البعض من غير ما يكون لديه إدراج أو وعى كافى يبدأ فى منح الآخرين بعض العطاء بزيادة و بكثافة عن اللزوم أو من غير سؤال الآخر هل تريد من المزيد أم لا، أو حتى سؤاله عن احتياجاته؟؟ و يكون ذلك ليس على المستوى الإنسانى فقط أو من خلال العلاقات الانسانية، ولكن تظهر فى كل مواقف حياته سواء فى المحيط الأسرى أو المجال العملى أو فى دائرة الأصدقاء، بمعنى أبسط و أوضح أنه يبدأ دائما بالمبادرة لمساعدة الأفراد وإعطاء المعلومة ومنحهم رعاية وثقة وتعامل طيب دون حتى ما يطلب منه أى فرد هذا العطاء.. دائما هو المعطى و المبادر هل هذا أمر طبيعي ؟؟ هل هذا شخص طيب و مسالم لأبعد الحدود ؟؟.. أراك عزيزى القارئ تجاوب الآن بنعم ، و لو اختلفت إجابتك قليلا سوف يكون الرد أنه إنسان ساذج .. إنى آسفة إذا كنت سوف أصدم سيادتك بالإجابة وهى لا، إنه ليس شخص ساذج أو مسالم أو طيب بزيادة.. هو شخص متعطش للإحتياج و بزيادة.
يقول علماء النفس و الإجتماع أن أى فرد يمنح اهتمام وعطاء ومساعدة بزيادة فهو فى أشد الحاجة إليها، إنه يرغب فى تعامل الأفراد معه من منظور هذا المنطق دائما، منتظر العطاء بمثل الطريقة التى أعطى بها، فهو فى أشد الحاجة للمعاملة بالمثل، يعطى اهتمام لأنه مفتقد الاهتمام، يعطى حب لأنه مفتقد الحب، يعطى مساعدة لأنه يفتقد فى حياته إلى من ساعده.. هذا الشخص المفرط فى مشاعره يعبر عنها بطريقة ما، يحاول أن يوصل للآخرين أنه متعطش لهذه المشاعر ويرغب فيها، و كلما كان عطائه زائد كلما كانت رغبته أشد.. هناك صوت داخله يصرخ أنه متعطش للمشاعر الإنسانية، وطبعا نتيجة لفقدانه هذه المشاعر و فى نفس الوقت هو لا يعلم أنه مريض ويحتاج إلى العلاج النفسى، يبدأ فى رسم مواقف وخيال وقصص وحكايات من وحى خياله هو فقط بأن جميع الأطراف لابد من معاملتها بنفس الطريقة، وليس هذا فقط، ولكن يريد دائما المزيد، يريد من الأفراد المحيطين به التعامل بمشاعر مفرطة مثله و يمكن أكثر كمان.. إنه يعطى لأنه محتاج، وهذا النوع من الأفراد يحتاج أن يحب نفسه هو أولا قبل أى فرد آخر، يحتاج أن يقدر قيمة نفسه ويشعر بأهميتها ولكنه ضل الطريق ويبحث عن نفسه فى عيون الآخرين ويبحث عن قيمته فى تعاملاتهم، وللآسف تكون هنا الصدمة، لأنه بالتالى لا يلقى ذلك الاهتمام الذى رسمه فى خياله.. وبالطبع ليس كونه إنسان معطاء وطيب محب للخير، إنه إنسان مريض ويحتاج للمساعدة، ولكن إذا كان هذا الإفراط فى غير محله ومع كل البشر وبزيادة، ويكون فى المقابل تم إيذائه أكثر من مرة وهو لم يتغير ولم يحاول سؤال نفسه “لماذا يحدث ذلك معى واستمر على صفاته هنا تدق أجراس الخطر لابد أن ينتبه.. أنت ليس بفرد طيب أنت محتاج ومتعطش للاهتمام وتحاول أن تحصل عليه بأى طريقة .
هنا نلاحظ أن طرق العلاج بسيطة جدا وسهلة، ولكن من الصعب على هذا النوع من الأفراد اكتشافها، وهى أن تكون معتدلا فى مشاعرك، أو بمعنى أوضح ليس المبادر فى كل موقف انتظر قليلا وأعطى فرصة لنفسك أولا ولعقلك ثانيا، أن تأخذ قسط من الراحة والتأمل والبحث عن إسعاد نفسك.. يطلق عليها البعض (استراحة محارب) لا تحارب لكى تصل إلى مشاعر إنسانية معينة من أى شخص.. المشاعر الإنسانية لا اجتهاد فيها ولا حيلة، وإذا كنت ترغب بشكل حقيقى فى الحصول عليها إبدأ بنفسك أنت.. اعطى نفسك الحب وأعرف قيمتها واعمل دائما على علو شأنها والترفع عن أى مضايقات أو مشاحنات تقلل من سلامك النفسى وهدوئك وتسامحك مع ذاتك، إذا وصلت لهذه النقطة وتفهمتها جيدا سوف تلقى كل الاهتمام والحب والعطاء والمساعدة من الآخرين دون أن تطلب أو تمنحهم إياها.. انت من تجعل من شأنك إلى الأفضل وليس أى فرد آخر.. ومن هنا تأتي البداية الجديدة فى تعاملك مع نفسك أولا، وبالتالى سوف تنعكس على طريقة تعامل الآخرين معك .
بداية جديدة ..