رغم تحريك أسعار البنزين بسبب قفزة البترول عالميا.. الدعم مستمر والفاتورة تتزايد

مدحت يوسف
مدحت يوسف

قطعت الدولة شوطا كبيرا فى تنفيذ العديد من المشروعات لتعظيم الإنتاج من البنزين والسولار وخفض فاتورة الاستيراد، ومع التوترات والأزمات العالمية المتتالية وآخرها الحرب على غزة؛ قفزت أسعار البترول عالميا، بين 88 و90 دولارا للبرميل، وأطلق البنك الدولى تحذيرا من أن أسعار النفط قد ترتفع لأكثر من 150 دولارا للبرميل حال تصاعد الصراع فى الشرق الأوسط.

محليا، قررت لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية، المعنية بمتابعة وتنفيذ آليات تطبيق التسعير بشكل ربع سنوى التوصية بتعديل الأسعار فى السوق المحلى حيث تم تحريك سعر بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة اعتبارًا من صباح الجمعة الماضية، مع تثبيت سعر السولار بالرغم من زيادة الفجوة السعرية بين تكلفة توفيره وسعر بيعه فى السوق المحلى وذلك حرصًا على الصالح العام، لما له من تأثير على وسائل نقل الركاب والبضائع.

اقرأ أيضاً | مصر قادرة على تخطى الصعاب والعبور من الأزمات الاقتصادية

الخبراء أكدوا أن تحريك أسعار الوقود كان أمرا متوقعا وخاصة مع ارتفاع الأسعار عالميا بسبب الأزمات العالمية المتتالية وآخرها الحرب الإسرائيلية على غزة والمخاوف المتصاعدة من اتساع رقعة الصراع فى الإقليم، وأشاروا إلى أنه رغم الزيادات الأخيرة مازالت موازنة الدولة تتحمل المليارات دعما للمنتجات البترولية وخاصة السولار والذى ارتفعت تكلفة توفيره وانتاجه محليا.

فارق دعم

د. مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول السابق، أكد أن قرار لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية بتحريك أسعار البنزين جاء وفقًا للتطور الذى يحدث لأهم عاملين مؤثرين فى تكلفة إتاحة وبيع هذه المنتجات فى السوق المحلى وهما السعر العالمى لبرميل خام برنت وتغير سعر الدولار أمام الجنيه بخلاف الأعباء والتكاليف الأخرى الثابتة، وأشار إلى أنه حتى مع الزيادة الأخيرة لأسعار البنزين مازالت الموازنة العامة للدولة تتحمل فارق دعم كبيرا لإتاحة البنزين بأنواعه فى السوق المحلى فضلا عن دعم أكبر للسولار الذى لم يتحرك سعره رغم زيادة سعر البترول عالميا.

وأوضح يوسف أن سعر السولار العالمى السبت- بلغ 910 دولارات للطن بما يعادل 23 جنيها مصريا للتر، وأضاف أن تكلفة وإنتاج لتر السولار محليا يعادل نحو 16.5 جنيه مع تغير وزيادة السعر العالمى خلال الوقت الراهن، بينما كانت تبلغ تكلفته فى الثلاث أشهر الماضية نحو 13 جنيها، وكل ذلك بسبب ارتفاع خام برنت وغيرها من الأسباب والأحداث والتوترات التى أحدثت خللا خلال الفترة الماضية.

تحد كبير

وقال د. مدحت يوسف : إن موازنة الدولة تتحمل الكثير وعلى أساس ميزانية ال 13 جنيها تكلفًة للتر ستتحمل الدولة دعما كبيرا بحوالى 4.75 جنيه عن كل لتر، وإذا كانت مصر تسوق نحو 40 ألف طن فى اليوم، 48 مليون لتر، فهذا يعنى أن الدولة تتحمل أكثر من 228 مليون جنيه يوميا وهذا للسولار فقط، وأشار إلى أن السولار تحد كبير جدا وخاصة مع كميات الاستهلاك الكبيرة والتى لا يمكن الاستغناء عنها مقارنة بالبنزين الذى تتوافر له المزيد من الحلول وإمكانية الترشيد باستخدام آليات متعددة وخاصة مع منظومة تحويل السيارات للعمل بالغاز والتطور الكبير والمرن الذى شهدته صناعة السيارات فى هذا الإطار، بينما الأمر مختلف تماما فى السولار حيث إن عملية التحويل صعبة ومكلفة فضلا عن إحجام المستهلكين.

وأضاف قائلا: لا حل فى السولار ودعمه حاليا ضرورة، وتثبيت السعر جاء مراعاة من القيادة السياسية للظروف الراهنة وعدم التأثير على مستوى الأسعار للكثير من السلع والخدمات فى السوق المصرية، أما البنزين فقد خطى خطوات كبيرة وهناك تطور فى الغاز وتقنيات تحويل المركبات، البنزين سعره اليوم 846 دولارا للطن بما يعادل 19 جنيها للتر وتكلفته محليا نحو 14.25، للتر بأنواعه المختلفة، وبالطبع الدولة تتحمل دعما أقل للبنزين عن السولار بسبب تكلفة الدعم وحجم الاستهلاك نفسه، فضلا عن ذروة استهلاك السولار فى مايو حيث إن الميكنة الزراعية تكون على أشدها ومواسم الحصاد فضلا عن زيادة النشاط السياحى والنقل وغيرها من المؤثرات المرتبطة برفع الاستهلاك وزيادة الطلب المحلي.

وأوضح د. مدحت يوسف أن مصر استطاعت أن تحقق اكتفاء ذاتيا من البنزين بنسبة تقريبية تبلغ نحو 85% وفى السولار حوالى 80%، وأشار إلى زيادة هذه النسبة خلال الفترة المقبلة مع الانتهاء من مشروعات التكرير وخاصة فى الإسكندرية وأسيوط، وأكد أن الدولة وتحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى استطاعت أن تخطو خطوات كبيرة جدا فى ملف البترول والغاز وتنفيذ العديد من المشروعات المهمة التى تسهم إسهاما كبيرا فى الحد من الاستيراد وتوفير العملة الأجنبية وتلبية احتياجات السوق المحلية من المنتجات البترولية، فضلا عن مشروعات البتروكيماويات والثروة المعدنية لزيادة القيمة المضافة.

تحويل السيارات

من ناحية أخرى، حظيت المبادرة القومية للتوسع فى تحويل السيارات للعمل بالغاز؛ بدعم رئاسى وحكومى كبير، ونجاح قطاع البترول فى تحقيق الانتشار السريع لمحطات التموين بالغاز فى جميع محافظات الجمهورية والتى يقترب عددها حاليا من الوصول الى 1000 محطة تنتشر على مختلف الطرق والمحاور الرئيسية فى جميع المحافظات ، بخلاف استحداث خدمات المراكز المتنقلة لتقديم خدمات تموين و تحويل السيارات لتحقيق مزيد من الانتشار والتيسير.

وخلال الفترة الحالية، تم إقرارا حزمة تيسيرات على المواطنين وعروض ترويجية جديدة تم الموافقة عليها لتقسيط تكلفة تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى من خلال انظمة تقسيط متنوعة ومرنة بدون فوائد وتتضمن الى جانب ذلك تقديم حوافز للعملاء.. وتشمل العروض والأنظمة الجديدة لشركتى غازتك وكارجاس منح العميل فى حالة سداد تكلفة تحويل سيارته بنظام الكاش بونات هدية لتموين سيارته بالغاز بقيمة 3375 جنيها.

وتشمل العروض الأخرى التقسيط على سنة بدون فوائد مع الاعفاء من المصاريف الادارية حيث يحصل العميل من خلال نظام التقسيط لمدة سنة على بونات هدية لتموين سيارته بالغاز بقيمة 2025 جنيها، او التقسيط على ١٨ شهرا بدون فوائد والاعفاء من المصاريف الادارية، كما يمكن التقسيط على سنتين بدون فوائد.

بدائل مختلفة للوقود

التيسيرات الجديدة هدفها تخفيف الأعباء على المواطنين وتقديم مختلف عوامل الجذب لحائزى السيارات لاستخدام الغاز الطبيعى خاصة بعد توافر وانتشار المحطات ومراكز التحويل والصيانة.. وتأتى المبادرة القومية للتوسع فى استخدام الغاز الطبيعى فى اطار توفير بدائل مختلفة للوقود امام المستهلك، ويبلغ سعر المتر المكعب من الغاز الطبيعى للسيارات 5.5 جنيه ويعادل لتر من البنزين، و بذلك تكون تكلفة الغاز اقل بنحو 56% من لتر البنزين 92، و اقل بنسبة 48% من لتر البنزين 80 بما يعكس أهميته كوقود موفر ماليًا للمواطن، وكذلك موفر لاستخدام البنزين لتخفيف الأعباء عن كاهل الموازنة العامة للدولة من خلال تقليص جانب من فاتورتى الدعم والاستيراد للمنتجات البترولية، علاوة على تحقيق الأهداف البيئية لكون الغاز الطبيعى أنظف أنواع الوقود.