رسائل الميلاد

البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية
البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية

أهنئكم جميعاً بعيد الميلاد المجيد وبداية عام جديد 2024 وأود أن أرسل كل التهنئة من أرض مصر إلى كل الايبارشيات والكنائس القبطية الموجودة فى كل المسكونة فى أفريقيا وآسيا وأوروبا وأستراليا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية.

أود أن أهنئكم جميعاً باسم المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وباسم كل الأقباط الذين فى مصر نهنئ الجميع بعيد الميلاد المجيد بحسب التقويم الشرقى، وبحسب السنة القبطية سنة الشهداء والذى نحتفل به يوم 29 كيهك من كل عام.

فى عيد الميلاد نتقابل مع مواقف كثيرة، ولكن من أشهر المواقف الموجودة فى هذا العيد أننا ننادى بحسب النبوة أن بيت لحم ليست الصغرى فى يهوذا ميخا) (۵ (2) بيت لحم قرية صغيرة مغمورة غير معروفة بالمرة، ولكنها صارت أشهر قرية فى العالم، وصارت تفتخر بميلاد السيد المسيح على أرضها وفى هذا المزود الصغير وكلمة «الصغرى» تلفت نظرنا إلى الأشياء الصغيرة فى قصة الميلاد.

أولاً: أننا نتقابل مع النجم، والنجم كما نعلم انه فى السماء يبدو صغيراً جداً بحسب رؤيتنا على الأرض. ولكن نجم الميلاد كان له أكثر من صفة أنه يتحرك ثم يتوقف عندما يتوقف المجوس للراحة فى أثناء رحلتهم الطويلة.

كان النجم مرشداً وهادياً للمجوس الذين أتوا من بلاد المشرق لكى ما يقدموا هداياهم الذهب واللبان والمر. لكن ما يهمنا فى هذا الأمر وجود النجم الذى يرفع نظرنا إلى السماء إنه يشير إلى الحياة السماوية كأن قصة الميلاد تبدو بهذا النجم وهى ترسل رسالة نحو الذين على الأرض أن تكون حياتهم سماوية والحياة السماوية حياة مضيئة، ونحتاجها على الأرض كثيراً. فالأرض تمتلئ بالخطية والشر والمفاسد الكثيرة.

عندما يرتفع الإنسان إلى فوق محلقاً كالنجم يصير مثيراً. هذه هى الحياة السماوية القديس يوحنا ذهبى الفم له عبارة رائعة يقول: أن تكون شمساً أو قمراً أو حتى نجماً، المهم أن تكون فى السماء «فالشمس ترمز للإنسان المشهور جداً، والقمر للأقل شهرة والنجم للإنسان المغمور مثل نجم الميلاد أو مثل قرية بيت لحم. المهم أن يعيش الإنسان حياته فى السماء.

الأمر الثانى: والذى نراه فى مواقف الميلاد ومشاهد الميلاد حسب التقليد القديم هو شجرة الميلاد؛ شجرة الميلاد شجرة دائمة الخضرة تذكرنا بالمزمور الأول الذى نصليه كفاتحة للمزامير عندما نقول عن الإنسان الذى يسير فى طريق الله انه يكون كالشجرة المغروسة على مجارى المياه التى تعطى ثمرها فى حينه وورقها لا يندثر وكل ما يصنعه ينجح» (مزمور ) ۱ (3) الشجرة ترسل لنا رسالة أن تكون حياتك مثمرة؛ حياتك طول العام مثمرة بالفضيلة ومثمرة بالسيرة الحسنة، أو مثمرة بالعلاقات الطيبة نحو كل إنسان، وأيضاً شجرة الميلاد شجرة ثابتة فى الأرض تعلمنا الثبات والنمو. كما أنها دائماً ترمز إلى السماء فهى ترنو إلى السماء من عام إلى عام، وعندما تنمو ترفع رقيها وقلبها إلى السماء.

الأمر الثالث فى رسائل الميلاد العديدة نتقابل مع قرية بيت لحم. عندما ذهب القديس يوسف النجار مع أمنا القديسة مريم ولم يجدا مكاناً فى بيت لحم بسبب الإحصاء والتعداد الذى كان موجوداً فى ذلك الوقت. نرى أن بيت لحم كلها كانت مزدحمة، ليس فيها مكان، ولكن صاحب البيت أشار عليهما بوجود المزود. لم نكن نعلم أن المزود يمكن أن يكون مكانا للضيافة. فهو للحيوانات فقط، ولكن أشار عليهما بوجود المزود، وتجنب أن يقول لهما ليس عندى مكان هنا ظهرت صورة الإنسان الخادم أو الحياة الخادمة.

الحياة الخادمة التى تخدم الآخرين يجب أن تتجنب أن تقول: ليس عندى، أو لا يوجد، أو كلمة لا هو أوجد هذا المزود، ونحن نطلق عليه مزود، ولكنه حظيرة للحيوانات للثور وللحمار ولبعض الحيوانات الأخرى. وهذا المزود صار مكاناً دافئاً منيراً لامعاً مشهوراً فى العالم كله. وصارت هناك خدمة قدمها صاحب البيت ولا نعرف اسمه ولكنه قدمها بمحبة وحل مشكلة الخادم هو الذى يستطيع أن يحل مشكلة ويتجنب دائماً أن يرفض طلباً لخدمة الآخرين أو مساعدة الآخرين ولذلك صارت بيت لحم ليست الصغرى فى يهوذا، انها صارت مشهورة فى العالم كله.

هذه هى رسائل الميلاد النجم يرمز إلى الحياة السماوية، والشجرة ترمز الى الحياة المثمرة، والمزود يرمز إلى الحياة الخادمة هذه الرسائل أود أن أقدمها الى الجميع فى كل كنيسة وفى كل إيبارشية، ولكل الآباء الأساقفة والآباء المطارنة والأباء الكهنة ومجالس الكنائس والشمامسة، ولكل الشعب ومنهم الشباب والأطفال فى كل كنيسة وفى كل مكان يتواجد فيه الأقباط وهم يحتفلون بعيد الميلاد فى هذا اليوم.

تحياتى ومحبتى لكم جميعاً من أرض مصر، من أرض القديس مارمرقس كاروز بلادنا العزيزة أهنئكم جميعاً وأرجو لكم كل خير فى العام الجديد.