بغزة، إلا أن هناك توافقا بالمواقف واستمرار العمل المُشترك والتعاون المُكثف بين البلدين بشأن التوصل لتهدئة بغزة، والعمل لوقف إطلاق النار، وإنفاذ الهُدن الإنسانية، وإدخال المُساعدات الإنسانية بالكميات والسرعة اللازمة لإغاثة أهالى القطاع، ورفض التهجير القسرى، إضافة للتوافق التام بين البلدين، فى ضوء الشراكة الاستراتيجية بينهما، بشأن العمل على إرساء وترسيخ السلام والأمن والاستقرار بالشرق الأوسط.

◄ إرادة شعب
المُتحدث الرئسمى باسم رئاسة الجمهورية، المُستشار الدكتور أحمد فهمى، شدد على أنَّ مصر تحملت ضغوطًا وأعباءً لا حصر لها لتنسيق إدخال المساعدات لغزة، وأجرت اتصالات مُكثفة مع جميع الأطراف من أجل دخولها وزيادة كمياتها بالشكل المطلوب، لافتًا لأهمية الموقف الشعبى المُتوافق مع نظيره الرسمى، وذلك منذ اللحظة الأولى، مُضيفًا فى تصريحات إعلامية، أنّ موقف الدولة المصرية، الذى عبر عنه الرئيس السيسي، منذ الأيام الأولى لحرب غزة، يعكس بصدق إرادة الشعب المصرى، وكما أوضح الرئيس بقمة «القاهرة للسلام» أن الموقف المصرى المُتعلق بدعم القضية الفلسطينية، ورفض تصفيتها، ورفض التهجير، يعكس إرادة الشعب المصرى فردًا فردًا، مُتابعًا: «يتضح الموقف المصرى وتطابقه على الصعيدين الرسمى والشعبى، للجميع، وكافة أنحاء العالم، بل وللمجتمع الدولى بأسره»، مُشيرًا إلى أنه مُنذ بدء الأزمة وهناك ضغوط مصرية شديدة لإدخال المُساعدات بحيث لا يكون الحديث فقط عن إخراج الأجانب من القطاع، لكن أيضًا إدخال المُساعدات، وأن يكون الأمر بنفس الأهمية لمسألة إخراج الأجانب، وقال: «الموقف المصرى واضح، و80% من المُساعدات التى وصلت إلى غزة مُقدمة من مصر حكومًة وشعبًا ومُجتمعًا مدنيًا، مُقابل 20% فقط من الجميع، ونُقدم الشكر لهم على ما قدموه، ونُقدر الجهد والعطاء للمُنظمات والدول، ومستمرون فى استقبال المُساعدات من مطار العريش، وكافة نقاط الوصول الأخرى»، مؤكدًا أن مصر سهلت ونسقت زيارات المسئولين الدوليين والأمميين لمعبر رفح ليتفقدوا من أرض الواقع الجهود الهائلة التى تقوم بها السلطات المصرية.

◄ هفوات الذاكرة
ويرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن بايدن يمُارس الكذب، وأن الجميع يعلم دور مصر الحقيقى فى دعم الشعب الفلسطينى، لافتًا إلى أن كافة المُنظمات الإغاثية والهيئات الدبلوماسية أشادت بجهود مصر فى إدخال المُساعدات، وأن مصر تتبنى القضية، منذ 1948، وقبل أن يأتى بايدن للحكم، وأنها لم تبخل يومًا بتقديم أى جهد لدعم الشعب الفلسطينى، مُشددًا على أن التعامل مع حكومة نتنياهو، يجب أن يكون من مُنطلق أنها إدارة إبادة وجرائم حرب، وعلى الرئيس الأمريكى وإدارته أن يعوا ذلك، وأن يدركوا كل ما تفعله مصر تجاه القضية الفلسطينية، وهذا ما أكد عليه بيان الرئاسة المصرية.

يلفت فهمى، إلى تعرض بايدن لكثير من «هفوات الذاكرة»، مُنذ تسلمه الرئاسة، ففى 2021، فقد سبق ونسى الرئيس الأمريكى اسم رئيس الوزراء الأسترالى، سكوت موريسون، وفى 2022 وصف كوريا الشمالية أنها من بين الدول الحليفة التى فرضت عقوبات على روسيا، فى حين أنه يقصد كوريا الجنوبية، كما خلط بايدن بين سويسرا والسويد، مُتحدثًا عن إجرائه مُحادثات هاتفية مع زعيمى فنلندا والسويد، لكنه قال: «اقترحنا أن نتصل بزعيم سويسرا»، وخلال إحدى فعاليات الحملة الانتخابية فى ولاية نيفادا، مؤخرًا، كان يروى قصة عن اجتماعه مع قادة العالم بمجموعة السبع، وأخطأ فى اسم الرئيس الفرنسى ماكرون، ليذكر بدلًا منه اسم الرئيس الأسبق، فرانسوا ميتران، المُتوفى 1996، كما اختلط عليه الأمر بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وسلفها الراحل هيلموت كول، إذ قال خلال حفل لجمع التبرعات بنيويورك، إنه التقى كول، المُتوفى مُنذ 7 سنوات، بدلًا من ميركل.

◄ تخبط أمريكي
الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، أشار إلى أن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية برُمتها، ليست فقط مُتخبطة، لكنها تؤكد أن هذه الدولة العظمى تترنح عن مركزها العالمي، فالمُفترض أنها أكبر قوة عالمية وبالتى يجب أن تتمتع بشيء من المصداقية، لكن كل هذه الأكاذيب والمُغالطات تؤكد ترنحها عن قيادة العالم، مُضيفًا أن هذه الأكاذيب أصبحت محل سُخرية، وتُضاف لسلسلة الأكاذيب المُتعلقة بما يُحدث بغزة وأشهرها ما ذكرته عن أن رجال المقاومة الفلسطينية يقطعون رؤوس الأطفال، ويغتصبون النساء، وبعدها عادت الإدارة الأمريكية لتعتذر، وتؤكد أنها كانت فريسة للأكاذيب الإسرائيلية، موضحًا: «الأمريكان يكذبون بمنتهى المصداقية، ويُدلسون بمنتهى الأمانة، فنحن نقع بمحيط من الأكاذيب»، واعتبر البرديسى تصريحات بايدن دليلًا على عدم وعيه التام بالوقائع على الأرض، وأن اتهامه لمصر بالتقصير يعكس نظرة مشوهة للوقائع، ويتنافى مع جهود مصر الحثيثة لإنقاذ الشعب الفلسطينى، مُشددًا على ضرورة مُراجعة إدارة بايدن لسياستها تجاه القضية الفلسطينية، والانتقال من مرحلة «مُجرد الكلام» عن حل الدولتين إلى اتخاذ خطوات عملية، وإجراءات حقيقية على أرض الواقع لإنهاء مُعاناة الفلسطينيين.

◄ مُساندة عمياء
شعبيًا، نالت تصريحات الرئيس الأمريكى، تجاه الموقف المصرى، انتقادات حادة، ووصفها نواب الشعب بـ«الكاذبة»، مؤكدين أنها تدل على المُساندة العمياء للإدارة الصهيونية المُحتلة، وتوضح الدعم الأمريكى للإجرام الإسرائيلى الذى يحدث فى غزة، وهو ما يؤكده النائب عصام هلال، الأمين العام المُساعد لحزب مُستقبل وطن، قائلًا إن هذه التصريحات مغلوطة وزائفة، مُشددًا على أن الموقف المصرى ثابت وواضح منذ اليوم الأول لحرب غزة، وهو موقف تاريخى، لافتًا إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكى، تأتى فى إطار المُساندة الأمريكية لتل أبيب ولأفعالها الإجرامية، موضحًا أن العالم أجمع رأى معبر رفح مفتوحًا من الناحية المصرية، وكان الأمر أمام الأمين العام للأمم المتحدة، وهو يقف أمام بوابات المعبر، ولا يستطيع العبور بسبب تهديدات الصهاينة، واستهدافهم للمعبر من الناحية الفلسطينية.

هلال، أشار إلى أن الأطباء الأمريكيين والخُبراء والإعلاميين، يؤكدون أن بايدن يُعانى «الخرف» بسبب تقدم السن، وأن قُدرته على مُتابعة الأحداث بالعالم وفى الشأن الأمريكى ليست بنفس كفاءة الرؤساء السابقين، مُضيفًا أن هذه التصريحات «غير المسئولة» مُجرد مُحاولة للتهرب من المسئولية عن المُشاركة الأمريكية للكيان الصهيونى فى جرائمه، واستخدام حق الفيتو ضد وقف الحرب، والترحيب الأمريكى بمقتل 30 ألف فلسطينى، و7 آلاف طفل، ما يعنى أن كل ما عاشت عليه أمريكا طوال السنوات الماضية من شعارات عن حقوق الإنسان، وحرية الآخر، وحرية الاعتقاد، مُجرد شائعات لا أساس لها فهى ترى بعينها انتهاك حقوق الإنسان، وقتل آلاف المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ، وهدم البيوت، واستهداف المرافق الحيوية، وقصف المُستشفيات، وتصمت بل وتنحاز للجانب المُجرم.

◄ دورنا قيادي مسئول
الدكتورة جيهان مديح، رئيس حزب مصر أكتوبر، استنكرت ادعاءات بايدن، مُشددة على أن الدور الذى قامت به مصر فى حشد وإدخال المُساعدات للقطاع كان قياديًا ونابعًا من شعور مصر بالمسئولية الإنسانية عن الأشقاء الفلسطينيين بالقطاع، وأشادت ببيان مجلس أمناء الحوار الوطنى، الرافض تمامًا للتصريحات، التى حملت ادعاءات غير صحيحة عن موقف مصر من فتح معبر رفح، موضحة أن أُمناء الحوار شددوا على حقيقة عدم إغلاق المعبر من جانب مصر مُنذ بدء العدوان الغاشم على غزة، ومن الغريب والمُلفت أن تغيب أو تُغَيّبْ عن رئيس الدولة الأكبر فى العالم، أو أن يذكر عكسها، كما شدد مجلس الأمناء على أن المطلوب الآن من الرئيس الأمريكى ليس نشر ما هو ليس حقيقياً حول الدور المصرى، بل استخدام علاقات بلده الوثيقة بإسرائيل، لوقف عدوانها الدموى على غزة، ومنعها من ارتكاب مذابحها المتوقعة، وربما المُخططة، برفح الفلسطينية، والتى تنوى وتُعد لاجتياحها، كما طالب مجلس الأمناء الرئيس الأمريكى، أن يحل زائرًا على قطاع غزة ليرى بعينيه حجم الكارثة الإنسانية الأكبر فى التاريخ العالمى المُعاصر، والتى ارتكبتها حليفته إسرائيل، لربما يحاول حينها إيقاف هذه الجريمة.