أزمة دستورية فى بريطانيا قد تنهى رئاسة سوناك

مهاجر ين غيرشرعيين وصلوا بريطانيا عبر قناة المانش
مهاجر ين غيرشرعيين وصلوا بريطانيا عبر قناة المانش

يواجه ريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا أزمة جديدة مع حزبه حيث تعرضت خطته لتمرير مشروع قانون رواندا الخاص بالسيطرة على معدلات الهجرة فى البلاد، عبر البرلمان لاضطرابات جديدة . فحكومة حزب المحافظين بقيادة ثلاثة رؤساء وزراء، آخرهم سوناك، تحاول منذ ما يقرب من عامين جعل رواندا مركزًا للجوء، وتواجه عقبة قانونية تلو الأخرى، ويرجع ذلك أساسًا إلى سجّل حقوق الإنسان فى رواندا.

يرى الكاتب البريطاني فيليب جونستون مساعد رئيس تحرير صحيفة تلجراف، إن برلمان بريطانيا يعمل بطرق غامضة، محذرا فى الوقت نفسه من أن بريطانيا تواجه أزمة دستورية قد تطيح برئيس الوزراء ريشى سوناك.

وقال إن اقتراح الحكومة البريطانية بنقل المهاجرين غير النظاميين إلى رواندا، والذى أُحيل لمجلس اللوردات، قلب المواقف السياسية رأسا على عقب، وقد يدفع لطرح الثقة فى حكومة سوناك. وأشار إلى أن مجلس اللوردات تداول مشروع قانون رواندا فى قراءته الثانية يوم الاثنين الماضي، لكنه أرجأ فقط حدوث أزمة طاحنة قادمة حول هذا التشريع.

فقد دعا مجلس اللوردات، فى أول تصويت من نوعه، إلى تأجيل تطبيق «المعاهدة الجديدة» التى أبرمتها بريطانيا مع رواندا فى ديسمبر الماضي،لنقل المهاجرين غير الشرعيين إليها حتى تحسّن رواندا سجل حقوف الانسان لديها، وتعد المعاهدة الجديدة المبرمة بين المملكة المتحدة ورواندا ركيزة أساسية فى سياسة الحكومة البريطانية لمواجهة الهجرة غير الشرعية عبر المانش، وصدّق عليها وزير الداخلية البريطاني، جيمس كليفرلى ونظيره الرواندي، يوم الثلاثاء 5 ديسمبر الماضى فى كيجالي.

وتضمن الاتفاق عدم إعادة رواندا طالبى اللجوء المرسلين إليها، إلى بلد يهدد حياتهم، كما اشتمل على وجود لجنة مراقبة تتسلّم الشكاوى من المحامين مباشرة، إضافة إلى هيئة استئناف أعضاؤها قضاة متخصصون من مختلف المناطق، لمعالجة القضايا الفردية.

وسعت الحكومة البريطانية إلى صياغة المعاهدة الجديدة بناء على جميع القضايا التى أثارتها المحكمة العليا، والتى كانت من أبرز أسباب رفض خطة نقل طالبى اللجوء إلى رواندا.

مع ذلك، لقيت المعاهدة رفض مجلس اللوردات. وأيد المجلس اقتراحا كان قدمه رئيس لجنة الاتفاقات الدولية، اللورد جولدسميث، يفضى إلى تأجيل التصديق على المعاهدة حتى تتمكن الحكومة من إثبات أن رواندا «بلد آمن» لنقل طالبى اللجوء الوافدين على سواحل بريطانيا، إليه.

ولا يعد تصويت مجلس اللوردات ملزما، لكنه يبين شكل المعارضة التى من الممكن أن يواجهها رئيس الوزراء عند مناقشة مشروع قانون «سلامة رواندا»، فى المجلس نفسه .
وانتقد برلمانيون محافظون مشروع القرار، ووصفه آخرون بأنه محاولة سحق دستورى وتكبيل أيدى القضاة المستقلين الذين يتحملون واجب النظر فى الأدلة والحقائق. مع ذلك، طرح رئيس الوزراء البريطاني، ريشى سوناك، مشروع القانون فى ديسمبر الماضى للتصويت، وحاز على أغلبية مريحة فى مجلس العموم. لكن لا يمكن إقرار المشروع قانونا من دون تصويت «مجلس اللوردات». مع أن حكومة سوناك لا تتمتع بأغلبية فى مجلس اللوردات، وهناك اعتقاد بأن المجلس سيقترح تعديلات على مشروع القانون، وسيطيل ذلك من أمد المعركة المحتدمة التى وصفها حزب العمال بالـ «مهزلة»، من الممكن أن يمر «مشروع القانون».

لكن إن حصل، فمن المتوقع حدوث مواجهة دستورية غير مسبوقة بين البرلمان والقضاة، وفق «بى بى سي». إذ لن تستطيع المحكمة العليا إلغاء «التشريع» الأولي، لذا ستصدر «إعلانا بعدم التوافق»، وهو حكم ينص على ضرورة إعادة النظر فى قانون أقره البرلمان بسبب «عدم توافقه» مع الاتفاقات الأوروبية لحقوق الإنسان التى يحفظها القانون البريطاني. وبذلك، يضع «إعلان عدم التوافق» القانون الجديد فى مأزق، فلطالما احترمت الحكومة البريطانية وجهة نظر المحكمة العليا، وعملت على أخذها فى الاعتبار.

وإن حصل غير ذلك، أى أطلقت أولى الرحلات إلى رواندا على الرغم من معارضة المحكمة العليا، فمن المؤكد ممارسة المعنيين حقهم القانونى بالذهاب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وتقديم شكوى مفادها بأن بريطانيا لم تنصفهم على نحو قانوني. وهذا يؤدى إلى اضطرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان النظر فى المسألة، هذا غير العواقب المترتبة عشية الانتخابات العامة. فى أبريل 2022 أعلن رئيس الوزراء السابق «بوريس جونسون» خطة نقل طالبى اللجوء الوافدين على سواحل بريطانيا إلى رواندا. وتقرر وفق الإعلان بدء أولى الرحلات الجوية بتاريخ 14 يونيو العام نفسه.

لكن أوقفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان انطلاق الرحلة فى اللحظة الأخيرة، بعد أن قضت بمواجهة أحد طالبى اللجوء «خطر الوقوع عرضة ضرر لا يمكن إصلاحه»، إن انتهى الأمر به فى رواندا. واستمرت بعد ذلك الضغوط القانونية لمنع تطبيق الخطة. وانخفض عدد الأشخاص الذين وصلوا إلى السواحل البريطانية قادمين من فرنسا، بمقدار الثلث عام 2023. وسجلت لندن وصول 29.437 مهاجرا فى قوارب صغيرة فى ذلك العام، مقارنة بـ 45 ألفا فى عام 2022.