18 عامًا على غياب مخرج «الرسالة وأسد الصحراء»

المخرج العالمى مصطفى العقاد يتوسط عبد الله غيث
المخرج العالمى مصطفى العقاد يتوسط عبد الله غيث

فى التاسع من نوفمبر2005  اهتزت العاصمة الأردنية عمان بثلاث تفجيرات فى ثلاث فنادق بسلسلة من الهجمات الانتحارية المنسقة باستخدام أحزمة ناسفة، وعرف الحادث الدموى بيوم «الأربعاء الأسود»، التفجير الأول وقع فى مدخل فندق «الراديسون ساس» أثناء إقامة حفلة زفاف لعائلة أردنية، ووقع الثانى فى بهو فندق «حياة عمان» الذى كان متواجدا به المخرج العالمى الأمريكى السورى الأصل مصطفى العقاد وكان وقتها يقف فى استقبال ابنته «ريما» - 30 عاما - أثناء وصولها لحضور حفل زفاف يحضره والدها وقد لقت حتفها فى الحال، بينما أصيب المخرج العالمى بجروح خطيرة نقل على أثرها للمستشفى لإنقاذ حياته لكنه فارق الحياة متأثرا بجراحه بعد يومين، والتفجير الثالث استهدف فندق «دايز إن»، وصل عدد ضحايا التفجيرات إلى 57 قتيلا و115 جريحا، وأعلن على شبكة الإنترنت فى اليوم التالى تبنى تنظيم القاعدة فى بلاد الرافدين للتفجيرات، وقيل إن منفذيها 3 عراقيين من التنظيم.


اهتمت وكالات الأنباء العالمية بخبر وفاة المخرج العالمى مصطفى العقاد لما له من شهرة عالمية نالها بفيلم «الرسالة» الذى عرض فى عام 1976 وأسلم بسببه 20 ألف شخص بعد عرضه فى الولايات المتحدة وأوروبا، وفيلم «أسد الصحراء» الذى عرض عام 1980 ولاقى نجاحا خرفيا لتناوله مسيرة البطل الليبى عمر المختار ضد الاحتلال الإيطالى، قتل الرجل الذى كانت لديه أحلام لم يستكملها فى مسيرته السينمائية الهادفة لتغيير صورة الإسلام فى الغرب، ونمطية الشخصية العربية لديهم، واهتمت الصحافة العالمية والعربية بالبحث فى ما وراء مقتله، هل كان المخرج العالمى مصطفى العقاد مستهدفا بالاغتيال فى هذه العملية الإرهابية من تنظيم القاعدة بالعراق لأنه صرح قبلها فى مؤتمر صحفى بالكويت بأنه يفكر فى إنتاج فيلم يروى حياة أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، وقال إنه يهدف من وراء هذا الفيلم تعرية كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب الدموى، فتخلص منه التنظيم قبل تنفيذ مشروعه! 
لم يقل بيان التنظيم الذى أعلن على الإنترنت أن المستهدف من التفجير بفندق «حياة عمان» هو المخرج مصطفى العقاد، وقد توفى فى التفجير رجل الأعمال الفلسطينى حسام فتحى أبو جارور، ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية بشير نافع، فهل كانا هما محطة الاستهداف وقتل العقاد بصدفة تواجده لحظة التفجير؟. 
واتجهت التخمينات - رغم إعلان تنظيم القاعدة بالعراق عن العملية - إلى الموساد الإسرائيلى، على اعتبار أن مصطفى العقاد أعلن أنه سينتج فيلمين أولهما عن فتح الأندلس، والآخر عن القائد صلاح الدين الأيوبى بالإسقاط على ما ترتكبه إسرائيل من جرائم فى حق المقدسات بالاعتداءات المتكررة على الأقصى الشريف بالقدس، وقال العقاد إنه رشح النجم العالمى «شون كونرى» لتجسيد شخصية صلاح الدين، ولم يقدم أحد دليلا على هذه الافتراضية التى جعلت البعض يرتكن إلى مسألة القضاء والقدر، خاصة وأن أفلام العقاد كانت تهدف إلى بناء جسر من التفاهم بين المسلمين فى الشرق وشعوب الغرب، وإذا كان العامة قد عرفوا المخرج العالمى مصطفى العقاد بفيلمى «الرسالة وعمر المختار» فمن الواجب أن نشير إلى أنه أنتج فيلما وثائقيا عن الرئيس جمال عبد الناصر للتليفزيون البريطانى من 3 أجزاء كل جزء منه مدته ساعة، تناول فيها الحقبة الناصرية وتأثير الزعيم عبد الناصرمحليا وإقليميا ودوليا، وقال إنه أنتج هذا العمل الضخم لأن جمال عبد الناصر زعيم تاريخى يرمز للعزة والكرامة العربية، أجبر العالم على احترامنا كعرب، وساند كل حركات التحرر فى عالمنا العربى وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومن المعروف أنه تعود تقديم أفلامه بدقة واتقان، وكان يستعين بنجوم لهم وزنهم فى السينما العالمية والعربية مثلما فعل فى فيلم «الرسالة» الذى صنع منه نسختين، نسخة عربية شارك فى بطولتها عبد الله غيث والفنانة السورية منى واصف، والنسخة الإنجليزية قام ببطولتها أنطونى كوين فى شخصية «حمزة» عم الرسول صلى الله عليه وسلم، و«ايرين باباس» جسدت شخصية امرأة من مكة تصدت للنبى الكريم ولكنها آمنت ودخلت الإسلام عن قناعة وقبول، والتقى معها وانطونى كوين للمرة الثانية فى فيلم «أسد الصحراء» الذى جسد فيه شخصية عمر المختار وشاركهما البطولة «اوليفر ريد، ورود ستايجر، وجون جيلجد، وراف فالونى، وجاستون موسكين، وإيهاب ورفالى».
تزوج العقاد مرتين الأولى من الأمريكية «باتريشيا» التى أنجب منها «ريما، وطارق، ومالك»، وتزوج ثانية من سهى العشى التى أنجب منها ابنه «زيد»، ومن أشهر أقواله: «الشىء الوحيد الذى يمكننا أن نفتخر به كعرب هو تاريخنا».