مافيا المخدرات تسيطر على شوارع فرنسا

مكافحة المخدرات في فرنسا
مكافحة المخدرات في فرنسا

مي‭ ‬السيد

شهدت فرنسا خلال الأيام الماضية، أحداث قتل وصراعات وإطلاق نار بين كبار شبكات المافيا، وذلك فى عدة مدن مختلفة بسبب تهريب المخدرات، والخلاف على السيطرة على أماكن البيع، وكشف تقرير صادر عن وزارة الداخلية ارتفاع جرائم القتل أو محاولة القتل بنسبة 57% خلال 2023 بين المهربين والتجار.

وفى محاولة لردعهم قررت وزارة الداخلية نشر فرقة سي أر إس فى جميع أنحاء البلاد؛ حيث تم إنشاء تلك الفرقة خصيصا أولا فى منطقة باريس، بهدف مواجهة العنف الحضرى وتهريب المخدرات، وبسبب الأحداث التى تشهدها المدن الفرنسية بين المافيا وبعضها وبين صغار التجار والكبار على مناطق النفوذ والسيطرة، صدقت الحكومة على نشر الفرقة الجديدة.

يتكون تشكيل المجموعة الجديدة من الجنود أو ضباط الشرطة السابقين، وسيكونون مسلحين بالهراوات التلسكوبية وقنابل الغاز المسيل للدموع، وأسلحة من الفئة دي، ولحماية أنفسهم، سيرتدون سترات تكتيكية، وعند الحاجة خلال فترات "أكثر قوة" مثل التدخلات الجسدية، سيتم ارتداء الخوذات والدروع، كما سيكون لديهم أيضا أزرار تنبيه متصلة مباشرة بمركز الإشراف الحضرى وكاميراته المتعددة.

أرقام صادمة

وبسبب جرائم القتل المستمرة فى الشوارع والضواحى الفرنسية، طلب مجلس الشيوخ الفرنسى عقد جلسة استماع لمدير الشرطة الفرنسية، وتم تشكيل لجنة للتحقيق فى تهريب المخدرات وشبكات المافيا ومن يعمل معهم؛ حيث قدم فريديريك فو، مدير الشرطة الوطنية، تقريرا مفصلا بالأرقام حول تلك الجرائم.

وأكد مدير الشرطة؛ أنه تم تسجيل إجمالى 315 جريمة قتل أو محاولة قتل مرتبطة بتهريب المخدرات فى فرنسا منذ بداية عام 2023 فى مناطق الشرطة، أى بزيادة قدرها 57٪، مقارنة بنفس الفترة من عام 2022 "، على الرغم من أن 451 ضحية من هذه الأفعال قد تم إدانتهم خلال هذه الفترة، مضيفا أن 451 ضحية من جرائم القتل أو الشروع 30% منهم دون العشرين عاما.

وكشف فريديريك سبب ذلك العنف بين رجال المافيا؛ حيث تبين أنه وسيلة للمؤسسات الإجرامية التى تسيطر على هذا الإتجار لترسيخ نفوذها أو زيادته، من خلال محاولة استعادة الأسواق، مضيفا أنه أيضا يعتبر أسلوب انتقامى يؤدى إلى الثأر الذى لا نرى نهايته أبدا، مؤكدا أن هذا العنف يمتد إلى المدن المتوسطة الحجم فى كل مكان تقريبا فى البلاد.

بينما كشفت رئيسة مكتب مكافحة المخدرات (أوفاست)، التى استمعت إليها اللجنة نفسها إن التهديد الذى يمثله هذا الإتجار وصل إلى مستوى مرتفع تاريخيا، فى حين أن سوق المخدرات يحقق مبيعات بقيمة ثلاثة مليارات يورو فى فرنسا.

عمليات التطهير

كانت جريمة قتل رجل يبلغ من العمر خمسين عاما برصاصة طائشة فى منطقة ديجون، عندما كان نائما فى شقته، الواقعة فوق موقع تم استخدامه من قبل تجار المخدرات كنقطة لإتمام الصفقات، بمثابة القشة التى قسمت ظهر البعير؛ حيث تعرضت الداخلية الفرنسية لإنتقاد حاد بسبب انتشار تجار المخدرات فى الشوارع، ووصف وزير الداخلية جيرالد دارمانين تجارة المخدرات بالإجتياح الذى يغزو أحيائنا، ولكنه وعد بمحاربة المنظمات ليل نهار.

تحولت تلك المنطقة التى شهدت جريمة القتل إلى شبه ثكنة عسكرية، ونفذت وحدة سى أر إس 8 المتخصصة فى العنف الحضرى وتهريب المخدرات، عمليات مداهمة موسعة فى منطقة ستالينغراد، وفحصت عشرات المواطنين وألقت القبض على العديد منهم وسلمتهم إلى المحاكم، وأكدت النيابة العامة أن التحقيقات مستمرة لكشف الواقعة حيث تبين أن تاجرى المخدرات وراء الواقعة.

أما فى منطقة ليون فقد نفذت شرطة المدينة عدة إجراءات وصفت بعملية التطهير، قادها 200 ضابط شرطة، لمكافحة تهريب المخدرات فى منطقة تونكين فى فيلوربان، بعد سلسلة من عمليات إطلاق نار فى أسبوع واحد، بما فى ذلك فى وضح النهار، والتى أثارت قلقا كبيرا وأثرت على السكان فى بداية شهر نوفمبر.

 وأشارت النيابة العامة إلى أن الإعتقالات التى تمت بمساعدة الوحدات المتخصصة والمداهمة و"سي أر إس 8" وفرق الكلاب مكنت من اعتقال 16 شخصا؛ حيث تم تنفيذ الإعتقالات فى إطار الإجراءات القانونية التى تم شنها ضد "الاتجار بالمخدرات" والعصابات الإجرامية وغسل الأموال.

وفى نفس المنطقة تم اكتشاف 43 كيلوجراما من الحشيش، بقيمة سوقية تقدر بـ 270 ألف يورو، واعتقال شخصين فى بويرز، كما أدت العمليات على الطريق العام إلى إلقاء القبض على سبعة أشخاص بتهم تتعلق بالمخدرات، وتم اقتياد كافة المتهمين إلى المحاكمة السريعة؛ حيث تم احتجازهم فى إطار تحقيق مفتوح فى قضايا تهريب المخدرات والتآمر الإجرامى وغسل الأموال وحيازة أسلحة وذخائر.

أما فى مرسيليا، فشرعت الشرطة فى البحث عن رجال مافيا "ال دي زي"، ومافيا "يودا" وهما الشبكتان اللتان تسيطران على معظم عمليات تهريب المخدرات بالمدينة؛ حيث تم عمل حملة اعتقال واسعة تمكن خلالها عناصر الشرطة من القبض على 24 شخصا تم احتجازهم للاشتباه فى انتمائهم إلى تلك المافيا، وتسبب العنف المرتبط بتجارة المخدرات، خاصة التنافس بين هاتين المنظمتين فى مقتل 47 شخصا منذ بداية العام فى تلك المدينة وحدها.

من جانبه أكد محافظ المدينة فريدريك كاميليرى؛ أن الفكرة من الحملات الشرطية هى إعادة المدينة إلى السكان وتخليصهم من كل وصمة العار الناجمة عن الإتجار لإستعادة بيئتهم المعيشية، لافتا إلى أنه هناك إجراء مستمر تم تنفيذه من أجل "قطع رأس" منظمات تهريب المخدرات، ولكن يكون هذا العمل استثناء.

لم يختلف الحال فى منطقة نيس الشهيرة؛ حيث تزايدت حوادث إطلاق النار التى يقودها مهربو المخدرات، وشهدت المنطقة 3 حوادث إطلاق نار منها حادثتان فى أقل من 48 ساعة، وهو ما دفع المحافظ بنفسه لقيادة فرقة مكونة من 100 ضابط وشرطى، فى محاولة لتخليص المدينة من التجار بأى ثمن.

ووصف ضابط شرطة لصحيفة لوفيجارو أن التجار يقتلون بعضهم البعض، وعثرنا على آثار دماء فى الشوارع وقمنا بزيارة المستشفيات للبحث عن الجناة، وهو ما دفع المحافظ لطلب مروحية للتحليق فوق المدينة. 

اقرأ أيضا : نفذتها السلطات الأسبانية.. اعتقال 197 مشتبهًا من 34 جنسية في حملة دولية لمكافحة


 

;