المفتى| التحلى بالأمل والاستبشار بالمستقبل يعكس قوة الإيمان

د. شوقى علام مفتى الجمهورية
د. شوقى علام مفتى الجمهورية

أكد د. شوقى علام -مفتى الجمهورية، أن مراجعة الذات ومحاسبتها على عملها فى العام المنقضي، أمر مطلوب فى أيام الله تعالى، وكان النبى صلى الله عليه وسلم كثير الاستغفار تطلعًا للدرجات العُلى وأن يكون عبدًا شكورًا، فقضية الاستغفار عندنا جميعًا دليل على محاسبة النفس لتلافى السلبيات والتقصير فيما سلف.

وأوضح أن المسلم الحقَّ ينبغى أن يكون صابرًا على مختلف المتاعب وشتى التحديات، مؤمنًا بالأمل ومستشرفًا للمستقبل، وموقنًا بما عند الله تعالى الذى بشَّرنا بأن بعد العسر يسرًا وأن الفرج يعقب الضيق والكرب.

وأشار إلى أن الحاجة تشتد فى هذه الآونة من عمر الأمة إلى صناعة الأملِ وحسن العمل باعتبارهما من أهمِّ محاور صناعة شخصية الإنسان المعاصر وسمات تكوينه؛ فالأملُ هو ضرورة إنسانية بدونها تفقد الحياة قيمتَها ولا يعرف الإنسان مقصود وجوده، والغاية من وراء صبره على التحديات، وتحمله للشدائد والمحن، وحرصه على تحقيق أهدافه وتطلعاته المختلفة.

وأكد فضيلة مفتى الجمهورية أن الأمل صنو الإيمان وقرينه، من فقده فقد إيمانه بربه، وضاعت ثقته بقدرة مولاه سبحانه، وفى المقابل فإن اليأس صنو عدم الإيمان لأنه سوء ظن بالله، قال الله تعالى آمرًا المؤمنين بعدم اليأس ومحذِّرًا منه: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ .

وأوضح أن للإيمان ثمرات عظيمة، تغرس فى الفرد يقظة الضمير، ومعاملة أفراد المجتمع بالحسنى، والإحسان مما يجعل بنيان الوطن قويًّا، متماسكًا، وثيق الروابط والأواصر، ووفير التعاون على البر والتقوى، فضلًا عما يثمره من تصفية الإنسان لنيته، ومراقبته لخالقه فى تصرفاته وسلوكياته على جميع أحواله، مع الحرص على ملءِ الوقت بالطاعة والعمل النافع، واستواء السر والعلن، ومن ثم تَقِلُّ أدواء المجتمعات، وتعظم مواقعها فى كافة المجالات.

وشدد على أن التزام الإحسان، والعمل بمقتضياته فى النية، والأفعال، والأقوال، من محاور التربية الفاضلة، الواعية، والواقعية التى أمر الله تعالى عباده باتباعها، وسلوك طريقها، والتحقق بمقاصدها، وإذا غلبتهم الشهوات، وطباع النفس، داوموا على التخلى عن الصفات الذميمة، والأخلاق السيئة، والتحلى بالقيم الفاضلة والأخلاق الحسنة، ولا يركنون إلى نقصٍ أو تقصيرٍ حتى يبلغوا الكمال المستطاع.

وأشار إلى أن الشرع الشريف وضع جملة من الإجراءات لكى يقى بها الإنسان نفسه من الوقوع فى الزلل منها تربية الوازع الدينى والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان حتى لا يكون فى حاجة إلى مراقبة أحد له، فيكون حينها استشعاره بالمسئولية الدينية هو الرقيب عليه والمانع له من الوقوع فى الخطأ، فالمؤمن يكون متناغمًا مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا.

وأشار إلى أن مراعاة الوازع الدينى تضبط حركة الأفراد والمجتمع وفق فعل الخير وترك الشر، من أجل الدخول فى دائرة رضوان الله تعالى، والخوف منه ومن عقابه دنيا وآخرة، وهو الحد المعتبر فى التزام المسلمين بأحكام الشرع فى كل صغيرة وكبيرة، وهذا يرجع إلى قوة الإيمان واستقامة النفس والتعلق بالله تعالى من فرد لآخر، ومن ثَمَّ احتاج الإنسان إلى التذكير بصورة دورية بالحقائق الشرعيَّة التى تغرس فى النفس قيم الإيمان وسمات التقوى.