فى أروقة السياسة

يوم فى رحاب الكلية الحربية

د. سمير فرج
د. سمير فرج

بدعوة من الأخ والصديق، الفريق أشرف زاهر، مدير الأكاديمية العسكرية المصرية، التى أصبحت، الآن، تضم الكلية الحربية، وكلية الدفاع الجوي، والكلية البحرية، والكلية الجوية، عقدت محاضرة للطلبة الجدد، المقبولين بالأكاديمية، فى الشهر الماضي، وبدأوا فترة الاستعداد الأول، التى كنا نطلق عليها، سابقاً، «فترة المستجدين»، والمقصود بها تأهيل الطلاب للتحول من الصفة المدنية إلى الصفة العسكرية. فيكون من ضمن إجراءات التأهيل، تقديم محاضرات لهم عن قضايا الأمن القومي، فكانت سعادتى بالغة، وأنا أحاضر أولئك الطلبة الجدد، وحماة مصر، فى الفترة القادمة.

والحقيقة أن الفريق أشرف زاهر قد أحدث طفرة كبيرة على الجانب العلمى للأكاديمية، فصار الطالب يتخرج فيها، بعد أربع سنوات من الدراسة، حاملاً شهادة عسكرية وأخرى علمية، إما الليسانس أو البكالوريوس، وفقاً للتخصص، سواء الاقتصاد والعلوم السياسية، أو النظم الإدارية، أو الحاسبات الآلية، وغيرها من التخصصات، المهم أن يتخرج ضابط المستقبل متسلحا بالعلم والتكنولوجيا الحديثة. وفى العام الماضي، نالت الأكاديمية شهادة الأيزو الدولية فى مجال الإدارة والتدريب، كما تقوم الأكاديمية، الآن، بتأهيل المدنيين الملتحقين بالوزارات المصرية، كالخارجية والنقل والتعليم وغيرها، لتسليح الجيل الجديد بموضوعات الأمن القومى والانضباط والانتماء لوطننا العزيز.

وقبيل بدء محاضرتي، تذكرت أيام دراستى العسكرية، منذ عشرات السنين، عندما تلقينا أجمل محاضرة فى التوعية، ألقاها علينا يوسف السباعي، أحد الضباط الأحرار، فى ثورة يوليو المجيدة، والذى أصبح فيما بعد وزيراً للثقافة، فكنت حريصاً أن أقدم للطلاب محاضرة، تبقى فى ذاكراتهم، ولو بعد عشرات السنين، فتناولت معهم أبعاد ومحددات الأمن القومى المصري، والتهديدات التى تتعرض لها مصر، حالياً، على كافة الاتجاهات الاستراتيجية، ومستعرضاً بعض التفاصيل عما يدور سواء فى الدول المحيطة، أو العالم ككل. 

وبعد المحاضرة، حان وقت الحوار المفتوح، الذى أضفى عليّ سعادة بالغة، إذ أكد لى الحوار، الذى دار بمنتهى الشفافية والصراحة، مع أولئك الشباب، سلامة وصواب اختيارهم، فجميعهم متفهم لطبيعة الأخطار المحيطة بمصر، التى تستهدف أمنها القومي، ولم أجد منهم إلا كل استعداد للتضحية من أجل وطنهم العظيم، مصر، وحرص على أمنها، وإن كلفهم ذلك بذل الروح للحفاظ عليه. 
وانتهت المحاضرة، ودامت السعادة بينما أغادر مبنى الكلية الحربية، الذى عشت فيه أحلى سنوات عمري، وأنا أرى شعارها باقياً كما هو «الواجب ... الشرف ... الوطن»، أو كما يطلق عليها البعض «مصنع الرجال» أو «مصنع الأبطال».