كلمة السر

أحمد الجمال يكتب: العشق الممنوع

أحمد الجمال
أحمد الجمال

■ بقلم: أحمد الجمال

أتابع شهادات الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم، فى إطار صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، وأدقِّق فى رواياتهم عن تعرضهم للتنكيل فى سجون الاحتلال، ثم أمُعِن النظر فى نافذة إخبارية أخرى، فأتوقف عند تلويح ووداع المحتجزين الإسرائيليين لأفراد كتائب القسّام.. وأضرب كفًا بكف والدهشة تعقد لساني.

إن الفارق كبيرٌ بين تعامل كلا الطرفين مع أسرى الطرف الآخر.. فلسطينيون جرى اعتقالهم قبل سنوات وهم فى عمر الطفولة وخرجوا أخيرًا بعد أن باتوا فى ريعان الشباب، مقابل أطفال ونساء إسرائيليين غادروا أماكن احتجازهم فى غزة بعد نحو 50 يومًا هى عمر الحرب المندلعة منذ 7 أكتوبر الماضي، وما بين هؤلاء وأولئك سرديات عِدة متنافرة لفتت أنظار العالم عن أدبيات الحرب وضوابطها الإنسانية.

ربما لم يتوقف الكثيرون أمام ما حكاه الأسرى الفلسطينيون عمّا تعرضوا له من قمع وما مروا به من صعاب فى سجن عوفر الذى غادروا أسواره قبل أيام، فما قالوه كان متوقعًا من عدو يسفك الدماء ليل نهار، ولا يفرِّق بين طفل وامرأة وشيخ ومقاتل، لكن الذى خطف عيون العالم هو ابتسامات الإسرائيليين لحظة توديع آسريهم، وتحديدًا مشهد وداع الأسيرة الإسرائيلية مايا ريجيف جربى لأحد مقاتلى القسّام، الذى بدا كمشهد سينمائى رومانسى على طريقة «العشق الممنوع» بين فتاة جميلة ومحارب قوي. قال لها: «باى مايا»، فردت بعيون ممتلئة بالود: «باي.. شكرًا»، قبل أن ترقد داخل سيارة الإسعاف ويبدأ المُسعِف فى قياس نبضات قلبها!

ماذا فعل هؤلاء المقاومون ليسلبوا عقول وقلوب آسريهم؟ ماذا لو كتبوا مذكراتهم عن الأيام الخمسين تحت الأرض مع أصحاب الأرض.. أظن أن لديهم الكثير من الحكايات التى يتعلّم منها القتلة المعانى الحقيقية للإنسانية.