يوميات الاخبار

حكايات عن فلسطين والقُدس والأزهر

يوسف القعيد
يوسف القعيد

هذا الكتاب الذى يتحدث عن شيوخ الأزهر فى العصر العُثمانى يُبرز المكانة العظيمة التى تبوأها الأزهر الشريف.

أهدانى الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية مجموعة من الكُتب الجميلة. ما إن وصلت إلى منزلى حتى تفرغت لها. كان الكتاب الأول فيها عنوانه: الحقوق التاريخية للأقباط فى مدينة القُدس. مؤلفه القُمُّص يوسف تادرس الحومى. والكتاب صادر فى سلسلة كرَّاسات قبطية. وهو العدد الرابع عشر منه.


والكتاب علاوة على موضوعه الذى يهز الفؤاد من أعماقه يُقدم مادة علمية مُهمة تدور حول مدينة القُدس وزيارة مُقدساتها. يقول مؤلف الكتاب بمقدمته إنه بسبب الظروف التاريخية التى مرت بها الكنيسة القبطية من فترات متاعب أدت إلى عدم تسليط الضوء على مُقدساتها المقدسية. كذلك فإن رُهباننا وكهنتنا فى القُدس أصبحوا قادرين بمشقة على القيام بحراستها وإتمام طقوسها التاريخية. فى الوقت الذى تملك الكنائس الأخرى جيوشاً من الرُهبان حُرَّاساً لأملاكهم بالأرض المُقدسة.


الأمر الذى أدى إلى ضياع مُقدساتنا مثل كنيسة المجدلية التى أخذها اللاتين. وأصبح المهد الذى أخذه الأرمن وزير مار مرقس وأخذه السريان. المُهم ما أكثر ما أُخذ منا وتلك كلماتى وليست ما يقوله المؤلف. ومع هذا يبقى لنا الكثير جداً الذى نتوقف أمامه.
هذه الأيام التى نعيش فيها محنة ما يجرى فى فلسطين المُحتلة من عدوان إسرائيلى ليس له مثيل قبلاً. ولا أعتقد أنه فى قادم الأيام ممكن أن يحدث أو يجرى هذا الذى نراه ونتابعه كل يوم. حيث لا نملك سوى الجلوس فى بيوتنا لكى نقضى وقتنا فى إحصاء عدد الشُهداء والجرحى والتوقف أمام الأطفال منهم والنساء. وهو يشكل فاصلاً لم يحدث من قبل فى التاريخ الإنسانى رغم كثرة ما به من حروب ومذابح يهول لها الفؤاد.
لكن هذا الكتاب شديد الأهمية والذى يقع فى حوالى مائتى صفحة من القطع الكبير، ومُزيَّن بالرسومات والصور يجعل الإنسان يعيش المحنة كما لو كان يوجد هناك لا قدر الله ولا كان. وأعتذر عن الكلمة الأخيرة لأن لنا أشقاء فلسطينيين يعيشون هذه الأيام الصعبة والقاسية فى مواجهة لا مبالاة العالم والصمت المُخزى الذى يُشكِّل ردود الأفعال على هذا الذى يجرى. وربما لم يسبقه حدثٌ مُماثل فى التاريخ الإنسانى رغم أن هذا التاريخ تملؤه المذابح. ومن الصعب إحصاء أعداد القتلى والشهداء.
الحرب التى نحن بصددها الآن والتى ينظر إليها العالم بلا مُبالاة، حتى العالم المُتقدم أو الذى كان مُتقدما قبل هذه المحنة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. لا يُغفر لهم سوى المُظاهرات التى ملأت الشوارع مؤخراً ووصلت الليل بالنهار تُطالب بوقفة موضوعية فى مواجهة هذا العدوان الغاشم. بل إن التحرك الإيجابى قامت به جنوب أفريقيا. وهى بعيدة مكانياً عنا. ولكنها فى قلب كُلٍ منا منذُ ملحمة استقلالهم وقيام دولتهم.


جنوب أفريقيا ذهبت إلى مجلس الأمن والموضوع معروض هناك وشكَّلت تحرُكاً غير عادى ومهماً جداً، وجعل الدنيا كلها تلتفت إلى المحن اليومية والمآسى التى تقع كل ساعة وكل لحظة. لدرجة أن نوم الإنسان قد يُعد خيانة لإخوتنا الفلسطينيين الذين يدفعون حياتهم ثمناً لدفاعهم المشروع عن أرضهم. وهو الفعل الذى يجب أن تقف الدنيا كلها معه. وأن تترك لاهتماماتها اليومية وشئونها الحياتية حتى يتوقف العُدوان الغاشم الذى أوشك علي أن يتجاوز المائة يوم. وهى فترة زمنية طويلة جداً وغير عادية وتكبس على القلب الإنسانى تمنع عنه الراحة والقُدرة على التنفس، ومد الجسد البشرى بما يحتاجه من دماء.
هذا الكتاب أهميته أن كل معلومة فيه موثقة من مصادرها ومراجعها. وكل كلمة وردت فى سياقه لها قيمتها العلمية. وقد قام مؤلفه بجهدٍ دينىٍ وعلمىٍ وقومىٍ وعروبى فى مواجهة صلف وغرور المُعتدى الإسرائيلى. إن الكتاب مكتوب فى ظلال صلوات قداسة البابا شنودة، وصلوات قداسة البابا تواضرس الثانى، وكل الآباء والمطارنة الذين يتألمون لما يجرى، ونحن للأسف الشديد نتفرج عليهم.
هُدى شعراوى
الكلام عن الكُتب يوشك أن يكون مقدمة للحدث الكبير الذى تنتظره مصر والوطن العربى والعالم الإسلامى. ألا وهو معرض القاهرة الدولى للكتاب. حيث نسبح بفضله فى عالمٍ من الكُتب والأحلام والكلمات. ومعرض هذا العام الذى اهتمت به كثيراً جداً الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة، وتولَّى شئونه ابتداء من تفاصيله الصغيرة وانتهاء بصورته الكُليَّة الدكتور أحمد بهى الدين رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب والمسئول عن المعرض.


لهذا فإن الكتاب فضلاً عن أنه عِماد حياتى على مدار السنة كلها. إلا أنه خلال الأسبوعين اللذين يُقام فيهما المعرض يُصبح المبتدأ والخبر فى كل ما أقوم به. مكتبة الإسكندرية تهتم بالقارئ كبير السِن مثل حالاتى. ولكن فيها سلسلة مُهمة عنوانها: تُراث الإنسانية للنشء والشباب. قدمت فيه العديد من الكُتب. أختار منها كتابين فقط، الأول: هُدى شعراوى امرأة غيَّرت المُجتمع للدكتور سامح فوزى. والكتاب الثانى: قصة مصر القديمة، كتبه الدكتور حسين عبد البصير.


وهذه السلسلة هدفُها نشر الوعى والمعرفة فى كل فروع المعرفة الإنسانية على نحوٍ مُبسَّطٍ وسهلٍ وجذاب لجميع الشباب فى مصر والوطن العربى. وذلك إيماناً من مكتبة الإسكندرية ذات الدور العالمى والعربى والمصرى. فإنها أيضاً لها دور معرفى وتنويرى يقوم على نشر رسالة مصر الخالدة عبر الزمان والمكان.


والكتابان يؤسسان كما يكتب مدير المكتبة لمشروع تبسيط عيون الآداب والعلوم والمعارف الإنسانية للأجيال الجديدة من أبناء مصر العظيمة. كذلك تنشُر تُراث مصر وثقافتها والعالم فى جميع أنحاء مصر والوطن العربى، بل وربما العالم كله. كما جاء فى المقدمة التى كتبها الدكتور أحمد زايد مدير المكتبة لهذه السلسلة الجديدة التى تُسهم فى إتاحة الفرصة للأجيال الطالعة فى التعليم الذاتى واكتساب المعارف الرصينة التى تُمكِّنهم من بناء مستقبلهم على أُسسٍ صلبة من المعرفة والعلم.


شيخ الجامع الأزهر
وعنوان هذا الكتاب كُله: شيخ الجامع الأزهر فى العصر العُثمانى. ألَّفه حُسام محمد عبد المُعطى. وكتب له المُقدمة الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة الأسبق. فقد جاء بعده الدكتور مصطفى الفقى مدير المكتبة السابق. وها هو الدكتور أحمد زايد مدير حالى ينطلق بها إلى آفاقٍ أكثر رحابة وعُمقاً.
فى المُقدمة أن الأزهر تبوأ من المكانة التى تبوأها الأزهر بشيوخه ومكانتهم. فقد كانوا عبر التاريخ الجُند المُرابطين للدفاع عن الإسلام وإظهاره على حقيقته. يبرزون جوهره الأصيل ومبادئهُ السامية أمام البشرية كلها. فرجال الأزهر لم يكونوا طالبى زعامة، بل أصحاب رسالة ودعوة ينقلونها إلى المسلمين فى أنحاء الدُنيا. وقد زهدوا فى الدنيا وملذَّاتها. وأصبحوا قِبلة للمظلومين وملاذاً للمقهورين. وليس غريباً أن يقول عنهم نابليون بونابرت: إنهم زعماء الشعب العربى الرَوحيون.


هذا الكتاب الذى يتحدث عن شيوخ الأزهر فى العصر العُثمانى يُبرز المكانة العظيمة التى تبوأها الأزهر الشريف. ذلك أن دوره لم ينحصر وشيوخه لم ينجرفوا تحت وطأة الحُكم العُثمانى كما تدَّعى بعض كُتُب التاريخ. ونحن نشهد أزهرنا الذى يقوده شيخُنا الجليل الدكتور أحمد الطيب ابن صعيد مصر، وقد انطلق به إلى آفاق تجعله جُزءاً جوهرياً وأساسياً من العصر الذى نعيشه. استند إلى التاريخ القديم، وأحيا الحاضر الجليل لينطلق إلى مُستقبلٍ يستحقه الأزهر الشريف.
وقد سعدتُ بهذا الكتاب وأتمنى من الدكتور أحمد زايد استكماله بسلسلة كتُب عن شيخ الجامع الأزهر فى الأزمنة التى تلت الزمن الذى يتحدث عنه هذا الكتاب، وصولاً إلى أيامنا التى نعيشها فى مصر والوطن العربى والعالم الإسلامى هنا والآن.


إسهام العرب فى ثقافة العالم
وهذا كتابٌ ضخم تزيد عدد صفحاته من القطع الكبير على ثلاثمائة وستين صفحة. حرَّره الدكتور مجدى يوسف الكاتب المعروف والأستاذ الجامعى. وتعاون معه الدكتور محمد حامد دويدار، والدكتور محمد رءوف حامد، والدكتور حامد الموصلى، والدكتور راسم بدران، بالإضافة إلى عدد من كِبار الباحثين فى أوروبا وأمريكا الشمالية.


وهذا الكتاب ترجمته مكتبة الإسكندرية عن طبعة صدرت منه عن جامعة كامبريدج البريطانية مُنذُ عِدَّة سنوات. ومع هذا ما زال صالحاً للطباعة والقراءة، بل والمتابعة. وهو عمل جماعى، ومثل هذه الأعمال ما أندرها الآن. فنحن نجد آلاف الكُتب كتبها باحثون أفراد. لكن القُدرة على أن يجتمع عدد من الباحثين والدارسين لتناول موضوع مُعيَّن. فقد أصبحت تسكُن رفوف الماضى. والماضى هو الذى أورثنا هذا بعد أن قدَّم لنا مجهودات فردية كثيرة فى الكتابة العلمية.
يقول الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية السابق فى تقديمه لهذا المُجلد المهم: إن هذا العمل البحثى الجماعى يتسم بقدرٍ عالٍ من التفرد والخصوصية. فهو يمزج بين التأصيل العلمى والتحليل الفلسفى ليُقدم لنا فى عرضٍ شائق إضافاتٍ مصرية للإدراك المعرفى العربى فى ضوء ما يكشف عنه من اجتهادات علمية عربية معاصرة جديرة بالاهتمام.
إن هذا العمل البحثى يُبرهن على الإمكانات العقلية العربية على المشاركة المُتميزة فى مسيرة الإنتاج العلمى المُتقدم، والإبداع المعرفى المتميز. إن ما تطرَّق إليه هذا الكتاب من قضايا علمية فلسفية يُحفِّز على النقاش المُتعمِّق والدراسة المُتمحصة سواء من حيث دعوتى إلى الأخذ بفلسفة متجددة ومُعاصرة لوحدة المعرفة.


أيضاً فإن هذا الكتاب يتوقف أمام أخلاقيات البحث العلمى المُرتبطة بالرسالة الإنسانية للمعرفة، والتى يجب أن تسمو بنفسها عن مُقتضيات اقتصاديات السوق. أو أتون الصراعات السياسية، وذلك نتيجة اللغط الدائر حول ما يطرأ على حياتنا من أمورٍ مُفاجئة، ولعل الموقف العلمى من فيروس كورونا عندما طرق الدُنيا يؤكد هذا.


أما الباحث الجاد الذى تولَّى مُهمة تحرير الكتاب الدكتور مجدى يوسف، فلابد من شُكره لأنه قدَّم لنا كتاباً يقوم على منهجية بحثية جدير بنا نحن العرب أن نسلكها فى كافة المعارف الحديثة عند استقبالنا لآخر ما توصلت إليه العلوم والفنون الحديثة فى العالم. لكن ابتداء من وعينا بتفرد الخصوصية النسبية لأرضياتنا الاجتماعية الثقافية، وليس توحداً مع حلول الآخرين مهما بلغ شأنهم.
ذلك أن انفتاحنا عليهم هدفه أن نُعيد صياغة وتصنيف ما آلت إليه الأمور عندهم. وأن نتعامل معهم من خلال اختلافنا الموضوعى عن السياقات التى أنتجت هذه المعرفة.