أمس واليوم وغدًا

عصام السباعي يكتب: بلد يصنع التاريخ

عصام السباعي
عصام السباعي

أنا من جماعة المؤمنين بعظمة وتميز الشعب المصري العظيم، وربما لن يتقبل بعض الحاقدين كلامي، أو ظن البعض أن فيه «شيفونية» مقيتة، ولكنها الحقيقة التي  سجلها التاريخ، ومازال يسجلها حتى الآن عبر العقود والأزمان، هنا وعلى تلك الأرض المباركة صنع المصريون حضارتهم، وغزلوا ثقافتهم، وغزوا بها العالم، ومنها أشرق فجر الضمير على العالم، وتعلم منها الاقتصاد والحساب والحكمة والفلك والبناء والعمارة وكل صنوف الحضارة، وفي تلك السنوات كما في الحقب السابقة، تحتل مصر وشعبها فقرات رئيسية في تاريخ العالم، والمؤكد أنه ستتكشف منه فقرات أخرى في المستقبل، سيسجلها كاتب التاريخ عن قدرة المصريين على مواجهة الأزمات، ووأد المؤامرات، واحتواء المخاطر، وقد عشنا تلك اللحظات في الفترة من بعد 2011، وواجهنا بعدها الإرهاب الأسود بعد ثورة 30 يونيو، وتجاوزنا كل هذه الصعاب بالتزامن مع إعادة إنشاء البنية الأساسية لدولة كانت قد «شاخت» ومالت بفعل فاعل، ونجح المصريون كعادتهم في استعادة جزء كبير مما راح، وتجنب أشياء كثيرة كادت أن تروح .

الانتخابات الرئاسية إنجاز كبير في حد ذاتها، وشاهد على إنجازات متعددة، يأتي في مقدمتها التلاحم والتضامن والتوافق الوطني، وقامت بترسيخ البنى الأساسية المهمة وغير المنظورة في الوجدان والوعي المصري، وخاصة ما يتعلق بتجديد الثقة في القيادة والمسار، واستمرار شعلة الأمل والتفاؤل، وأعتقد وأكاد أجزم أن المرحلة القادمة هي أصعب مراحل العمل الوطني، وأقول ذلك برغم صعوبة العقبات التي تجاوزناها بالفعل في الفترة الماضية، ويكفينا نظرة واحدة لخريطة المنطقة، وأحداثها أو بالأحرى براكينها المشتعلة في غزة والسودان وليبيا، والأوضاع الملتهبة في ينابيع الحضارة في المنطقة، وتوضح كلها لأي عاقل قيمة الإنجازات التي تحققت خلال السنوات التسع الماضية، والصورة المشرقة التي خرجنا بها من انتخابات الرئاسة، والتحديات التي يجب أن نتصدي لها، دون أن ننجرف وراء أي مخرب يريد أن يجعلنا نسقط في بحر التشاؤم والإحباط .

نعم.. صعوبات المرحلة القادمة تختلف تماما عما مضى، ولكننا قادرون على مواجهتها والتصدي لها، ومستعدون في نفس الوقت لجني ثمار عمل وتعب السنوات التسع الماضية، وللأمانة فقد أنجزنا الكثير، ولكن قطف الثمار يحتاج لسنوات وسنوات حتى يراه الناس بين أيديهم، حيث كانت كل الخطط بعيدة المدي والنظر والهدف، ولا يمكن أن يتخيل عاقل أننا سنزرع اليوم ثم سنقوم  بقطف الثمار في اليوم التالي، أو أننا سننشيء المصانع في الصباح، وسنجدها قد بدأت في المساء، وما أتوقعه أن مرحلة الحصاد قد اقتربت، لأن الاقتصاد المصري أصبح مستعدا للانطلاق، برغم كل الصعوبات التي نواجهها والتي قد تظهر لنا هنا وهناك، ولن يكون ذلك أمرا جديدا على شعب مصر العظيم، وقدرته العجيبة على مواجهة المستحيل فما دونه، وإرادته الرهيبة في تجاوز العقبات وتصحيح الأخطاء التي من الطبيعي أن تحدث، وكذلك صبره غير المحدود من أجل حماية أرضه وعرضه، ونجاحاته مشهودة في أن يبني بيد، ويده الأخرى تحمل السلاح، تحارب المعتدي والإرهابي وكل متجاوز في حق الوطن . 

مبروك لمصر وكل المصريين على ذلك الاستحقاق الدستوري الذي يمثل أهم لوجستيات الانطلاق نحو الجمهورية الجديدة، والعهد المرتقب بزعامة رجل وثق فيه الشعب وفوضه، وفي ظل وفاق واتفاق وطني يدعمه، ومواقع للعمل أصبحت جاهزة للانطلاق، وجيش عظيم يحمي الشعب ويحفظ مقدراته ومقدساته، وليكن معلوما لنا جميعا أنها مرحلة عمل وجد وتعب وابتكار، مرحلة إنتاج وتصدير، مرحلة الاكتفاء الذاتي بأقصي قدر نستطيعه من معظم الاحتياجات، مرحلة أن نحفظ أمننا القومي بما ننتجه ونصنعه ونصدره، مرحلة الإيمان بقدراتنا والثقة في قيادتنا، مرحلة الطموح والتفاؤل بالغد المشرق، مرحلة لا نعرف فيها التشاؤم ولا أهله، إنه عهد الغد المشرق بإذن الله.
ودوماً ودائماً وأبداً.. تحيا مصر. 

◄ بوكس

احترسوا من الذباب الإلكتروني الذي يحاول نشر التشاؤم والإحباط بيننا، ويزرع اللون الأسود في عيوننا، عندما تصادفونهم ضعوهم في مكانهم الطبيعي «سلة المهملات».