إنها مصر

«وصلتم متأخرين» !

كرم جبر
كرم جبر

الخطر سيكون رهيباً إذا أغرقت الأنفاق بمياه البحر، وقد تغرق غزة كلها، وتبتلع المياه شوارعها ومبانيها وكل شيء فيها، إذا تم ضخها بكميات ضخمة، وأقل الأضرار هو أن تتسرب مياه البحر المالحة إلى المياه الجوفية العذبة، فتجعلها غير صالحة للحياة.

وبعد اكتشاف النفق الأكبر، الذى تزعم إسرائيل أنه يمتد 4 كيلومترات بعمق 50 متراً، تتحدث عن شبكة رهيبة تطلق عليها «مترو غزة»، متشعبة تحت الأرض بطول 500 كيلومتر، بما يعادل نصف طول مترو الأنفاق فى نيويورك.

وجهزت إسرائيل بالفعل خمس مضخات على البحر المتوسط شمال مخيم الشاطئ للاجئين، استعداداً لضخ آلاف الأمتار من المياه داخل الأنفاق بواسطة أنابيب متصلة بالبحر.

والمخاطر رهيبة:

فالأنفاق منحوتة فى الرمال، وقد يحتاج تدميرها إغراقها عدة مرات، فتتسرب إلى المياه الجوفية العذبة وتفسدها، وتحدث انهيارات فى الطبقات الرخوة تحت الأرض وفوق الأرض.

والمنطقة وفقاً لتحذيرات كثيرة، لها تاريخ من النشاط الزلزالى، وقد يعاود نشاطه إذا كانت كمية المياه بآلاف الأمتار المكعبة، ويحدث دمار شامل لغزة ويصل إلى إسرائيل نفسها.

وقادة حماس يقولون إن بناء الأنفاق تم بمواصفات هندسية، وضعت فى اعتبارها جميع الاحتمالات بما فى ذلك ضخ المياه.

وإسرائيل تطمئن سكانها بأن ملوحة مياه البحر لن تؤثر على المياه الجوفية العذبة، لأن مسارها من إسرائيل إلى غزة وليس العكس، «ولا يمكن التأكد من صحة ذلك».

أما الولايات المتحدة فتحذر إسرائيل «برفق»، وتنصح باتخاذ وسائل أخرى أهمها أسلحة تزودها بها لتطهير الأنفاق، بجانب استخدام الكلاب المدربة والروبوتات.

واختلطت الحقائق بالأكاذيب:

فالنفق الأكبر الذى تم اكتشافه، تزعم إسرائيل أنه مدينة كاملة المرافق والخدمات تحت الأرض، وبداخله بنية تحتية للصرف الصحى والمياه والكهرباء والاتصالات، والأبواب الصلبة التى تمنع اختراقه علاوة على التجهيزات العسكرية الكاملة، وتتحرك المركبات بداخله بسهولة، واستخدمت فى حفره مواد لم يتم الكشف عنها.

وتم استخدامه - حسب تصريحات قادة حماس - فى هجوم «طوفان الأقصى»، ونشرت كتائب عز الدين القسام فيديو للجيش الإسرائيلى داخل النفق، مع عبارة «لقد وصلتم متأخرين.. تم إنجاز المهمة».

إسرائيل مشغولة فقط بالإفراج عن الرهائن، والتوصل إلى هدنة تتيح ذلك، وحماس تدرك جيداً أن ورقة الضغط المؤثرة فى يدها هى الرهائن، وإذا أفرجت عنهم منحت إسرائيل تفويضاً باستكمال هدم وتدمير غزة، دون خوف من قتل الرهائن.

وأصبحت الأزمة فوق صفيح ساخن، وتتسع رقعتها بعد هجمات الحوثيين، وإعلان الولايات المتحدة إطلاق عملية متعددة الجنسيات فى البحر الأحمر، تتكون من بريطانيا وكندا وفرنسا وهولندا والنرويج وإسبانيا والبحرين، والقيام بدوريات مشتركة لحماية السفن.

فهل توجد فى نهاية هذه الأنفاق المظلمة نقطة ضوء؟