وحى القلم

المشاركة رسالة

صالح الصالحى
صالح الصالحى

وأنا جالس على المقهى مساء كعادتى.. كان يجلس على ترابيزة مجاورة رجل فى العقد السادس من عمره ويجلس أمامه شاب تبين من حديثهما أنه ابنه.

مظهرهما وأسلوبهما فى الحديث يدل على أنهما على قدر من الثقافة والتعليم العالى.

ولأن الحوار الذى دار بينهما كان بصوت مرتفع لحد ما، وكان شيقاً فى أمور حياتية هامة، ولقربهما منى سمعت تحاورهما.. نظر الأب لابنه نظرة عميقة، وكان الابن ممسكا بالموبايل يقلب فيه كعادة الشباب، سأله والده إيه الأخبار.. ماذا تتابع على الموبايل؟..

أجاب الابن أكثر من ٦٠ يوما مرت على الحرب فى غزة، ورغم الهدنة إلا أن إسرائيل عادت أشرس مما قبلها، تقتل بلا هوادة فى ظل صمت عالمى رهيب، وكأن إسرائيل قتلت الضمير الإنسانى، ونزعت من القلوب الرحمة قبل أن تذبح الأطفال والنساء والأبرياء من الفلسطينيين. قاطع الأب ابنه: ما تفعله إسرائيل وإصرارها على تنفيذ مخططها فى تهجير الفلسطينيين قسريا من غزة، ينذر بأزمة مرعبة سوف تشهدها المنطقة، وطبعا فى القلب منها مصر..

يا ابنى انظر حولك ولا تجعل ما يحدث فى غزة رغم بشاعته وقسوته ينسيك ما يحدث فى السودان وفى ليبيا وفى اليمن وفى سوريا، وجميعها دول حدودية لنا أو قريبة منا.. انظر إلى السودانيين الذين تركوا أرضهم ومنازلهم وجاءوا إلى مصر، ومن قبلهم السوريون واليمنيون وغيرهم.

ماذا لو حدث شيء كهذا فى مصر لا قدر الله؟!.. ضع نفسك مكانهم.. كنا أنا وأنت وأخوتك ووالدتك فعلنا مثلهم.. ولكن إلى أين سنذهب؟! هم وجدوا مصر الأمن والأمان يحتمون بها من نيران الحرب، فأين نحن ذاهبون؟!.. لن نجد مكانا نحتمى به.

يا بنى يكفى أننا نحيا على أرضنا ونعيش فى منازلنا فى أمن وأمان، ومهما كانت صعوبة الحياة وقسوتها.. فهى أهون من أن نترك منازلنا، فالشمس التى تسطع فى السماء ونتمتع بها كل يوم تكفينا، والهواء الذى نستنشقه فى طمأنينة يزيح من صدورنا الهم والغم.. فالحمد لله على نعمة العيش فى أمن وأمان، فى بلد يحفظه الله.

ثم أخذ الحديث بينهما محورا آخر، سأل الابن أباه.. هل ستشارك فى الانتخابات الرئاسية التى على الأبواب؟!.. ابتسم الأب وبكل ثقة رد نعم سأشارك، وأنت ستشارك ووالدتك ستشارك وأخوتك سيشاركون، جميعنا سنشارك.. ويجب أن نحث أقاربنا وأصدقاءنا على المشاركة.. فهذه الانتخابات تأتى كما قلت لك فى ظروف وأوضاع صعبة تحيط بنا.. وأن المشاركة فيها رسالة للعالم أجمع أن المصريين على قلب رجل واحد، وأن الشعب المصرى يدرك ويعى حجم ما يحاك لمصر والمصريين.. وأنهم يقفون خلف قيادتهم وجيشهم وأنهم مستعدون للتضحية بأرواحهم من أجل أرضهم.

المشاركة هذه المرة مختلفة عما سبق، فلن أحدثك عن أنها استحقاق دستورى، وأنها فرصة لممارسة الديمقراطية فى انتخابات حرة ونزيهة، ولكنى أؤكد لك أن المشاركة هذه المرة واجب والتزام من أجل مصر والمصريين.