حبر على ورق

القانون وحماية المواطن

نوال مصطفى
نوال مصطفى

وجود قاضً جليل على رأس السلطة التشريعية أمر يطمئننا نحن المواطنين، ويجعلنا أكثر ثقة فى أن العدالة والفكر القانونى المنطقى سوف تسود مناقشات المجلس، وأن الأولوية فى مناقشات الجلسات العامة سوف تنحاز للقوانين الأهم من وجهة نظر المواطن، القوانين التى ترتبط بحياته، وتحفظ له حقوقه، كما تضعه أمام مسئولياته وواجباته. 

لذلك أسعدنى ما توصلت إليه الجلسة العامة لمجلس النواب التى عقدت منذ أسبوعين برئاسة المستشار حنفى جبالى، وخلالها تمت مناقشة مشروع القانون الذى تقدمت به الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية. جاءت هذه الخطوة المهمة لتنفيذ الالتزام الدستورى الذى ينص على كفالة الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور تنتهى فى 17 يناير 2024. وقد تمت الموافقة النهائية على مشروع القانون، وهذا أمر مبشر ورائع..  

جاء فى تقرير اللجنة التشريعية «أنه أصبح هناك ضرورة نظراً لخطورة الجنايات، وعقوباتها الجسيمة التى قد تصل إلى الإعدام ألا تنظرعلى درجة واحدة، بل على درجتين، خاصة أن الجنح وهى الأقل خطورة تنظر على درجتين»..

هذا المشروع للقانون يعد نقلة نوعية فى كفالة ضمانات حقوق الإنسان المتعلقة بإجراءات التقاضى، وإنجاز الدعاوى دون إخلال بقواعد المحاكمة المنصفة وحقوق الدفاع وترسيخاً لمبدأ التقاضى على درجتين، حفاظاً على تطبيق أفضل صور العدالة، ولتخفيف العبء عن محكمة النقض، فضلاً عن أن مشروع القانون لم يعد مجرد حق أو أحد ضمانات التقاضى، بل أصبح حاجة وضرورة على كافة الأصعدة للمتقاضين وللمحاكم والمجتمع ككل، فهو حلم ظل يراود الفقه المصرى لعقود طويلة..

مراجعة القوانين وتخليصها من المواد التى تجاوزها الزمن، ولم تعد تناسب العصر الذى نعيش فيه ضرورة ملحة، طالبت بها كما طالب بها غيرى من الزملاء مرارا وتكرارا، والآن جاءت هذه الخطوة المهمة لتحقق إنجازا حقيقيا فى مجال حقوق الإنسان، وضبط القوانين التى تمثل رمانة الميزان فى حماية كل مواطن على أرض مصر..

مطلبى الشخصى من المجلس الموقر هو مساندة مشروع القانون الذى تقدم به النائب المحترم عبدالمنعم إمام، الخاص بتعديل المادة 341 فى قانون الجنايات والتى تحبس الغارمة أو الغارم بسببها.

هذه الفكرة تقدمت بها جمعية رعاية أطفال السجينات إلى النائب وتقدم هو بدوره بها إلى اللجنة التشريعية بالمجلس، لكنها لم تناقش حتى الآن.

فكرة مشروع القانون الذى تقدمنا به هو استبدال عقوبة السجن بالعقوبة البديلة، أى قضاء خدمة مدنية، تعمل خلالها الغارمة وتسدد من راتبها الدين المستحق عليها. تعديل المادة 341 من قانون العقوبات يسعى إلى اعتبار إيصال الأمانة دينا مدنيا بدلا من التعامل معه باعتباره دينا جنائيا..  الحل القانونى هو ما أعمل عليه منذ أكثر من سبع سنوات حتى الآن، ومازلنا أنا وفريق عملى الدءوب فى «جمعية أطفال السجينات» مع نخبة من رجال القانون والتشريع وأعضاء البرلمان نسعى لإنتاج مشروع قانون يحمى هؤلاء النساء من خطر السجن.

أسست من خلال الجمعية التحالف الوطنى لحماية المرأة بالقانون من أجل استخدام التعديلات القانونية والإجرائية فى حل نسبة كبيرة جدا من المشكلات الاجتماعية التى تواجه المرأة، وتجعلها فريسة للتجار الجشعين الذين يستغلون فقرها، ويزجون بها إلى السجون عن طريق إيصالات الأمانة. أتمنى أن يجد هذا التعديل وغيره الكثير من مشروعات القوانين المؤجلة من الدورة الماضية طريقها إلى الاهتمام والتشريع فى هذه الدورة بإذن الله.. بداية جديدة مبشرة لمجلس قوى فاعل يلبى مطالب الشعب. هذا ما نتمناه من المجلس الموقر.