«البروباجندا الإسرائيلية».. وأكاذيب الحكومة الوقحة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتب: علا نافع

مع بدء معركة طوفان الأقصى، لجأت إسرائيل لخلق أكاذيب إعلامية عن وحشية المقاومة ورعونتها فى التعامل مع الأسرى الإسرائيليين بدءًا بادعاءاتها المزعومة حول اغتصاب النساء الإسرائيليات وقطع رؤوس 40 طفلًا، وهى الرواية التى رددها الرئيس الأمريكى جو بايدن، ولكن بعد ذلك أثبتت التحقيقات الصحفية كذبها، ما جعل البيت الأبيض يبرر تصريح بايدن باستناده لتقارير إخبارية صادرة عن الحكومة الإسرائيلية.

وتوالت الادعاءات سواء من قبل الإعلام الإسرائيلي والغربي بهدف تبييض وجه إسرائيل في حربها على غزة وتبرير جرائمها المتوالية في حق المدنيين وبالطبع استخدمت كافة أسلحتها الإعلامية في ذلك سواء مواقع التواصل الاجتماعي أو القنوات التلفزيونية، بخلاف اليوتيبرز والبلوجرز، ويومًا تلو الآخر تشتعل الحرب الإعلامية بين قنوات الاحتلال وإعلام المقاومة الذي دأب هو الآخر على نشر مقاطع فيديو لحسن تعامله مع الأسرى وتقديم الرعاية الكاملة لهم وحتى من اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى انتشرت الصور والفيديوهات الموثقة لحسن تعامل جنودهم مع الأطفال الإسرائيليين في مستوطنة كيبوتس. فما الدور الذي تلعبه البروباجندا الإسرائيلية في حربها مع المقاومة؟ وهل للدعاية قدرة على تغيير كفة الحرب مقارنة بالقدرة العسكرية الواسعة؟

◄ سقطات وأكاذيب
حاولت إسرائيل تصحيح صورتها الإجرامية أمام العالم ودفاعها عن نفسها عبر ترويج الأكاذيب والادعاءات بقصفها المستشفيات ومدارس النازحين مدعية أنها تضم كوادر حركة حماس واحتواءها على أنفاق تستخدمها المقاومة في الحرب، ليقوموا بالهجوم الوحشى على مستشفي المعمداني الذي أودى بحياة المئات من المدنيين. والمثير للدهشة أن إسرائيل اتهمت حماس وحركة الجهاد الإسلامي بالضلوع في التفجير مدعية خروج صاروخ انطلق من غزة في تجاه المستشفى مع نشر فيديو يدعم تلك الرواية، ولترويج ذلك الفيديو في الإعلام الغربي قام سفير إسرائيل في الولايات المتحدة بنشره على صفحته الرسمية بمنصة «إكس»، لكن بعد ثبات كذب وزيف الفيديو اضطر إلى حذفه.

ولم تتوقف الادعاءات الكاذبة عند هذا الحد، إذ قام الصحفي الإسرائيلي إيدى كوهين بالتشكيك في صور وفيديوهات جثث الأطفال الفلسطينيين عبر منصة «إكس»، مدعيًا أنها مجرد دُمى يستخدمها الأهالى بإيعاز من حماس لكسب التعاطف الدولى، لكن كشف موقع مسبار لمكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة أنها جثث متصلبة لأطفال استشهدوا جراء القصف الإسرائيلي.

واستمرارًا للأكاذيب الإسرائيلية، خرج المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال جاري، في فيديو يزعم استخدام حماس مستشفى الرنتيسي للأطفال لاحتجاز أسرى إسرائيليين في عنابرها وأنفاق داخلية بها، مستعرضًا قائمة من الأسماء مدعيًا أنها للحراس الذين يتناوبون على حراسة الأسرى، لكن اتضح من الفيديو أنها قائمة تؤرخ لأيام الأسبوع، ما أثار ضده موجة من السخرية، وادعى المتحدث أيضا أنه يقف أمام منزل أحد عناصر حماس، رغم أن اللافتة الموجودة على المبنى خلفه هي للمعهد الوطني للإدارة والتدريب!

أما قصف عنبر الولادة في مستشفى الشفاء الذي ادعى الكيان المحتل قصف حركة حماس له، فإن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية كشفت أدلة تؤكد أن إسرائيل هي من قامت بالقصف.

◄ اقرأ أيضًا | هل توقف مطالب «إيوني بيلارا» جرائم إسرائيل؟

◄ كذبة سارة 
ودخلت سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي، على خط اختلاق الأكاذيب، حيث أرسلت رسالة إلى جل بايدن زوجة الرئيس الأمريكي، لتطلب منها سرعة إيجاد حل لأزمة العاملة التايلاندية ناتوراي مولكان، التي زعمت إنجابها طفلها لدى حماس في قبو أسفل مستشفى الرنتيسي، مستشهدة بالفيديو الذي نشره المتحدث باسم الجيش من داخل المستشفى، الذي قال فيه إنه تم العثور على زجاجة رضاعة وحفاضات طفل.

وقالت سارة في خطابها لجل بايدن: «أكتب لك ليس فقط كزوجة بيبي ولكن أولاً وقبل كل شيء كأم، منذ أكثر من شهر، تم اختطاف 32 طفلا في غزة، وانتزاعهم بوحشية من أهلهم ومنازلهم، والمؤكد أن هؤلاء الأطفال يعانون صدمة لا توصف، ليس فقط بسبب اختطافهم، لكن بعد أن شهدوا القتل الوحشي لآبائهم وإخوتهم في السابع من أكتوبر المروع، كما أن إحدى الرهائن التي احتجزتها حماس كانت حاملا وأنجبت طفلها بحضور الحركة». وكتبت إلى بايدن: «لا يمكنك إلا أن تتخيل، مثلي، ما كان يدور في ذهن تلك الأم الشابة وهي محتجزة مع مولودها الجديد من قبل هؤلاء القتلة».

ولم تكتفِ سارة بذلك، فقد بعثت برسائل لزوجات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزوجة رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك، وزوجة المستشار الألماني.

لكن بعد مرور عدة أيام نشرت مجلة إسرائيلية حديثًا مع والدة الفتاة التايلاندية، أكدت خلاله أن ابنتها لم تكن حاملا أو أنجبت، مشيرة إلى أن ابنتها بعد طلاقها اكتفت بطفليها دون أن يكون لها أي علاقات داخل إسرائيل بحسب ما قاله أصدقاؤها وابن عمها الذي يعمل معها بأحد المصانع ويدعى «إيجو كروبس»، وهذا ما أكده أيضا مدير المصنع الذي تعمل به والأشخاص الذين عملوا معها إذ نفوا إمكانية حملها، ونظرًا لانتشار تلك الشائعة طلب مركز اللاجئين والمهاجرين بدولة الاحتلال من الصحفيين ضرورة التوقف عن نشر شائعة الحمل التي لا أساس لها من الصحة.

◄ دعاية حماس
في المقابل، حرصت حماس على كشف كذب وزيف الدعاية الإسرائيلية، فمنذ اليوم الأول لـ»طوفان الأقصى»، وثقت الحركة كافة تحركاتها بالفيديوهات، ومنها تعامل جنودها مع أطفال مستوطنة «حوليت» ردًا على اتهامات الرئيس بايدن، فضلا عن تفنيدها بعض روايات الاحتلال سوء قصفها للمستشفيات وآخرها معاملتهم للأسرى والتي جاءت شهاداتهم بأن المقاومة أحسنت معاملتهم ووفرت لهم كافة وسائل الراحة، وهذا ما أكدته القصص والفيديوهات لتحية الأسرى وسلامهم على رجال المقاومة في صفقات التبادل التي تم الاتفاق عليها في الأيام الماضية.

كما أن الحركة أصدرت بيانا أكدت فيه أنها سعت خلال المعركة إلى تجنب المدنيين في معركتها، والدليل على ذلك مقاطع الفيديو المصورة التي احتوت على شهادات بعض المستوطنين بأن رجال المقاومة لم يمسوهم بسوء أو يتعرضوا لهم، مؤكدة في بيانها أن الاحتلال يغطي على جرائمه بحق المدنيين الفلسطينيين بمزاعمه بقطع رؤوس أطفاله واغتصاب نسائه.

◄ سلاح خطير 
وعن كذب البروباجندا الإسرائيلية، يقول الدكتور حسن على، أستاذ الإعلام: مع انطلاق الحرب على غزة، تحيز الإعلام الغربي والأمريكي تحديدا لروايات الإعلام الإسرائيلي وزيفه دون تحري صحة أخباره، ومن أمثلة تضليله الإعلامي رواية ذبح حماس لأربعين طفلا وقطع رؤوسهم، وذلك لتبرير تحريك أكبر حاملة طائرات أمريكية لمساندة إسرائيل ورغم ثبوت كذب الرواية، فإن أمريكا إلى الآن تحاول تبييض وجه الاحتلال القبيح في قتله للأبرياء في غزة، عبر استخدام قنواتها الإعلامية المختلفة مثل «سى إن إن» وصحف «نيويورك تايمز» و»الجارديان».

ويضيف: جاء قصف مستشفى المعمداني ليكون إحدى أكاذيب الاحتلال بأن حماس هي التي قصفت المستشفى، لكن صور الأقمار الصناعية ووجود فيديوهات أثبتت أن إسرائيل هي التي قامت بالقصف، وهذا بالطبع أحدث تغيرا كبيرا في كفة الميديا الغربية وبات الإسرائيليون يخسرون حرب المعركة الإعلامية، مشيرا إلى أن السوشيال ميديا وشخصياتها المؤثرة كشفت أكاذيب إسرائيل بالصوت والصورة وكيفية استهدافها للأبرياء.

وحول تغطية الإعلام العربي، يرى أنه لا بُد من التوسع في نقل المحتوى باللغات الأجنبية لتوصيل الصورة بشكل أوسع وأصدق، كذلك وجود سوشيال ميديا عربية تكون بديلة للمنصات الغربية التي تقيد الحريات وتمنع نشر محتوى مناصر للقضية الفلسطينية.

◄ دعم معنوي
فيما يقول الدكتور فتحى شمس، خبير الإعلام الرقمي: إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي لتزييف بعض الصور والفيديوهات وبثها في القنوات الإعلامية المختلفة لتبرر استهدافها المدنيين في غزة، كما أنها تهدف لدعم جيشها معنويا، لكن المثير للدهشة أن بعض وسائل الإعلام الغربية ورئيس دولة قام بترديد الأخبار دون التحرى من صحتها، ما يؤكد وجود حملات تضليلية كبرى. وعموماً هناك برامج للكشف عن صحة الفيديوهات والصور، إلا أن تطور الذكاء الاصطناعي وعدم وجود ميثاق عمل ينظمه، يسبب مخاطر كبيرة وقد يغيّر كفة الدعم النفسي في الحروب.

◄ انتصار حماس 
أما الدكتور أيمن كمال، أستاذ الإعلام، فيقول: نجحت حماس في تبييض وجه المقاومة وتغيير الصورة الذهنية عنها لدى الغرب بنشرها فيديوهات توضح حسن تعاملها مع الأسرى وتقديمها الدعم المعنوى وكافة أوجه الرعاية لهم، ما كان له أثر طيب في نفوس الأسرى أنفسهم، وهذا ما لاحظناه في فيديوهات إطلاق سراحهم ومنها رسالة الشكر التي وجهتها إحدى الأسيرات المحررات، مشيراً إلى أن الإعلام العسكري استطاع الرد بالأدلة على مزاعم إسرائيل في قصفها للمستشفيات بالفيديوهات والصور، وهو ما هدم الصورة الذهنية لدى الغربيين عن إسرائيل.