نبض السطور

التهجير خطٌ أحمر

خالد ميري
خالد ميري

٥٧ دولة عربية وإسلامية تؤكد دعمها الكامل للقيادة المصرية

٨ لقاءات قمة للرئيس السيسى خارج قاعة المؤتمر تكشف الرؤية المتكاملة لأزمات المنطقة

الرأى العام العالمى يدعم وقف الحرب فورًا.. والمحكمة الدولية يجب أن تتحرك لمحاكمة قادة إسرائيل

انتهت القمة العربية الإسلامية بالرياض.. لكن قراراتها ستظل تنبض بالحياة حتى تنفيذها لإنقاذ أهالينا فى غزة من المحرقة الإسرائيلية.. لم يكن غريبًا أن تضع ٥٧ دولة عربية وإسلامية ثقتها الكاملة فى مصر بقيادة زعيمها الرئيس عبدالفتاح السيسى.. وأن يعلنوا من قمة الرياض دعمهم الكامل لكل مواقف وإجراءات مصر لإنهاء المجازر الإسرائيلية ودخول كل المساعدات عبر منفذ رفح إلى أهالينا المحاصرين بغزة.


قرارات القمة العربية الإسلامية كانت انعكاسًا واضحًا لكلمة الرئيس السيسى واضحة البيان قوية البنيان.. من الدعوة لوقف فورى للمجازر والحرب الإسرائيلية بلا قيد أو شرط إلى دعوة دول العالم لمنع تصدير الأسلحة والذخائر لدولة الاحتلال.. ومن رفض وتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه المحتلة باعتباره خطًا أحمر ونكبة جديدة لن تمر.. إلى الدعوة لدخول كل المساعدات من غذاء وماء ووقود وعلاج بكميات كافية ومستدامة لإنقاذ المرضى والمحاصرين.. ومن الدعوة لإنهاء الحصار والمجازر الهمجية والوحشية إلى دعوة المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة إسرائيل وقادتها عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.. الجميع اتفق مع مصر بأن عدوان وجرائم الاحتلال لا مبرر لها، وسياسات العقاب الجماعى لأطفال ونساء وشيوخ يجب أن تتوقف.. وأنه لا نهاية لهذه الدائرة الجهنمية من الحرب والكراهية إلا بالسلام العادل.. الذى ينتهى بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل.
   
المؤكد أن الدول العربية والإسلامية لديها أدوات تأثير متعددة وأسلحة سياسية أخرى.. لكن الرسالة وصلت للعالم أجمع.. واستمرار الحرب الهمجية لن يعنى إلا توسيع رقعة النزاع واتساعها وهو ما يلحق ضررًا بالغًا بالمنطقة والعالم أجمع، ولكل وقت كلام ولكل عصر آذان.


وإذا كان انعقاد القمة مهمًا والرسالة الصادرة بإجماع ٥٧ دولة عربية وإسلامية بالغة الأهمية.. فالمؤكد أنها وصلت للجميع.. فأوروبا المنحازة لإسرائيل بدأت تُغيِّر لهجتها، فلا يوجد كلمات تُقال دفاعًا عن قتلة الأطفال.. والرأى العام الأوروبى لا يتحدث إلا بلسان إنقاذ الفلسطينيين من القتل والحصار.. وأمريكا المنحازة للعدو الصهيونى والشريك الفاعل فى كل جرائمه أصبحت وحيدة وليس لديها ما يُقال.. وبايدن يفقد شعبيته فى الشارع بشكل متسارع قبل عام من الانتخابات الرئاسية.. والرأى العام الأمريكى أصبح يرى الحق واضحًا رغم أكاذيب الإعلام الأمريكى والغربى ليل نهار.
 
الحقيقة أن الجرائم الإسرائيلية الوحشية فاقت تصور كل من ساندها فى أوروبا وأمريكا.. جرائم أيقظت ضمير شعوب العالم وأعادت قضية الحق الفلسطينى المنهوب للواجهة.. ما يحدث ليس نتيجة أحداث 7 أكتوبر وهجمات حماس، لكنه نتيجة احتلال غاشم هو الأسوأ عبر التاريخ.. احتلال عمره 75 عامًا لا هَمَ له إلا قتل وسلب ونهب الأشقاء والأرض بفلسطين.


الصحفيون فى وسائل الإعلام الغربية استيقظت ضمائرهم وبدأوا يشكون علانية من كذب الرسائل التى يوجهونها للرأى العام.. يشكون من سيطرة الصهاينة على وسائل إعلامهم وتوجيهها لتبرير مجازر وجرائم وحشية لامبرر لها ولا سقف لها.. يكذبون ثم يكذبون ولكنهم أصبحوا لايصدقون أنفسهم فكيف يمكن أن يصدقهم أحد.. مظاهرات المليون فى لندن ونيويورك ومدن الغرب.. وكلمات الساسة أصحاب الضمير فى هذه الدول أيقظت الحقيقة من سباتها.. ولم يعد بوسع قادة الغرب الدفاع عن المحرقة الصهيونية بحق الفلسطينيين.
 
الحقائق لا تكذب ولا تتجمل.. كل ١٠ دقائق يقتل الصهاينة طفلًا فلسطينيًا.. ومليون فلسطينى يتم تهجيرهم بقوة السلاح الغاشم من شمال لجنوب غزة.. فى القرن الحادى والعشرين يتم استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف وحصار وتجويع شعب بأكمله.. النظام الصحى فى غزة تهاوى.. يموت مرضى السرطان والمصابون فى القصف الإجرامى لأنهم لا يجدون العلاج.. يموت الأطفال بالقنابل المحرمة دوليًا ولتوقف أجهزة الإنعاش عن العمل بالمستشفيات.
تكذب إسرائيل وتدعى زورًا أن المستشفيات هى مراكز قيادة لحركة حماس.. تكذب لتبرر قتل المرضى فوق أسرتهم ولكن لا أحد الآن يصدق هذه الأكاذيب.. هذه جرائم لا مبرر لها مهما كذبوا ولم يعد أحدٌ يصدقهم بطول العالم وعرضه.
 
لكل هذا كانت القمة العربية الإسلامية المشتركة بالرياض حدثًا مهمًا ومطلوبًا.. إجماع ٥٧ دولة عربية وإسلامية مع كل شعوب العالم على ضرورة الوقف الفورى للحرب.. يضع إسرائيل ومن خلفها ربيبتها أمريكا فى مواجهة الحقيقة العارية.. ما يحدث جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.. إسرائيل زرعت الكراهية وستظل تحصدها لعشرات السنين هذا إذا تجاوزت عقدها الثامن فظلت موجودة.. الاحتلال مهما يفعل ومهما يقتل لن يدفن الحق ولن يضيعه.. الشعب الفلسطينى الصابر المرابض وصلت رسالته للعالم كما لم تصل من قبل.. ووقت النصر قريب.. والتضحية لن تذهب سدى.. الصبر دومًا يأتى بالخير وبالنصر.. وكل العرب والمسلمين مع الأشقاء ومع قضيتهم العادلة، وإسرائيل ستدفع ثمن جرائمها مهما طال الزمن.
 
وإذا كان علم السياسة يؤكد أن ما يدور ويجرى خارج قاعة القمة أحيانًا ما يكون أكثر أهمية مما يجرى بداخلها.. فالمؤكد أن الحضور المصرى القوى والفاعل والرائد كان قويًا خارج القاعة بقدر ما كان مؤثرًا بداخلها..
مصر استعادت زمام المبادرة ودورها الإقليمى والعالمى الرائد فى قيادة أمتها العربية والإسلامية.. كلمة السر كانت التفاف الشعب المصرى حول قائده الرئيس عبدالفتاح السيسى وقوة الجيش المصرى العصرى.. مصر استعادت دورها القيادى وهى تبنى جمهوريتها الجديدة وتعيد كتابة التاريخ فوق أرض وادى النيل.
 
 كان واضحًا منذ اللحظة الأولى لبدء الحرب الإسرائيلية المسعورة أن مصر هى الهدف.. ضرب تجربة مصر الناجحة وهى تبنى جمهوريتها الجديدة مع القائد والزعيم الرئيس عبدالفتاح السيسى.. التاريخ يعيد نفسه.. نفس محاولات القوى الاستعمارية التى ضربت نهضة مصر بقيادة محمد على قبل ٢٠٠ سنة والتى ضربت تجربة مصر فى قيادة تحرر دول العالم الثالث بقيادة جمال عبدالناصر قبل ٧٥ سنة.
مصر كانت الهدف والغنيمة الكبرى.. فشلوا خلال أحداث ٢٠١١ فى هدم مصر من الداخل باستغلال جماعة إخوان الإرهاب وضعاف العقول منتفخى الجيوب.. وعَلَّمهم الشعب المصرى وجيشه درسًا لا يُنسى فى ثورة يونيو ٢٠١٣ العظيمة بقيادة رجل الأقدار الرئيس عبدالفتاح السيسى.. فاستغلوا حرب غزة لمحاولة جديدة لضرب التجربة المصرية الناجحة فى البناء والتعمير بعد القضاء على الإرهاب الذى زرعوه فى سيناء.
لكن لمصر ربًا يحميها.. ساق لها جيشًا قويًا عقيدته النصر أو الشهادة.. وزعيمًا قائدًا يمتلك الرؤية والحكمة والقدرة.. الرئيس السيسى فرض رؤية مصر وقدرتها وقوتها.. فكان موقفه واضحًا قويًا لمساعدة الأشقاء بفلسطين ورفض تهجيرهم من أرضهم مهما كان الثمن.. قالها واضحة لكل قادة العالم.. ووصلتهم الرسالة جميعًا.. ومن داخل قاعة القمة العربية الإسلامية خرجت رسالة العرب والمسلمين موحدة لتأييد مواقف مصر وقراراتها.
فشل مخططهم من جديد.. لكننا يجب أن ننتبه فهم لا يستسلمون.. ويظل وعينا ووحدتنا خلف قائدنا حائط الصد المنيع ضد محاولاتهم التى لن تتوقف للنَيل من مصر وشعبها وأرضها.
 
خارج قاعة القمة كنا على موعد مع ٨ لقاءات قمة منفردة عقدها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع قادة ٨ دول عربية وإسلامية ..مع الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى ورئيس الوزراء ومع رئيس تركيا رجب طيب أردوغان ورئيس إيران إبراهيم رئيسى ومع ملك الأردن عبدالله الثانى ورئيس سوريا بشار الأسد ورئيس إريتريا أسياسى أفورقى ورئيس العراق عبداللطيف رشيد ورئيس مجلس السيادة السودانى عبدالفتاح البرهان.
٨  لقاءات قمة إشاراتها واضحة.. تنسيق قوى ودائم مع أقوى الدول العربية والإسلامية وأكثرها تأثيرًا.. تأكيد على التناغم المصرى السعودى ووحدة الصف فى مواجهة دُعاة الفتنة وأهل الشر.. تأكيد على الانطلاقة الجديدة للعلاقات المصرية التركية والتنسيق مع إيران التى تريد استعادة العلاقات كاملة مع مصر.. استمرار التنسيق الدائم القوى والموقف الموحد مع الأردن الشقيق ومع القيادة العراقية.
التأكيد على أن مصر لم ولن تنسى أزمة السودان ودعم الأشقاء هناك وصولًا للاستقرار وإنهاء الحرب.. وأيضًا التنسيق المهم والدورى مع إريتريا الدولة المهمة فى القرن الأفريقى والجار لإثيوبيا.
لقاءات تكشف لكل صاحب عينين.. أن السياسة المصرية تُدار بحكمة وقدرة وقوة ورؤية.. مصر حاضرة فى قيادة أمتها العربية والإسلامية.. حاضرة بقوة فى كل ملفات المنطقة.. فلا تشغلنا قضية عن أخرى.
 
انتهت القمة العربية الإسلامية بإجماع على الوقف الفورى للحرب الصهيونية المجنونة.. وستظل دولنا العربية والإسلامية وشعوب العالم حاضرة بقوة حتى تتوقف الحرب.. وستظل أوراق الضغط والقوة بأيدينا.. وإسرائيل لم يعد لها حليف يستطيع أن يُبرر جرائمها.. بارت تجارتهم.. فهى تجارة الموت والقتل.. ووعد الله حقٌ ونصر الله قريبٌ.. ‏
  حفظ الله فلسطين وشعبها..
  حفظ الله مصر وشعبها وجيشها وقائدها..