أستاذ جامعي سوري يزرع بذور الثقافة الصينية العربية في بكين

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

على خلفية التبادلات الودية بين الصين والدول العربية، يختار المزيد من العرب الذهاب إلى الصين للدراسة والعمل فيها. اليوم، نأخذكم إلى تجربة سامي أبو عاصي، سوري مقيم في بكين، يعمل كأستاذ في الصين.


ووفقا لتقرير "CGTN" العربية جاء سامي إلى الصين في عام 2016 جئت بهدف الدراسة. وحصل على منحة دراسية لدراسة الماجستير في جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية، وبعد ذلك حصل على منحة دراسية أخرى لاستكمال الدراسات العليا لاستكمال الدكتوراه. تخرج في عام 2022 وحصل على شهادة الدكتوراه، وبعد ذلك حصل على العمل في هذه الجامعة جامعة الدراسات الدولية في بكين.

في عام ٢٠٠٧ كان والد سامي في زيارة إلى الصين ضمن وفد من الجمهورية العربية السورية، وعندما عاد إلى سوريا نقل تجربته وماذا رأى في الصين. ومنذ ذلك العام، بدأ الحلم يراود سامي في زيارة الصين والذهاب إلى الصين، ولم يتحقق هذا الحلم حتى عام ٢٠١٦ عندما حصل على منحة دراسية لزيارة الصين والتعرف على الصين والبقاء فيها حتى الآن.

أثناء دراسته، فاز سامي بالجائزة الثانية في مسابقة الكتابة للطلاب الدوليين بعنوان "الحزب الشيوعي الصيني في عيني"، ومن خلال هذه المسابقة، اكتسب سامي فهما أعمق للصين وهو ما ألهمه لدراسة المزيد عن الصين، واكتساب المزيد من المعرفة التي لم يتم تغطيتها من قبل.


ووفقا لتقرير "CGTN" العربية يعتقد الصينيون أن كثرة القراءة وكثرة الرحلات تتعادل أهمية بعد اكتساب فهم معين للثقافة والحضارة الصينية من خلال الكتابة والأنشطة الثقافية، ذهب سامي لتجربة الأنهار والجبال الشامخة في الصين بعينيه ونفسه التي تحب الاستكشاف ورؤية الصين الأوسع. وقال سامي، " يمكن القول إن السفر إلى المدن المختلفة ليس هدفا بحد ذاته، إنما هو وسيلة للوصول إلى الهدف، وهو تكوين تصور شامل عن الشعب الصيني وثقافته وعاداته وتقاليده، وهو ما يساعدني على تكوين أفكاري وتساعدني على نشرها لاحقا، إذن السفر إلى المدن المختلقة في الصين ليس هدفا، وإنما هو وسيلة للحصول على المعلومات التي أريدها أو التي أريد أن أقوم بتكوينها ونشرها".

إن الصين التي وصفها والده في عام 2007، والصين التي رآها سامي لأول مرة في عام 2016، والصين التي تعرف عليها بعد سنوات عديدة في الصين، قد شهدت تطورا مستمرا وتغيرا خلال كل عام وكل يوم. وقد جذبت الصين الملونة سامي للبقاء في هذا البلد بعد إكمال دراسته.

عرف سامي أن جامعة الدراسات الدولية الثانية في بكين لديها مركز لدراسات الشرق الأوسط، والذي يضم أيضا اللغة العربية وأربع لغات شرق أوسطية أخرى. ونظرا لتخصصه في الجامعة ومعرفته وفهمه للصين، اختار سامي أن يصبح أستاذا في الكلية.

في عام 2007 زرع والده بذرة عن الصين في قلب سامي، والآن أصبح سامي مدرسا جامعيا، وسيزرع بذور الثقافة العربية في قلوب دفعات الطلاب وسيساهم في تعزيز التبادلات الثقافية بين الصين والدول العربية.

أدى تغيير الهوية من الطالب إلى الأستاذ أيضا إلى تغييرات نفسية كبيرة لدى سامي. وهو قال،" كما أشارت سابقا بكل تأكيد حصل تغير واضح على الصعيد الشخصي بين المرحلتين مرحلة الطالب ومرحلة الأستاذ ويمكن القول أن العبء أصبح أكبر بعدما أصبحت أستاذ، لأنني أحتاج إلى وقت أطول لجميع المعلومات المفيدة والتي تتناسب مع المستوى المعرفي للطلاب، وما يتوجب على ذلك من تحمل مسؤولية كبيرة أمام الطلاب وتقديم أفضل ما لدي، يمكنني القول أنني ما أقوم به الآن هو رد الجميل فأنا درست في الصين والآن أقوم بالتدريس أي أقوم برد الجميل للصين."

رغم شعوره بحجم كبير لمسؤولياته، إلا أن سامي يعتقد أنه بعد أن أصبح أستاذا، أصبح أكثر تفاؤلا، فالعلاقة المتناغمة والسعيدة بينه وبين طلابه أثرت على حياته في الصين من نوع آخر، والأهم من ذلك، أنه يشعر بالفخر بأن يكون قادرا على مساعدة الطلاب خلال مرحلة دراستهم واكتساب معارفهم وانتقالهم من شباب في عمر الـ 18 عاما إلى شباب مندمجين في المجتمع يتمتعون بنضج ملموس.

خلال مسيرة سامي المهنية القصيرة كأستاذ، قام بتدريس أكثر من 100 طالب ويرسل له الطلاب التهاني كل عام في يوم المعلمين، الأمر الذي يجعل سامي فخورا وسعيدا للغاية.

قال سامي، "حتى الآن بلغ عدد الطلاب الذين درستهم ما يقرب من ١٦٠ طالب وطالبة. في البداية لم أكن أتذكر أن ذلك اليوم هو يوم عيد المعلم الصيني، لأنه كما تعلمين أن يوم المعلم في سوريا مختلف عن عيد المعلم في الصين، إلا أن بادر أحد طلابي قام بتقديم هدية فكانت جميلة جدا، وأشعرتني بأنني ما قمت بتقديمه للطلاب لم يذهب سدى لم يذهب خسارة وأن هنالك نتيجة مما أقوم به فعندما يأتي طالب ويقول لك كل عام وأنت بخير هذا يكفيني."

في عملية تقديم الدورات المهنية، يتبنى سامي أساليب مختلفة ويقوم بتدريس الطلاب وفقا لكفاءتهم ولاهتماماتهم وخصائصهم المختلفة حيث يستعد جيدا لكل فصل ويعلم الطلاب المعرفة المهنية والثقافة المعمقة وعندما يتحدث
الطلاب عن أستاذ سامي، يقولون أن أستاذ سامي مدرس جاد ودقيق للغاية " إن أستاذ سامي يركز بشكل أساسي على فهم دقة تدريس المعرفة، ولديه متطلبات عالية جدًا في طريقة تدريسه الخاص. ثم يقوم بمراجعة المحتوى الذي يعلمنا إياه بكل دقة وجدية قبل تقديمه لنا."

تضع دراسة المعرفة المهنية باللغة العربية أساس التواصل اللغوي للطلاب، ومن أجل فهم أعمق للثقافة العربية، ينظم سامي بعض الأنشطة الثقافية العربية ليجعل الدروس أسهل، حتى يتمكن الطلاب من الحصول على تجربة أكثر واقعية وفهم ملموس للدول العربية. قال أحد الطلاب لسامي، "كما كان يدعونا إلى منزله ويعد لنا وجبات عربية أصيلة، ونجلس على الأرض مثل العرب ونأكل الطعام العربي الذي أعده لنا.

 قدّم لنا بعض الأشياء في الثقافة العربية التي كنا لا نعرفها، وعلمنا إياها بشكل مميز أي من عربي مباشرة، مما يجعلنا نشعر بالمزيد من الحماس، فهذه نافذة حية لنا لنعمق أكثر معارفنا."

ان العلاقة بين سامي وطلابه ليست مجرد صداقة فقط، بل هم عبارة عن عائلة واحدة، حتى أن بعض طلابه يطلقون على سامي لقب "العم" بمودة مثل سكان الشمال الشرقي في الصين.

قام سامي في الصين بتدريس اللغة العربية والثقافة العربية لطلابه سواء في الفصل الدراسي أو في حياته كمدرس. عند عودته إلى سوريا كل صيف، يشارك سامي ما رآه وتعلمه في الصين مع أقاربه وأصدقائه، وخاصة أولئك الذين يظهرون اهتمامهم الكبير بالصين، مما جذب المزيد من الناس لتعلم اللغة الصينية وفهم الصين، وهو ما يجعل سامي عبارة عن "سفير مدني".

وبفضل التعاون بين الصين والدول العربية في مختلف المجالات، أصبحت العلاقات بين الجانبين أقرب وبشكل أوثق، وخاصة بين هؤلاء الطلاب الذين يدرسون اللغتين الصينية والعربية، فهم بمثابة جسر وثيق لتنمية العلاقات الصينية العربية.

ويثق سامي بأنه بعد الانتهاء من الدورة التدريسية، سيكون لدى الطلاب الصينيين والعرب فهم أعمق حول الصين والدول العربية، وسيكونون قادرين أيضا على زرع بذور تعلم اللغتين الصينية والعربية في قلوب طلاب الشعبين.

خلال السنوات السبع التي قضاها في الصين، كان لسامي كطالب وكمدرس دور كبير في تعزيز التبادلات الثقافية بين الصين والدول العربية. إن البذرة التي زرعها والده في قلبه عام 2007 قد نضجت بالفعل وتم حصادها، وقد تم زرعه من خلاله كونه "بستانيا" في قلوب المزيد من الناس. وفي قلب سامي، قد أصبحت بكين مسقط رأسه الثاني، كما قال سامي نفسه، " عندما أعود إليها وكأنني أعود إلى مدينتي في سوريا نفس الشعور وذات الشعور.

ولا ندري ماذا سوف يحدث بعد ذلك ولكن حتى الآن رغبتي البقاء هنا."إن العلاقة بين الدول تكمن في الألفة المتبادلة بين الشعوب، وهذه الألفة بين الشعوب تكمن في التفاهم المتبادل بين القلوب. لقد زُرعت بذور الثقافة الصينية العربية في قلوب الشعبين الصيني والعربي، ونأمل في أن يرعى هذه البذور ويغذيها "البستانيون" مثل الأستاذ سامي، وأن تنمو على طريق الصداقة الصينية العربية.