يوميات الاخبار

غارقون فى بحر الطين!

عصام السباعي
عصام السباعي

«وضررهم على الأوطان أكبر، لأن غياب الضمير يجعلهم مثل الباعة الجائلين لأى شيء حتى الوطن والأهل والأصدقاء!!».

 الأربعاء:
ما أقسى أن يراك من حولك غارقاً فى الطين، والأقسى منه أن تكون غافلاً عن ذلك الطين الذى سقطت فيه، ولم أجد كلمة صعبة فى معناها، نحتها المصريون عبر السنين مثل كلمة «موحول»، وما أدراكم ما هو؟.. وأمثال هؤلاء تابعتهم وصادفت كثيرين منهم فى حياتي، ولكننى لم أعرف أنهم حول الجميع، وفى كل مكان، إلا بعد 25 يناير2011، وهم موجودون فى أى مجال وبلا استثناء، وكلهم يشتركون فى وصمة واحدة، وهى غياب الضمير، وهذا الضمير الغائب يعود على الوطن والبلد وكل مكان بأخطر الأمراض الإنسانية والخسائر بجميع أنواعها، وضررهم على الأوطان أكبر، لأن غياب الضمير يجعلهم مثل الباعة الجائلين لأى شيء حتى الوطن والأهل والأصدقاء!!.. وما أزعجنى وجعلنى أكتب عنهم، أن أحوال الوطن والمواطن تستدعى أن ننتبه إليهم، وأن نحبط أعمالهم، فهؤلاء «الموحولون» ستجدهم يفعلون كل ما هو قبيح من أجل استمرار أرباحهم غير المشروعة، وعلى سبيل المثل وليس الحصر، هناك من يتمنى-ولو فى داخله-عدم استمرار نجاح خطة الحكومة لمعالجة سعر الصرف حتى تستمر أرباحه، أو يسعى لتحقيق الأرباح بغض النظر عن شرعيتها، وقس على ذلك هؤلاء المنتشرين فى وسائل التواصل الاجتماعى يقذفون الشرفاء بالطين، ويلوثون كل عمل ناجح، ويجدون لذة فى تضليل الناس من أجل مصالح شخصية، وإرضاء نفوس مريضة، ولا أعتقد أننى أبالغ فى ذلك، فقد حدث وكنت أتحدث مع الصديق المحترم الكاتب الصحفى أحمد بديوى حول كارثة تمت منذ سنوات، ولم أندهش عندما علمت أن سببها مجرد إشاعة أطلقها شخص ما، لن أطيل عليكم، ولو حدث وسألتموني: ومن هم الغارقون فى الطين؟، سأجيبكم بأنه كل مؤذٍ، وكل مصدر أذى بأى شكل وفى أى مكان.. اللهم احفظنا وأوطاننا، من كل سوء، وكل سيئ، وكل مسيء، وكل «موحول».. آمين.
الشيوخ.. وتغاير التيوس!
الثلاثاء:
أجمل شيء هذه الأيام أن صوت النعرات المذهبية لم يعد زاعقاً كما كان الأمر فى الماضي، وربما لا يعرف أحد، أو يقول، أنا شافعى أو حنبلى وغير ذلك، باستثناء أن يغلب على البلد الذى يعيش فيه العمل بأحد المذاهب، وجاءت فترات من الزمن ساد فيها الود، وصدق عليها كلام ابن حنبل عمن يخالفه: «وإن كان يخالفنا فى أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً»، وتخللتها فترات تحول الاختلاف إلى عراك دموي، وما يزعجنى هذه الأيام محاولة البعض إعادة تلك الإسطوانة، واستدعاء الملفات السوداء من جديد، بحيث يزداد الناس انقساماً على انقسام، والمتابع للسوشيال ميديا، سيجد بعض شيوخ السلفية، وهم يظهرون بغضاً للأشعرية!!، ولمن لا يعرف فعقيدة الأزهر هى الأشعرية، ومن هنا، ولن تستغرب، فستجد شيوخاً تنتفض كما لو لدغتهم عقرب، عندما يسمعون كلمة أشعري، ومنهم الشيخ عدوي، وقد تقرأ وتسمع حواراً بائساً من نوعية تحذير الألبانى من الشيخ متولى الشعراوي، لأنه أشعرى سيئ العقيدة، وتحذير بعض الوهابية من علماء الأزهر لأنهم أشاعرة، بل ويصل الأمر إلى التحذير من الأزهر نفسه، وأرى أن ذلك أمر يستدعى التوقف والتعامل، لأنه ضربة مباشرة لمنارة الوسطية والاعتدال، ومحاولة فاجرة لإعادة المذهبية والطائفية، بما يضر الأمن القومى لمصر والمنطقة، واسمحوا لى هنا بالإشارة إلى قضية خطيرة جداً تفتح دائماً الأبواب أمام عمل الشيطان، وهى الغيرة النارية بين الشيوخ بداية من قارئى القرآن البسطاء فى المعازى والمقابر، وحتى كبار العلماء، والحكايات لا حصر لها، ومنها حكاية شيوخ مصر الذين ألحوا على ابن تيمية، ولا أنسى أبداً كلام الإمام الذهبى بأنه لو شاء لحكى منها كراريس!!.. ولا يسلم شيوخ السلفية من الغيرة والتنازع، وبعضها مسجل بالصوت والصورة، وبالتالى فيجب إعمال العقل والبحث فى كلامهم عن بعضهم البعض، ودعونى أتخيل نفسى على المنبر وأنا أخطب فيهم، وأختم خطبتى بكلمات ابن عباس رضى الله عنه: «خذوا العلم حيث وجدتم، ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعض، فإنهم يتغايرون تغاير التيوس فى الزريبة».
احترسوا من مسابقات أجمل الأطفال!
الجمعة:
كم أتمنى لو دشن المجلس القومى للطفولة والأمومة مرصداً لمتابعة الممارسات الخاطئة الضارة بالطفل فى مواقع التواصل الاجتماعي، بما فيها وسائل الإعلام، وأتمنى لو تم إلزام كل المتعاملين مع الطفل بالحصول على شهادة تؤهلهم لتلك المهمة العظيمة، فكل كلمة، وكل حركة، لها تأثيرها فى نمو واتجاه وسلوك الطفل، ولا أتجاوز لو قلت إنها تشكل شخصيته وهو شاب، ثم وهو رجل كبير يقود الوطن فى المجالات المختلفة، وهذا ملخص غير وافٍ لحوار طويل مع صديقتى الأستاذة هويدا حافظ رئيس تحرير مجلة فارس، والمدربة الدولية فى صحافة الطفل، وكانت بدايته بوست على الفيس بوك، تدعو صاحبته للتصويت لابنها للحصول على لقب أجمل طفل فى حضانته، استغربت منه، ووصفته بأن اللقب سيربحه الطفل الذى تستطيع أمه حصد أكبر قدر من «اللايكات»، كما أنه نوع من التنمر باعتبار أن الخاسرين «وحشين»، وهو ما سيدمر نفسية أطفال آخرين، كما لا توجد قيمة يكتسبها الطفل من معيار الأجمل والأوحش، وليس الأشطر والأكفأ، أضم صوتى لها، وأدعو إلى الحذر فى التعامل مع الأطفال، لأن كل ما نزرعه سنحصده فى المستقبل!..
المؤامرة ضد الأهلى و«مو صلاح»!
الأحد:
تعرض النادى الأهلى لحملة إليكترونية مجهولة المصدر عندما بدأت، ونجحت للأسف فى جذب مجموعة من المصريين، تجرأوا على اتهام الأهلى بأنه باع القضية، وسفك دم أخوتنا من أهل غزة مقابل حفنة من المال، حصل عليه مقابل عقد رعاية من إحدى الشركات العالمية للمياه الغازية، ودعت الحملات الأهلى إلى غسل يديه من التورط فى دماء الشعب الفلسطيني، وأن يفعل مثل اتحاد كرة القدم الجزائرى ويفسخ عقد الرعاية، وما أزعجنى أن تلك الحملة التى تمثل أحد أوجه حروب الجيل الرابع، التى يحركها خبراء ذلك الكيان ضد مصر والمؤسسات الوطنية التى تضيء سماء العالم، فبعد أن سعوا بقوة للنيل من وطنية فخر مصر والعرب «مو صلاح»، انتقلوا لمرحلة تحطيم الصورة الوطنية لرمز الانتصار المصرى العالمى والاقليمي، متمثلاً فى النادى الأهلي، أتفهم جيداً كل تلك المشاعر الغاضبة التى لم تفهم حقيقة ما حدث، ولا المؤامرة التى تحدث، ولكننى لن أتفهم أبداً أن نردد الكلام دون أن نمرره على عقولنا، هل فكر أحدهم فى أن عقد رعاية الاتحاد الجزائرى مع تلك الشركة، تم فى شهر ديسمبر 2023، أى بعد الحملات الشيطانية للكيان الصهيونى على قطاع غزة، بينما عقد رعاية الأهلى سبق ذلك العدوان اليومى الغاشم على إخوتنا الفلسطينيين، وبالتالى لا تجوز المقارنة ولا المكايدة، كما أن شركة المياه الغازية، سبق ووقعت نفس العقود مع ناديى طولكرم، وأبناء حارة النصارى فى الضفة الغربية بفلسطين المحتلة، والمثير أن تلك الحملة تفتقد الذكاء، فهم يطالبون بفسخ التعاقد وسداد الشرط الجزائى مهما بلغ، وكأنهم يطلبون أن نسدد للشركة المبالغ التى يساندون بها الكيان الصهيوني، مع أن الأوقع والأجمل أن يتلقوا مبلغ الرعاية ليساعدوا به أهل غزة، وقد حدث ذلك بالفعل، ومن الممكن أن يتم بعدة صور أخرى، أو من أجل أن يسعدوهم، كما حدث عندما أحرز اللاعب الفلسطينى وسام أبو على هدفه التاريخى فى مباراة مازيمبى الأخيرة، احترسوا من الطابور الخامس الذى يسعى لتشويه أجمل ما فينا، وهى نجاحنا ووطنيتنا وحبنا للوطن.. احترسوا.. فليس كل ما يلمع من الكلمات أو الأشخاص له قيمة!!
د. نادر رياض.. وعائلة «أبو السباع»!
الخميس:
رغم سنوات عملى الطويلة فى الصحافة الاقتصادية، لم أحاول الاقتراب من رجال الأعمال، وكنت حريصاً على أن تكون هناك مسافة آمنة فى التعامل معهم، كانوا كلهم محل احترامي، وكل واحد يؤدى عمله باحترام وود متبادل، لا يفتح الباب أمام الدخول فى المنطقة الخطرة عندما تتداخل الدوائر، أو يتغول رجل الأعمال على الصحفى بأى طريقة لا تتفق مع مواثيق وأخلاقيات المهنة، أو يتطوع الصحفي-نفسه-فيمد يده أو يبيع قلمه وشرفه المهني، وأعترف أن هناك قلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، سمح لهم عقلى وقلبى واحترامى لنفسي، أن يكونوا فى المنطقة الخضراء بحياتي.. وبعضهم، إن لم يكن كلهم، لم تكن لى معهم لقاءات ولا اتصالات متبادلة، ومن هؤلاء القلة رجل من النوع الثقيل، سواء كإنسان أو كرجل أعمال من النوع النادر، وهو الدكتور نادر رياض، الذى يعتبر من تلك القلة التى يمكننى قبول هديتهم بكل سرور، بل وأنتظرها بشوق حتى أطمئن عليهم، وتخيلوا أن العلاقات مازالت قائمة، رغم أن المرة الأخيرة التى التقيته فيها، كانت بالعاصمة الألمانية برلين، فى ربيع عام2005، ومناسبة الكلام أننى تلقيت الأسبوع الماضى كتاباً يضم بين دفتيه سيرته الذاتية، هكذا كان عنوانها: «محطات فى حياة رجل الصناعة نادر رياض»، وبمجرد أن تسلمت الكتاب قرأت الصفحات، و»شاهدت» فيها سيرة حب، انتقلت من الحروف والكلمات إلى خيالي، وكأننى أشاهد مسلسلاً عن الحب والنجاح على مدار ثمانية عقود، هى تقريباً عمر ذلك الرجل، رحلة بدأت فى دمياط، إلى الظاهر ومصر الجديدة فى القاهرة، وتواصلت فى ألمانيا، قصة حب للعائلة الكبيرة للأب المهندس نصحي، والأم الست أليس عازر، وأبناء تبدأ أسماؤهم كلهم بحرف النون «ناجي.. نيللي.. نادر.. نائلة.. نزيه»، ومن عائلة «فايف إن» الكبيرة إلى العائلة الصغيرة، الزوجة منى عزيز رفيقة الكفاح، والأبناء أمير وماجى وساندرا، الكتاب يستحق القراءة، ففيه من قصص الحب الكثير، وأجملها تضحيات الأب «أبو السباع»، كما تعود أن ينادى الابن أباه الباشمهندس نصحي، والدروس المفيدة فى معانى الكفاح والتضحية والصبر على المرض، وفنون التعامل مع المرضى من البشر، وهو الدرس الذى انتهى به الكتاب الذى يستحق أن نقرأه لسيرة ذاتية لرجل يستحق أن نقدره، وهو أن ننسى ونسامح.
كلام توك توك:
الأسود لون جميل.. إلا فى القلب!
إليها:
ما يجمعنا عظيم.. متحابان فى الله.