نحن والعالم

أول الغيث

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

موافقة إسرائيل على المثول أمام محكمة العدل الدولية لمواجهة الدعوى التى رفعتها ضدها جنوب إفريقيا لارتكابها أعمال إبادة جماعية فى غزة، كانت مفاجأة للجميع، خاصة انه لا يتسق مع سمعة تل أبيب السيئة فيما يخص احترام القوانين والقواعد الإنسانية ونهجها المتعارف عليه فى ازدراء المؤسسات الدولية والتعالى على قراراتها.

وتريد إسرائيل بهذه الموافقة تحسين صورتها وتخفيف الضغط الدولى المتزايد عليها، وتعول على طول أمد مثل هذه المحاكمات التى يمكن أن تمتد لسنوات كحال القضية التى رفعتها جامبيا ضد ميانمار للفظائع التى ارتكبتها ضد شعب الروهينجا والتى مازالت المحكمة تتداولها منذ 2019.

من جانبها تعوّل جنوب إفريقيا على ثقل ونزاهة محكمة العدل الدولية والتى تفتقد فيها إسرائيل الحصانة التى تمنحها لها الولايات المتحدة فى مجلس الأمن.

وقد حاولت من جانبها استباق سيناريو التطويل الذى تراهن عليه تل أبيب بالمطالبة فى دعوتها بتسريع الإجراءات وإصدار حكم طارئ على غرار ما حدث مع كييف عندما أصدرت المحكمة فى مارس 2022، اى بعد شهر واحد من اندلاع الحرب الاوكرانية، حكماً بوقف العمليات العسكرية الروسية. 

رغم ذلك يبقى عائق التنفيذ. فرغم ان النظام الأساسى لمحكمة العدل ينص على أن قرارها نهائى وغير قابل للاستئناف، لكنها تفتقر لسلطة التنفيذ، وتعتمد على امتثال الدولة الخاضعة للحكم أو آليات الضغط التى يفرضها الدول الأعضاء الأخرون. ولهذا يتم أحيانا تجاهل أحكامها دون عواقب كما حدث فى الحرب الروسية التى مازالت مستمرة رغم صدور الحكم منذ ما يقرب من عامين.

لكن حتى لو لم يؤثر الحكم على الحرب، حال صدوره لصالح الفلسطينيين، يكفى أنه سيمثّل سابقة تاريخية من شأنها إحراج أمريكا وزيادة الضغوط على إسرائيل. واذا كان «اول الغيث قطرة» فقد يشكّل الحكم مقدمة لتداعيات أكبر تشمل عقوبات وتدابير تتخذها الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى ضد الاحتلال الإسرائيلى. كما أنه قد يفتح الباب أمام العديد من الدعاوى القضائية التى يمكن أن يقيمها أعضاء آخرون فى الأمم المتحدة يرفضون الانتهاكات الإسرائيلية.