حريات

حرب النفس الطويل

رفعت رشاد
رفعت رشاد

رغم الوضع المتأزم والمأساوى من الناحية الإنسانية داخل غزة ،  إلا أن المقاومة الفلسطينية تبدو فى حالة ثبات انفعالى وثقة من قدرتها على التعامل مع الوضع الحالى وما يليه إذا اجتاحت إسرائيل غزة بريا .

من خططوا ونفذوا طوفان الأقصى لا يفوتهم ما يترتب على ما قاموا به . واللافت أن تأخير إسرائيل عملية اجتياح القطاع يؤكد أن جاهزية جيشها محل شك خاصة أنها تواجه حرب أفراد من الفدائيين ولا تواجه جيشا نظاميا ،  ولو كانت الحرب فى مواجهة جيش نظامى وتعامل الإسرائيليون معه بهذه الطريقة لكانت هزيمتهم مروعة وربما كانت اختفت إسرائيل . 

يدرك الفدائيون المتمرسون على التعامل مع العدو الصهيونى حقيقة الأمر كما تدركه إسرائيل التى لا يمكنها ممارسة حرب طويلة وذلك لطبيعة مجتمعها الداخلى كدولة تعيش على الدعم الخارجى حتى لو كان اقتصادها لا يعانى كثيرا . فاستدعاء الاحتياطى يهز ثقتهم بأنفسهم وبجيشهم أمام العالم .

كما أن مجالات اقتصادية عديدة توقف العمل بها مثل السياحة واستخراج الغاز ،  ويكفى الذعر الذى يسيطر على شعبهم تخوفا من غارات مفاجئة خاصة بعدما تم أسر جنرالات الأمر الذى يعتبر بمثابة حرب نفسية يتعامل بها الفلسطينيون مع الصهاينة . وهو ما يؤكد التطور الكبير فى المنهج المقاوم الذى صار يجيد فنون الحرب فى كل مجالاتها بما فيها المجال النفسى . 

إن استمرار الحرب وطول مدتها فى صالح الفلسطينيين الذين تعودوا على الاستشهاد كل يوم مرات ومرات ولا توجد عائلة واحدة لم تفقد شهداء وليس شهيدا واحدا ،  كما أن تدمير بيوتهم وفقدهم العمل وغير ذلك مسائل ليست جديدة عليهم ،  على عكس الإسرائيليين الذين يعيشون فى خوف وشعور بعدم الأمان رغم كل ما يملكونه من أسلحة وتكنولوجيا لا تبخل عليهم بها الدول الكبرى . 

إن الحرب فى غزة بين المقاومة الفلسطينية والمحتل الإسرائيلى هى حرب النفس الطويل ،  وقد انتصرت الجزائر من قبل وانتصرت فيتنام من قبل على أعداء عتاة ،  وسوف تنتصر فلسطين على العدو الصهيونى .