من الأعماق

المكالمة انتهت!!

جمال حسين
جمال حسين

هل ينتهي قريبًا شهر العسل الدائم بين بايدن ونتنياهو؟ وهل ترفع أمريكا يدها قليلًا عن إسرائيل؛ لحفظ ماء وجهها أمام المجتمع العالمي الرافض لدعمها المُطلق لإسرائيل، ماليًا وعسكريًا وأُمميًا، رغم قدرتها على إنهاء الحرب؟!

هل أصبح بايدن يخشى على شعبيته ومُستقبله السياسى الذى بات على المحك بسبب مواقفه من حرب الإبادة التى يتعرَّض لها الشعب الفلسطينى، ويُحاول اللحاق بالسباق الانتخابى قبل فوات الأوان؟!

كل ذلك يبدو فى الأفق على استحياءٍ على طريقة «بحبك ومش قادر على بُعدك بس ما تضيعنيش !!».. وسائل الإعلام العالميَّة تتحدَّث عن تلك المُكالمة العاصفة التى تمَّت بين بايدن ونتنياهو، الأسبوع الماضى، والتى عنَّف خلالها بايدن نتنياهو؛ لقيامه بحجب أموال الضرائب المُخصَّصة للسلطة الفلسطينيَّة، طبقًا لاتفاقية أوسلو بسبب حرب غزَّة، لتأديب الشعب الفلسطينى.. وتُمثِّل أموال الضرائب التى تجمعها إسرائيل للسلطة الفلسطينيَّة، بموجب اتفاق أوسلو، مصدرًا رئيسيًا للدخل للسلطة الفلسطينيَّة التى تعانى من أزمةٍ ماليةٍ طاحنةٍ.. طلب بايدن من نتنياهو بحِدّة سرعة الإفراج عن كامل تحويلات أموال الضرائب التى حجبها عن السلطة الفلسطينيَّة، وقال له بنبرةٍ غاضبةٍ، بعد محادثةٍ وُصفت بأنها صعبة ومُحبطة استمرت ٤٥ دقيقة: «المكالمة انتهت»!!

مسئولٌ أمريكى قال إن هذه المُكالمة كانت من أصعب المُكالمات التى أجراها بايدن مع نتنياهو منذ بداية حرب غزَّة، وهى علامة على التوترات المُتزايدة بينهما..

نعم يبدو أن حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى أصبحت شوكة فى حلق بايدن، يُلاحقه بها الأمريكيون أينما ذهب، لذلك طلب من نتنياهو أن يُواجه المُتشدِّدين فى ائتلافه الحاكم بشأن هذه القضية، مثلما يتعامل هو مع الضغط السياسى من الكونجرس بشأن جرائم الحرب فى غزَّة، وأنه يتوقَّع منه أن يحل هذه القضية سريعًا.

وذكرت مصادر أمريكيَّة أنه بعد ساعات من هذه المُكالمة توجَّه الوزير الإسرائيلى رون ديرمر إلى البيت الأبيض، وعقد اجتماعًا مع مستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان، وأبلغه بأن مسألة تحويل عائدات الضرائب إلى السلطة الفلسطينيَّة فى طريقها إلى الحل !!

مصادر استخباراتيَّة ألمحت إلى أن الرئيس الأمريكى بايدن قرَّر أن يرفع يده قليلًا عن الدعم المُطلق لنتنياهو بعد الهجوم العنيف عليه من الأمريكيين أنفسهم، ويُفضِّل الآن أن يتعامل مع العدوان الإسرائيلى على غزَّة بالتنسيق مع دول «العيون الخمس» وليس منفردًا، وذلك فى رسالة ذات دلالة إلى تل أبيب..

ومجموعة دول «العيون الخمس» التى تُعرف باسم «Five Eyes»، هى تجمع الحلفاء الأشد قُربًا من الولايات المتحدة الأمريكيَّة؛ وهى المملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا..

وخلال اجتماع لهذا التحالف مُؤخَّرًا قال بايدن إنَّ الإسرائيليين بدأوا يفقدون الدعم الدولى، وحث نتنياهو على تغيير تركيبة الحكومة، مؤكدًا أن تلك الحكومة تُعارض حل الدولتين، مما يجعل سلامة الشعب اليهودى على المحك حرفيًا..

وقال لقادة إسرائيل: لا ترتكبوا أخطاءً ارتكبناها نحن فى ١١ سبتمبر، فلم يكن هناك مبرّرٌ لفعل أشياء كثيرة كاحتلال أفغانستان..

وعلى النهج نفسه سار رؤساء وزراء كل من: كندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، وطالبوا فى بيانٍ مشترك بوقفٍ دائمٍ لإطلاق النار فى غزَّة، مؤكِّدين أنه لا يُمكن أن تكون المعاناة المستمرة لجميع المدنيين الفلسطينيين هى ثمن هزيمة حماس !!

والسؤال الذى يطرح نفسه الآن: هل يُوثِّر انخفاض شعبية بايدن إلى أدنى مستوى بنسبة٤٠٪، بسبب حرب غزَّة فى التخلِّى عن دعمه المُطلق لإسرائيل والسعى لوقف إطلاق النار؟
قولًا واحدًا الإجابة «لا» لن يُؤثِّر.. فموقفه من الحرب، رغم قدرته على إنهائها، يُثبت أنه أكثر دمويةً من نتنياهو!!