يوميات الاخبار

ارجع يا زمان !

عاطف زيدان
عاطف زيدان

«تبادلنا أطراف الحديث عن الأيام الخوالى، وذكريات الزمن الجميل. ملامح الكل لم تتغير كثيرا، باستثناء ما حفره الزمن، من غضون وشيب وتساقط أسنان. الأصوات لم تتغير كثيرا أيضا، وان أصابها وهن السنين..»

التقينا بالأحضان، بعد عقود، فى سرادق عزاء ابنة عمى، الحاجة عواطف، حرم أستاذنا فى مدرسة كفر القلشى الابتدائية، الأستاذ سعد زيدان، رحمه الله. اختلطت مشاعر الحزن والشوق، وحبسنا الدموع، من شدة المشاعر. إنهم زملاء الدراسة، فى المرحلة الابتدائية، مصطفى الشال ووجيه أبو اليزيد وعادل عبد المنصف. بعضهم لم أره منذ خمسين عاما، بسبب زحمة الحياة وانشغال كل منا بعمله وحياته، وتباعد أماكن الإقامة. وزاد من زخم المشاعر، دخول أستاذنا مختار شهاب، أطال الله فى عمره. تسابق معظم من فى السرادق لاستقباله، بكل الحب والاحترام، الذى كنا نعامله به منذ الصغر، فكل صباح أمام المدرسة، عندما كان يصل بدراجته كنا نقف له احتراما وتقديرا..
بعد انتهاء العزاء، تبادلنا أطراف الحديث عن الأيام الخوالى وذكريات الزمن الجميل. ملامح الكل لم تتغير كثيرا، باستثناء ما حفره الزمن، من غضون وشيب وتساقط أسنان. الأصوات لم تتغير كثيرا أيضا، وان أصابها وهن السنين. الابتسامة هى هي. وكل منا يجود بما تحمله الذاكرة، عن سنوات الطفولة البريئة الجميلة. وانتقلنا كالعادة الى مرحلة المقارنة، بين ما نعانيه اليوم، من متاعب الحياة العصرية وما طرأ على قريتنا من تغيير. أين مبانى الطوب اللبن القديمة الفسيحة، التى تتوسطها غالبا «طلمبة المياه»، تضخ مياها صافية نقية باردة، من جوف الأرض. وعبرت عن اشتياقى الى التمشية بين حقول الزراعات المتنوعة، والتمدد عصرا تحت الأشجار الوارفة، وتناول ثمار التوت التى تتصبب عسلا. تبادلنا اجترار الذكريات، ومقارنة ذلك بما نعيشه اليوم، من زحام وما نصطدم به من نفوس عكرة، وقلوب قاسية، ولسان حالنا يقول: قل للزمان ارجع يازمان!
جمال قنديل
الأحد :
اصطدمت فور استيقاظي، ببوست للزميل هشام مبارك، على فيسبوك، ينعى فيه، الصديق العزيز جمال قنديل مدير تحرير الأخبار. حزنت بشدة، وانفجرت تيارات الأسى فى داخلى. فقد كان الراحل ودودا طيبا مع الجميع. تذكرت آخر مرة التقينا فيها فى صالة التحرير. همس جمال فى أذني، بينما كنت أنجز عملا عاجلا على الكمبيوتر. قال: الحقنى على الاستراحة، هعملك كوباية قرفة بالجنزبيل. ابتسمت وأومأت برأسى موافقا. شكوت له ونحن نجلس فى الاستراحة، من آلام مبرحة فى العمود الفقري، خاصة أسفل الظهر. نصحنى بشراء جهاز صغير لتدليك المنطقة القطنية، وظل يشرح لى باهتمام شديد، موقع المحل الذى يبيع تلك الأجهزة، امام مستشفى الدمرداش. لم اهتم كثيرا. فقد أصابنى اليأس، بعد أن جربت كل أنواع العلاج الطبيعي، وأجريت عملية جراحية خطيرة، دون أن أتخلص من تلك الاوجاع، وسألته: سيبك منى، انت عامل ايه؟.. قال برضا يحسد عليه، وهو الذى يعانى من المرض الخبيث منذ سنوات: انا الحمد لله كويس. ثم أردف قائلا: «اسمع كلامي، هات الجهاز ده وهتدعيلى، ولو مكسل انا مستعد اجيبه لك». شكرته كثيرا ، وقلت: لا لا ، انا هشتريه ده فى طريقى. هذا جانب من الصديق المحب المعطاء للجميع. رحمك الله ياصديقى، وجعل ماقدمت من عطاء، فى ميزان حسناتك. إنا لله وإنا إليه راجعون.
سكان الفضاء
الإثنين :
أهدانى الكاتب الصحفى الكبير الصديق السيد هانى مدير تحرير الجمهورية، المتخصص فى الشئون الخارجية، كتابه الرائع، «من موسكو الى فورونيج .. رحلة البحث عن سكان الفضاء»، الذى يحمل جهدا كبيرا، لصحفى دؤوب، مهموم بالبحث عن الحقيقة. فقد فند الكاتب كل ما صدر من تصريحات، وما نشر من أنباء عن الأطباق الطائرة وسكان الفضاء. بل قام بالسفر الى احدى المناطق الروسية، التى قيل انها شهدت ظهور مخلوقات فضائية. واستقصى بمهنية عالية حقيقة الأمر. استمتعت بالكتاب رغم ضخامته، حيث يقع فى ٢٩٦ صفحة، وأحسست بين صفحاته، اننى اقرأ رواية ممتعة. فالوقائع مدهشة والسرد جميل، والاستقصاء حرفي. والحصيلة إلمام كامل بعالم الأطباق الطائرة والكائنات الفضائية، وإجابة شافية عن التساؤلات الحائرة، هل نعيش فى هذا الكون وحدنا؟ ام أن هناك آخرين يسكنونه؟
كل ده كان ليه
الثلاثاء :
ما إن أدرت محرك السيارة، استعدادا للذهاب الى الجريدة، حتى فوجئت بلفحة نسيم رطبة، أنعشت صدرى، بعد ليل دامس، عانيت خلاله من الأرق، انه صوت عبد الوهاب العذب وكلمات الراحل مأمون الشناوي، ووجدت نفسى أردد معه نفس الأغنية الرائعة التى تنساب من راديو السيارة، ولحنها موسيقار الأجيال منذ ما يقرب من 70 عاما، الله عليك ياعبد الوهاب.
«كل دا كان ليه .. لمّا شفت عينيه..
حن قلبى إليه..
وانشغلت عليه .. وانشغلت عليه..
كل دا كان ليه .. كان ليه .. ليه..
قال لى كام كلمة..
يشبهوا النسمة..
فى ليالى الصيف..
فاتنى وفى قلبي..
شوق بيلعب بي..
وفى خيالى طيف..
غاب عنى بقى له يومين..
آه ما أعرفش وحشنى ليه..
غاب عنى بقى له يومين..
ما أعرفش وحشنى ليه..
احترت أشوفه فين..
وإن شوفته هأقوله إيه..
احترت أشوفه فين..
وإن شوفته هأقوله إيه..
كل دا كان ليه .. لمّا شفت عينيه..
حن قلبى إليه .. وانشغلت عليه .. وانشغلت عليه..
كل دا كان ليه .. كان ليه .. ليه..»
ليلة بألف ليلة
الخميس :
تلقيت اتصالا من ابنتى الكبرى د. سالى، بينما كنت استعد لمغادرة الجريدة، عرفت من خلاله، انها موجودة فى النادى مع الأحفاد الطعمين. وجدتنى اتصل بزوجتى حتى تجهز نفسها. كى أمر عليها واصطحبها الى النادي. ضحكت قائلة: يبقى الحلوين هناك. وصلنا مقر النادى وأخذت «هنا ويحيى وليان» فى أحضاني. راح التعب وانتشى البدن. أكلنا وشربنا ولعبنا معا. طالت جلستنا بعد أن انضم إلينا زوج ابنتي. واستمرت ليلتنا حتى الواحدة صباحا. وكانت ليلة بألف ليلة. أعترف ان أسعد أوقاتي، هى تلك التى أقضيها فى ظلال أحفادي. وكثيرا ما أتصل بابنتي، عندما أشعر بمزاج سيئ، وأطلب منها ان تأتى الي بالأحفاد إن استطاعت. والحق يقال لم تتأخر يوما، لإدراكها أن أكثر ما يسعدنى وزوجتى، هو وجود الأحفاد. وصدق القائل «أعز الولد ولد الولد»، ربنا يبارك فيهم ويحفظهم، وأولادكم وأحفادكم جميعا.
آخر كلام
الجمعة :
سالى أحبك فافهمى ..
سأظل أخفى عن عيونك
دمعى المتلاطم
قد جئت فى زمن
من الفولاذ فظ أبكم
أخشى عليك يا ابنتى
من عالم لا يرحم..