لماذا «إخوان» تونس يتشاءمون من شهر أكتوبر؟!

إخوان تونس
إخوان تونس

أيمن‭ ‬فاروق‭ ‬

إخوان‭ ‬تونس‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يلقبونها‭ ‬‮«‬بحركة‭ ‬النهضة‮»‬‭ ‬يتمنون‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬يتم‭ ‬حذفه‭ ‬من‭ ‬شهور‭ ‬العام،‭ ‬أو‭ ‬يلقب‭ ‬باسم‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬هذا‭ ‬الشهر،‭ ‬فهو‭ ‬مليئ‭ ‬بالأحداث‭ ‬الحزينة‭ ‬والمأساوية‭ ‬لإخوان‭ ‬تونس،‭ ‬ففيه‭ ‬تم‭ ‬إنهاء‭ ‬عشرية‭ ‬حكم‭ ‬الإخوان؛‭ ‬إذ‭ ‬تقلد‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬مقاليد‭ ‬حكم‭ ‬تونس‭ ‬وتوليه‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬ليقضي‭ ‬على‭ ‬الإخوان‭ ‬مستندا‭ ‬لدعم‭ ‬شعبي‭ ‬كبير،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬مضت،‭ ‬قرر‭ ‬قاضي‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬بتونس،‭ ‬تمديد‭ ‬توقيف‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السابق،‭ ‬الإخواني‭ ‬علي‭ ‬العريض،‭ ‬لمدة‭ ‬4‭ ‬أشهر،‭ ‬كما‭ ‬سيتم‭ ‬فيه‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬انتخابات‭ ‬المجالس‭ ‬المحلية‭ ‬بتونس،‭ ‬مما‭ ‬يمثل‭ ‬المسمار‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬نعش‭ ‬إخوان‭ ‬تونس‭ ‬والقضاء‭ ‬عليهم‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭.. ‬وإلى‭ ‬التفاصيل‭.‬

مر‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬رئاسة‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬لتونس،‭ ‬وقيادته‭ ‬طريق‭ ‬الإصلاح‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬الإخوان‭ ‬وإعطاء‭ ‬الكارت‭ ‬الأحمر‭ ‬لحركة‭ ‬النهضة‭ ‬واجتثاث‭ ‬أشواكها‭ ‬من‭ ‬وطن‭ ‬قارب‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬حكمها‭ ‬على‭ ‬الضياع،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬يعتبره‭ ‬شعبه‭ ‬بمثابة‭ ‬طوق‭ ‬نجاة‭ ‬لتونس‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أوشكت‭ ‬على‭ ‬الغرق‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الإخوان‭ ‬تلك‭ ‬الجماعة‭ ‬التي‭ ‬أربكت‭ ‬مسار‭ ‬الدولة‭ ‬والشعب‭ ‬التونسي،‭ ‬ليأتي‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ "‬أكتوبر‭" ‬ويفوز‭ ‬بالرئاسة‭ ‬بأغلبية‭ ‬ساحقة‭ ‬ليؤسس‭ ‬لعهد‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬تونس‭ ‬بعد‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬كادت‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬أن‭ ‬تودي‭ ‬بهذا‭ ‬البلد‭ ‬إلى‭ ‬الجحيم،‭ ‬لكنه‭ ‬كتب‭ ‬هو‭ ‬نهاية‭ ‬تلك‭ ‬الحركة‭ ‬للأبد‭.‬

لمن‭ ‬لم‭ ‬تسعفه‭ ‬ذاكرته‭ ‬أو‭ ‬يمتلك‭ ‬ذاكرة‭ ‬السمكة،‭ ‬فإن‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬أعلنت‭ ‬هيئة‭ ‬الانتخابات‭ ‬التونسية‭ ‬عن‭ ‬فوز‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬رسميا‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية،‭ ‬بحصوله‭ ‬على‭ ‬الأغلبية‭ ‬المطلقة‭ ‬للأصوات‭ ‬بنسبة‭ ‬72‭,‬71‭ %‬،‭ ‬فيما‭ ‬حصل‭ ‬منافسه‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬التونسي‭ ‬نبيل‭ ‬القروي‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬27,29‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬أصوات‭ ‬الناخبين،‭ ‬ليعد‭ ‬قيس‭ ‬رابع‭ ‬رئيس‭ ‬لتونس‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬كا‭ ‬أنه‭ ‬سابع‭ ‬رئيس‭ ‬للجمهورية‭ ‬التونسية‭ ‬منذ‭ ‬إعلانها‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يوليو‭ ‬1957‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬الملكية‭ ‬أو‭ "‬البايات‭" ‬كما‭ ‬يطلقون‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬وتنتهي‭ ‬ولايته‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2024‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬المهمة‭ ‬سهلة‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي؛‭ ‬حيث‭ ‬أعلن‭ ‬منذ‭ ‬فوزه‭ ‬عن‭ ‬دخوله‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬تحرير‭ ‬وطني،‭ ‬وهذا‭ ‬وفقا‭ ‬لما‭ ‬أعلن‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مؤتمرات‭ ‬ومناسبات،‭ ‬تلك‭ ‬حرب‭ ‬التحرير‭ ‬ضد‭ ‬تنظيم‭ ‬الإخوان،‭ ‬وفقا‭ ‬لإعلانه‭ ‬الدائم،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬حقائق‭ ‬خطيرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬عن‭ ‬تورط‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬الإرهاب‭ ‬والاغتيالات‭ ‬والفساد‭ ‬المالي،‭ ‬وكانت‭ ‬البداية‭ ‬عندما‭ ‬اصطدم‭ ‬براشد‭ ‬الغنوشي،‭ ‬زعيم‭ ‬إخوان‭ ‬تونس،‭ ‬ورئيس‭ ‬البرلمان‭ ‬حينذاك؛‭ ‬ليكتشف‭ ‬حقائق‭ ‬مخيفة‭ ‬وفقا‭ ‬لوصف‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬لها،‭ ‬وعليه‭ ‬أزاح‭ ‬الإخوان‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يوليو‭ ‬2021‭ ‬بعد‭ ‬خروج‭ ‬الآلاف‭ ‬مطالبين‭ ‬برحيل‭ ‬الإخوان‭ ‬وحرقوا‭ ‬مقار‭ ‬النهضة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬تونس،‭ ‬ووقتها‭ ‬خرج‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬وأعلن‭ ‬تجميد‭ ‬عمل‭ ‬البرلمان‭ ‬وتجريد‭ ‬أعضائه‭ ‬من‭ ‬الحصانة‭ ‬وإعفاء‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬مستندا‭ ‬لدعم‭ ‬شعبي‭ ‬كبير،‭ ‬وحينها‭ ‬عين‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬نجلاء‭ ‬بودن‭ ‬رئيسة‭ ‬للحكومة‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬سبتمبر‭ ‬2021،‭ ‬وفي‭ ‬13‭ ‬ديسمبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬ذاته،‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬استشارة‭ ‬إلكترونية،‭ ‬يليها‭ ‬استفتاء‭ ‬شعبي‭ ‬حول‭ ‬الدستور،‭ ‬ثم‭ ‬تنظيم‭ ‬انتخابات‭ ‬تشريعية‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022‭ ‬ينتهي‭ ‬على‭ ‬إثرها‭ ‬العمل‭ ‬بالتدابير‭ ‬الاستثنائية‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يولي‭ ‬2021،‭ ‬كما‭ ‬أمر‭ ‬في‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭ ‬بحل‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقضاء،‭ ‬لتطهير‭ ‬القضاء‭ ‬من‭ ‬أيادي‭ ‬الإخوان‭ ‬التي‭ ‬سيطرت‭ ‬عليه،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬مارس‭/‬آذار‭ ‬2022‭ ‬عيّن‭ ‬مجلسا‭ ‬جديدا‭ ‬للقضاء،‭ ‬ثم‭ ‬حل‭ ‬البرلمان‭ ‬بعدها‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬ثم‭ ‬حل‭ ‬الهيئة‭ ‬العليا‭ ‬المستقلة‭ ‬للانتخابات‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2022،‭ ‬وألغى‭ ‬دستور‭ ‬الإخوان‭ ‬لسنة‭ ‬2014‭ ‬وجميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬المنبثقة‭ ‬عنه،‭ ‬وتم‭ ‬إعداد‭ ‬دستور‭ ‬جديد‭ ‬للبلاد‭ ‬وتمريره‭ ‬عبر‭ ‬استفتاء‭ ‬25‭ ‬يوليو‭ ‬2022،‭ ‬وفي‭ ‬أغسطس‭ ‬2023‭ ‬أنهى‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد،‭ ‬مهمات‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬نجلاء‭ ‬بودن،‭ ‬وعين‭ ‬خلفها‭ ‬أحمد‭ ‬الحشاني‭. ‬

وقام‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬بفتح‭ ‬ملف‭ ‬الإخوان‭ ‬الأسود‭ ‬وبدأت‭ ‬مسيرة‭ ‬محاسبتهم‭ ‬إذ‭ ‬أنهم‭ ‬لطالما‭ ‬أجرموا‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬تونس،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يوليو‭ ‬2021،‭ ‬وأخذ‭ ‬القضاء‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬الملفات‭ ‬الخطيرة،‭ ‬وعليه،‭ ‬دخلت‭ ‬السجون‭ ‬قيادات‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي،‭ ‬وعلي‭ ‬العريض‭ ‬ونور‭ ‬الدين‭ ‬البحيري‭ ‬والسيد‭ ‬الفرجاني‭ ‬ومنذر‭ ‬الونيسي‭ ‬والصحبي‭ ‬عتيق‭ ‬وغيرهم،‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬مرتبطة‭ ‬بغسيل‭ ‬أموال‭ ‬وتلقي‭ ‬تمويلات‭ ‬أجنبية‭ ‬لحزب‭ ‬النهضة‭ ‬والتورط‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬الاغتيالات‭ ‬السياسية‭ ‬وتسفير‭ ‬الشباب‭ ‬إلى‭ ‬بؤر‭ ‬التوتر‭ ‬والإرهاب‭.‬

توقيف‭ ‬على‭ ‬العريض

ولأن‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬يعد‭ ‬شهر‭ ‬المحاسبة‭ ‬وكشف‭ ‬المستور؛‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬شهر‭ ‬تلقت‭ ‬الإخوان‭ ‬فيه‭ ‬ضربات‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬فوز‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬بالرئاسة،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬شؤوم‭ ‬ومن‭ ‬الأشهر‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يحبها‭ ‬الإخوان،‭ ‬إذ‭ ‬قرر‭ ‬قاضي‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬بتونس‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬مضت،‭ ‬تمديد‭ ‬توقيف‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السابق،‭ ‬الإخواني‭ ‬علي‭ ‬العريض،‭ ‬لمدة‭ ‬4‭ ‬أشهر،‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬يأتي‭ ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬التحقيق‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬تسفير‭ ‬الإرهابيين‭ ‬إلى‭ ‬سوريا،‭ ‬وكان‭ ‬قاضي‭ ‬التحقيق‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬أصدر‭ ‬مذكرة‭ ‬إيداع‭ ‬بالسجن‭ ‬بحق‭ ‬العريض‭ ‬منذ‭ ‬19‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022،‭ ‬إثر‭ ‬استجوابه‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تحقيقات‭ ‬متعلقة‭ ‬بشبكات‭ ‬التسفير‭.‬

ولا‭ ‬تزال‭ ‬تتلقى‭ ‬الجماعة‭ ‬الارهابية‭ ‬ضربات‭ ‬متعددة‭ ‬ومتنوعة‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الشهر؛‭ ‬حيث‭ ‬ستجرى‭ ‬انتخابات‭ ‬المجالس‭ ‬المحلية‭ ‬بتونس،‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تعد‭ ‬المسمار‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬نعش‭ ‬الإخوان،‭ ‬لأن‭ ‬تونس‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬نهج‭ ‬الإصلاج‭ ‬وتخليصها‭ ‬من‭ ‬براثن‭ ‬حركة‭ ‬النهضة،‭ ‬استمرارا‭ ‬لطريق‭ ‬قرارات‭ ‬25‭ ‬يوليو‭ ‬2021‭  ‬الاستثنائية؛‭ ‬حيث‭ ‬تتجه‭ ‬تونس‭ ‬نحو‭ ‬خطوة‭ ‬هامة‭ ‬وجديدة،‭ ‬ربما‭ ‬تمثل‭ ‬آخر‭ ‬أنفاس‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬داخل‭ ‬تونس‭ ‬ونهايتها،‭ ‬وبعد‭ ‬قرابة‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2021‭ ‬والتي‭ ‬على‭ ‬إثرها‭  ‬صعدت‭ ‬الأحزاب‭ ‬اليسارية‭ ‬والقومية‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2021‭ ‬وأخذت‭ ‬تونس‭ ‬تستعد‭ ‬لانتخابات‭ ‬مجلس‭ ‬الجهات‭ ‬والأقاليم،‭ ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬آخر‭ ‬استحقاق‭ ‬لمسار‭ ‬25‭ ‬يوليو،‭ ‬والذي‭ ‬بدأه‭ ‬الرئيس‭ ‬لاستعادة‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬أيدي‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬وفي‭ ‬خطوة‭ ‬أخيرة‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬ذلك‭ ‬المسار،‭ ‬ستجرى‭ ‬انتخابات‭ ‬مجلس‭ ‬الجهات‭ ‬والأقاليم،‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬2155‭ ‬دائرة‭ ‬انتخابية،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالانتخابات‭ ‬البلدية‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬350‭ ‬دائرة‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬استعدادات‭ ‬لوجستية‭ ‬وبشرية‭ ‬مهمة،‭ ‬وأعلنت‭ ‬الهيئة‭ ‬العليا‭ ‬المستقلة‭ ‬للانتخابات،‭ ‬أنها‭ ‬ستنظم‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬المقبل،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تنصيب‭ ‬المجلس‭ ‬منتصف‭ ‬أبريل‭ ‬أو‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬2024،‭ ‬ويرتكز‭ ‬النظام‭ ‬النيابي‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬غرفتين‭ ‬نيابيتين،‭ ‬عوضاً‭ ‬عن‭ ‬غرفة‭ ‬واحدة‭ ‬قبل‭ ‬حل‭ ‬البرلمان‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يرأسه‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي‭ ‬زعيم‭ ‬إخوان‭ ‬تونس،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدستور‭ ‬التونسي‭ ‬المصادق‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يوليو‭ ‬2022،‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬توافق‭ ‬الغرفتان‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مشروعات‭ ‬القوانين،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬قانون‭ ‬المالية،‭ ‬وكل‭ ‬مخططات‭ ‬التنمية‭ ‬المحلية‭ ‬والجهوية‭.‬

ويرى‭ ‬خبراء‭ ‬الشان‭ ‬السياسي‭ ‬والحزبي‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬أن‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬يعد‭ ‬شهر‭ ‬شؤم‭ ‬على‭ ‬الإخوان‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أنهم‭ ‬انتهوا‭ ‬من‭ ‬الخارطة‭ ‬السياسية‭ ‬التونسية،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬البرلمان‭ ‬الجديد‭ ‬يعد‭ ‬أول‭ ‬برلمان‭ ‬خالي‭ ‬من‭ ‬الإخوان‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2011‭. ‬

فسادهم

وكان‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬التونسي،‭ ‬قد‭ ‬صرح‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬إعلامي‭ ‬بلندن،‭ ‬قائلا‭: ‬إن‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬ليس‭ ‬دوجمائيا‭ ‬بل‭ ‬برجماتيا‭ ‬ويحب‭ ‬الحياة،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ "‬الإخوان‭ ‬حكموا‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬2011‭ ‬مع‭ ‬أحزاب‭ ‬أخرى،‭ ‬وفقدوا‭ ‬كل‭ ‬مصداقية‭ ‬بسبب‭ ‬ارتباطاتهم‭ ‬بالخارج‭"‬،‭ ‬مضيفا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬الجماعة‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة،‭ ‬فشل‭ ‬سياسي‭ ‬واقتصادي‭ ‬ومالي،‭ ‬وبحث‭ ‬جعلت‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬صعب‭ ‬جدا،‭ ‬وعليه‭ ‬لفظهم‭ ‬التونسيون،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬مشكلة‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬جماعة‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي،‭ ‬لديهم‭ ‬مشكلة‭ ‬مع‭ ‬تونس،‭ ‬لأنها‭ ‬حكمت‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬2011‭ ‬مع‭ ‬أحزاب‭ ‬أخرى‭ ‬وفقدوا‭ ‬كل‭ ‬مصداقية،‭ ‬تونس‭ ‬بلد‭ ‬عاش‭ ‬تجربة‭ ‬تبين‭ ‬فشلها،‭ ‬وعلينا‭ ‬استخلاص‭ ‬العبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬وصف‭ ‬فساد‭ ‬الإخوان،‭ ‬مؤخرا،‭ ‬أن‭ ‬آثاره‭ ‬لا‭ ‬تقِل‭ ‬عن‭ ‬قصف‭ ‬مستشفيات‭ ‬فلسطين،‭ ‬وجاء‭ ‬ذلك‭ ‬وفي‭ ‬جولة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬تصريحاته‭ ‬المنددة‭ ‬بحكم‭ ‬الإخوان،‭ ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬إن‭ ‬الفساد‭ ‬نخر‭ ‬البلاد،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ "‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬المسؤولين‭ ‬المتورطين‭ ‬يقولون‭ ‬عنهم‭ ‬أبرياء‭"‬،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الانتقادات‭ ‬التي‭ ‬تلاحق‭ ‬القرارات‭ ‬المتخذة‭ ‬بحق‭ ‬عناصر‭ ‬وقادة‭ ‬الإخوان‭.‬

كما‭ ‬شدد‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ "‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬ثورة‭ ‬تشريعية‭ ‬لتطهير‭ ‬البلاد‭ ‬وطرد‭ ‬اللوبيات‭ ‬من‭ ‬المرافق‭ ‬الحكومية‭"‬،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أن‭ "‬آثار‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬التونسية‭ ‬لا‭ ‬تقِل‭ ‬عن‭ ‬آثار‭ ‬قصف‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭". ‬

اقرأ أيضا : بعد أعلان الرئيس التونسي ..إخوان تونس إلى الهاوية

 

 

;