عجائب الطبيعة.. كائنات بأفواه فريدة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

تعتمد الكائنات الحية على التغذية، لاستمرار الحياة وإنتاج الطاقة وفيها يتم تحويل الغذاء إلى عناصر غذائية، وطاقة حيوية وضرورية للجسم، وتختلف طرق التغذية من كائن حي إلى آخر، إذ تتغذى بعضها على مركبات بسيطة غير عضوية، ويتغذى البعض الآخر من الكائنات الحية على مركبات معقدة.

كما أن معظم الحيوانات انتقائية نسبياً في تناول الطعام، إذ تفضل النباتات أو اللحوم فقط، وتميل إلى الاعتماد على استراتيجية واحدة عند البحث عن الطعام أو الصيد، ولكن الاختلاف لا ينحصر على نوعية الطعام، بل باختلاف أفواه الكائنات الحية الغريبة.

الغذاء يعد نادراً في أعماق المحيطات، لذلك يتعين على كائناته الاهتمام بكل وجبة تجدها، وقليل من الحيوانات تأخذ هذا الأمر على محمل الجد، مثل ثعبان البحر المبتلع «جولبر»، والذي يُعرف أيضاً باسم «ثعبان البحر البجع»، لأنه يشترك في خاصية مماثلة مع الطائر.

إذ يمتلك ثعبان البحر المبتلع فماً ضخماً وفضفاضاً، ويبلغ طوله نحو ربع طول جسمه، ولكن فمه رقيق وهش وغير عملي، لذلك يقوم ثعبان البحر بسحبه بعيداً عندما لا يتغذى، وعندما تقترب مجموعة من القشريات أو الحبار، يندفع ثعبان البحر إلى الأمام، ويفتح فمه بسرعة ليأخذ جرعة كبيرة من الماء، وبعد الهجوم، يبدو ثعبان البحر مع فمه منفتحاً بالكامل مثل البالون، ثم يقوم بعد ذلك بدفع الماء الزائد ببطء عبر خياشيمه قبل أن يبتلع الفريسة المحاصرة في هذا الفم المملوء.

الحيتان الحدباء تأكل فقط من الربيع إلى الخريف خلال إجازتها في المياه الغنية بالفرائس في القطبين الشمالي والجنوبي، ومع وجود مثل هذه البطون الكبيرة التي يجب ملؤها والوقت المحدود للقيام بذلك، فإنها تعتمد على استراتيجية بارعة تعرف باسم «الصيد بالشباك الفقاعية» لإنجاز المهمة، وغالباً ما تعمل الحيتان الحدباء في مجموعة، وتغوص تحت فرائسها، ثم تصعد ببطء نحو السطح في شكل حلزوني، وتنفخ الفقاعات أثناء السباحة للأعلى، الفقاعات تلك تخيف وتربك فرائسها من الأسماك الصغيرة والقشريات الشبيهة بالروبيان، والتي تسمى «الكريل»، ثم تقوم بدورات أكثر إحكاماً بمساعدة زعانفها الطويلة، وتركز وجبتها المستقبلية في كتلة كثيفة بالقرب من السطح، وفي نهاية المطاف، تتناوب على الاندفاع وفتح الأفواه عبر الفريسة المضغوطة، وتلتهم عشرات الآلاف من اللترات في لقمة واحدة.

وتقضي السلاحف جلدية الظهر معظم حياتها في المحيط المفتوح، إذ تتعقب فرائسها في الأعماق أثناء النهار، وفي المياه الضحلة ليلاً، كما تبحث دائماً عن طعامها المفضل وهو قنديل البحر، تأكل السلاحف جلدية الظهر الكثير من قناديل البحر (مئات الكيلوغرامات لكل سلحفاة يومياً)، إذ تعمل مثل مكافحة الآفات الطبيعية، وتبقي أعداد قناديل البحر تحت السيطرة، وتحمي يرقات الأسماك والشواطئ من أسراب مزعجة.

أما قناديل البحر فهي إسفنجية، وليس من السهل تحديدها، خاصة عند غياب الأسنان أو المخالب، لذا تقوم السلاحف جلدية الظهر بتقطيعها بفك دقيق يشبه المقص إلى قطع قابلة للهضم، علاوة على ذلك، فإن حلق السلحفاة جلدية الظهر مبطن بأشواك تشير إلى الخلف، ما يمنع فريستها الزلقة من الهروب، بمجرد اصطيادها (يمكن لقنديل البحر أن ينجو من قطعه إلى نصفين).