حبر على ورق

الأوبرا.. الواحة الجميلة

نوال مصطفى
نوال مصطفى

من قال إن الفن الجميل قد ذهب بعيدًا إلى غير رجعة؟ من قال إننا كمصريين فقدنا الإحساس باللحن الجميل، والموسيقى الراقية التى تنعش الروح، وتسمو بالمشاعر؟ أدعو من يفكر بهذه الطريقة إلى زيارة واحدة لدار الأوبرا المصرية والاستمتاع بواحدة من أمسياتها البديعة حيث يتجلى الفن فى تنويعات مختلفة، حفلات موسيقى عربية، وأخرى غربية. عروض باليه، حفلات ريسيتال يتحاور فيها أكثر من فنان بأكثر من آلة موسيقية فى أداء مدهش يجعلك تنفصل عن حماقات الحياة ومشاكلها وتتوحد من النغمات والألحان التى تسمو بروحك.

ربما تكون فسحة جميلة، لكنها عندى نوع من التطهر، غسيل النفس من شوائب الحياة الصعبة، ومشاكل الدنيا التى تزداد وتيرتها حدة يوما بعد يوم. كنت على موعد مع الجمال عندما دعانى الموسيقار العالمى كريم جوهر إلى حفل ريسيتال بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، ترافقه فراشة الفلوت الدكتورة رانيا يحيى.

قدم الفنان البارع عزفا مبدعا من خلال ريسيتال بيانو شرقى، ألحانا عاشت فى ذاكرتنا حية، نابضة رغم مرور السنين. لكنه أدخل عليها توزيعا جديدا، وأضاف إليها من روحه فحلق بنا بعيدا ونحن ندندن مع عزفه البديع. الصالة كانت مليئة بمحبى الفن الأصيل، الكثير منهم رفع الموبايل ليصور فيديوهات للفنان الذى يذوب ويتوحد مع مفاتيح البيانو فى مشهد مبهر.

سواح ألحان بليغ حمدى، أول همسة لفريد الأطرش، طير بينا يا قلبى لمحمد فوزى، فى يوم وليلة لمحمد عبد الوهاب، وحياة عينيك لكمال الطويل، مصر بتتكلم لكريم جوهر، لا تكذبى لمحمد عبد الوهاب، التوبة لبليغ حمدى، نسم علينا الهوا للأخوان رحبانى، بكره تعرف لمحمد سلطان، بهجة لكريم جوهر، خايف مرة أحب لبليغ حمدى، مالى وأنا مالى لبليغ حمدى، أقوى من الزمان لعمار الشريعى.

الموسيقار كريم جوهر حصل على العديد من الجوائز العالمية، منها المركز الأول على العالم فى العزف على آلة البيانو فى مهرجان الموسيقى العالمى بطوكيو عام 1988، والمركز الثالث على العالم فى التأليف الموسيقى بنفس المهرجان والمركز الثالث على العالم فى العزف على آلة البيانو بلندن عام 2002.

من أهم ألحانه أغنية «جوة القلب» للفنانة ريهام عبد الحكيم وأهم مؤلفاته الموسيقية مصر بتتكلم، إسبانى شرقى، حياة، أول حب، فرح، رومانسية، سينيوريتا، غرام، بهجة.

نصيحتى اذهبوا إلى الأوبرا، اختاروا نوع الموسيقى التى تحلق بكم فى سماوات الجمال والمتعة، سوف تستعيدون أجزاء غالية من أنفسكم غمرها صدأ الروتين، وأضناها اللهاث فى معركة الحياة، اعطوا أنفسكم هدية، مكافأة «تذكرة فى حفل موسيقى فى الأوبرا» ولن تندموا أبدا. وسوف يتسلل إليكم اليقين بأن فى الفن حياة.

قرأت قصة طريفة بطلها عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينيشتاين. كان ألبرت فى زيارة إلى اليابان لإلقاء محاضرة فى إحدى جامعاتها، وعندما وصل إلى الفندق لم يجد فى محفظته نقود صغيرة يدفعها لحامل حقيبته، ففكر فى أن يكتب له جملتين بخط يده، ويهديه تلك الورقتين الصغيرتين عوضا عن البقشيش، كتب فى الورقة الأولى «روشتة السعادة.. الحياة الهادئة البسيطة، المتواضعة هى التى تجلب لك السعادة، الحياة المليئة بالصراع واللهاث من أجل تحقيق النجاح تلو الآخر تخلق التوتر والقلق» أما الورقة الثانية فكتب فيها:

«if there is a will there is a way»

وقال أينشتاين لحامل الحقائب: خذ هذه.. ربما تحقق لك ثروة فيما بعد. وهذا ما حدث فعلا عندما عرض الرجل الورقتين فى مزاد فى لندن، وباعهما بمبلغ خرافى مليون وثلاثمائة ألف دولار!