حبر على ورق

تأملات فى السعادة والإيجابية

نوال مصطفى
نوال مصطفى

«فى هذا الكتاب المختصر فى كلماته، السريع فى عباراته، أحببت أن أتناول مفهومى السعادة والإيجابية من زوايا جديدة وظلال مختلفة، فوضعت مجموعة من التأملات الإدارية فى السعادة والإيجابية وتأثيرهما فى الإنجاز والإنتاج والإبداع والنجاح فى الحياة».

هذه بعض من سطور المقدمة لكتاب سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبى ورئيس مجلس وزراء دولة الإمارات العربية، وصاحب العديد من المبادرات التنموية العالمية البراقة، التى تستند إلى فكر إبداعى مثير، وحس إنسانى رفيع المستوى.

أهمها: مبادرة صناع الأمل، مبادرة تحدى القراءة، مبادرة تحدى الترجمة، وغيرها من المبادرات الإيجابية البناءة، التى تسعى إلى إسعاد الإنسان أيا كان جنسه أو دينه. وعلى قمة هؤلاء الإنسان العربى من الخليج إلى المحيط.

شيء جميل أن تقرأ كتابا يتناول أفكارا متوهجة تنطلق من أرضية الواقع إلى سماء الحلم، وأن تسحبك صفحاته بسلاسة وعمق لاكتشاف قصص محفزة، تجارب حية وملهمة، هذا الكتاب الذى فاجأنى، أسعدنى وشحن حواسى هو كتاب «تأملات فى السعادة والإيجابية» الذى كتبه سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

يسجل الكاتب عصارة تجربته الشخصية كقائد، ومحرك لشعب الإمارات الشقيق فى رحلة التطور والحداثة التى نجح فيها بكل المقاييس بما يفوق الوصف، ويتجاوز التوقعات.

أتوقف هنا عند بعض سطور هذا الكتاب الممتع:

هل تعلم تأثير السعادة فى الصحة، والوفر الذى يمكن أن تحققه الحكومات عندما يكون المجتمع صحيا؟ وتأثيرها فى إنتاجية الموظفين، وتأثير هذه الإنتاجية فى الناتج الاقتصادى، ومدى استفادة المجتمع من ذلك؟.

من يصدق أن رجلين فى خيمة فى الصحراء عام 1968 كان لديهما هدف بناء دولة متقدمة عالمية ومتطورة؟ من يتخيل أن رجلين كان لديهما التفاؤل والثقة الكافيان للنجاح فى تحويل إمارات متصالحة يسودها النظام القبلى ويتنازعها العوز وقلة العلم إلى دولة مؤسسات وأنظمة وسلطات وقوات نظامية وتعليم نظامى وجامعات؟ وكل ذلك فقط خلال سنوات، بل أكثر من ذلك، لم يكن طموحهما بناء دولة المؤسسات فحسب، بل كانا يريدان مدنهما أن تكون كمدن العالم الكبيرة التى زارها مرات قليلة. أليس كل ذلك تفاؤلا وإيجابية؟ تخيلوا لو أن زايد وراشد كانا قائدين سلبيين، أين ستكون دولة الإمارات اليوم؟ تخيلوا لو أنهما جلسا يعددان المشكلات والعقبات وضعف الإمكانات، ويلتمسان العذر فى قلة الإنجاز.

نحن صنعنا ظروفنا وصنعنا نجاحنا، ولا أقولها تفاخراً أو رداً على مقالات إعلامية، بل أقولها لتستمر أجيالنا بنفس الروح وبنفس الإصرار وبنفس العزيمة فى هذا الطريق. أكبر حظ حصلنا عليه هو الروح القتالية وروح التحدى التى تسرى فينا. أقول للشباب وللأجيال: إذا كنا إيجابيين فلابد أن نغير نظرتنا لمفهوم الحظ. الإنجازات والنجاحات ليست ضربة حظ. بل جد واجتهاد واستعداد وإيمان. وأقول لشبابنا: السماء لا تمطر ذهباً، والأرض لا تخبئ لكم كنوزاً، والفرص لا تنتظر من يستيقظون متأخراً. أقول لشبابنا حظكم الحقيقى ليس ما تحصلون عليه من مكافآت، بل ما أعطاكم الله من مواهب وقدرات وطاقات وإمكانات.

هذه الشابة مكفوفة، لم نكرمها لأنها استطاعت النجاح فى بيئة العمل، بل كرمناها لأنها متفوقة فى عملها، ومتفوقة على أقرانها، تعمل منار الحمادى محامية عن قضايا الدولة فى وزارة العدل، ولم تخسر أى قضية منذ توليها وظيفتها، فكرمناها». ويرى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن سرّ نجاح تلك الشابة فى «الإيجابية»، وتغيير نظرتها للحياة، وتغيير نظرتها لطاقاتها وإمكاناتها، وتغيير نظرتها لطبيعة التحديات التى تواجهها. هل تتخيلون كيف كان الوضع سيكون لو صرفت منار طاقتها فى الشكوى من وضعها والتذمر من حالتها وإلقاء اللوم على الآخرين أو على القدر؟ هل تتخيلون ما كان سيحدث لو استسلمت منار لأول تحدٍّ لها عندما كانت صغيرة فى مدرستها؟ هل كانت ستصل إلى ما وصلت إليه؟

أكبر نجاح لأى قائد ليس صناعة الإنجازات، بل صناعة الإنسان.

هذه لمحات سريعة من كتاب يستحق القراءة بتركيز، فهم، واستيعاب. ليس لأنه يحمل عصارة خبرة رجل استثنائى استطاع أن يصل بإمارته «دبى» إلى قمة النجاح والتقدم والحداثة. بل لأنه رجل يحمل قلب إنسان مهموم بقضايا الإنسان العربى فى كل مكان. تطور الإنسان ورفاهته مرتبطة بإنجازه وأسلوب تفكيره وهنا مربط الفرس.