عاجل

صدى الصوت

محاكمة «أحمد فريد» !

عمرو الديب
عمرو الديب

لم أخطط للعودة إليه مجدداً على الرغم من إعجابى بالبصمة الأحدث فى أفق إبداعه، ولكن لأنه مس وتراً حساساً، وضغط على جرح عميق فى نفوس المخلصين المنتمين إلى أوطانهم وجدتنى أعود إلى روايته الأحدث «شيطان الفضيلة» أعيد قراءتها، وأستعيد أحداثها، وأتأمل هذه المحاكمة الإبداعية الرائعة التى عقدها أديبنا الكبير  «أحمد فريد» لواحدةٍ من أقبح الرذائل البشرية، ألا وهى العقوق فى مختلف صوره، وشتى أشكاله، ولأننا نجتاز فى هذه الأيام مراحل فاصلة فى تاريخنا، وأوقاتاً مصيرية فى حياة أمتنا ، حيث اشتعلت منطقتنا بأكملها، وأضحى العالم ملتهباً على امتداده، يبدو العقوق فى هذه الآونة مؤلماً جداً، وللأسف ظهر بين ظهرانينا من يستخفون بفكرة الوطن، ويسخرون من قيم الانتماء، والإيثار، والفداء، وقد رفعت أبواق الشر المُوجهة من الخارج عقيرتها، وأطلقت صراخها المزعج، وهى تحاول نشر اليأس وبث السخط، وإشعال الغضب، وبلبلة الأذهان، وإرباك الأجيال الصاعدة بتسميم أفكارهم، وتحريضهم على عقوق أوطانهم، وذلك من وجهة نظرى أخطر أنواع العقوق، وهو شبيه بعقوق الوالدين أسوأ جريمةٍ قد يرتكبها إنسان، وقد اعتبر المتربصون بمصرنا، والموتورون من الخوارج أهل الشر أن إلقاء الناشئة، والصاعدين فى أخاديد العقوق، ومهاوى نكران الجميل هو طريقهم الأمثل للانتقام من البلاد التى كشفت عن جحودهم، وفضحت تآمرهم، وعمالتهم، ولفظتهم فى الثلاثين من يونيو عام 2013، ومع احتدام الأحداث، والتهاب المنطقة بأسرها ظن الخوارج، ومن وراءهم أن الوقت مناسب لإشعال الداخل، وتحريض الناشئة والصاعدين على وطنهم، ومؤسسات بلادهم، فأخذوا يطلقون صفير العقوق المزعج القبيح، وتصاعد نشيجهم المنفر فى وصلاتٍ مغرضةٍ دنيئٍة  آملين فى تسميم الأجواء، وبلبلة الأذهان، وفى مثل هذه الملابسات  شعرت بالحاجة إلى إعادة قراءة البصمة الأحدث فى أدب «أحمد فريد» فقد نجح عبر نسيج روائى مبدع  فى أن يدين العقوق فى صوره كلها، وأقبحها عقوق الأوطان.. تلك الجريمة الشنعاء يرتكبها الخوارج الجدد ليل نهار فى حق أوطانهم التى آوتهم، وأحتضنتهم، فغرسوا أظافرهم فى لحمها، وطعنوا بخناجرهم ظهرها، وراحوا يحرضون الآخرين على العقوق، وجحود الانتماء إليها، وربما يشعر من تؤرقه مشاهد العقوق هذه الأيام ببعض السلوى والعزاء عندما يعكف على رواية «شيطان الفضيلة» للأديب الكبير «أحمد فريد» الذى حاول على مدى رحلته الإبداعية الممتدة أن يشهر قلمه فى وجه القبح والانحطاط وأن يكون نصيراً لقيم النبل والحق والخير والجمال.