نثمن دور مصر التاريخى وتضحيات الشهداء لاسترداد حقوق الفلسطينيين

المؤتمر العالمى لدار الإفتاء| القضية الفلسطينية ستبقى راسخة حتى زوال العدوان

كبار الحضور فى المؤتمر العالمى لدار الإفتاء -  د. شوقى علام
كبار الحضور فى المؤتمر العالمى لدار الإفتاء - د. شوقى علام

أكد المؤتمر العالمى لدار الإفتاء والذى عقد تحت عنوان «الفتوى وتحديات الألفية الثالثة» أصالةَ القضية الفلسطينية والأقصى الشريف وتَرسُّخها فى وجدان الأمة الإسلامية شعوبًا وحُكامًا، وأن قضية فلسطين كانت -وما زالت- حيةً تلتفُّ حولها قلوب الأمة العربية والإسلامية جميعها، ولا تموت بالتقادم، بل تظل حيةً حتى يأذن الله تعالى ويعود الحق إلى أصحابه ويندحر العدوان الغاشم إلى الأبد.. وثمن المؤتمرُ- فى بيانه الختامى أمس- الدَّورَ المحوريَّ الرئيس الذى تضطلع به مصر بشأن القضية الفلسطينية والأقصى الشريف.

ويؤكد أنَّ مصر -انطلاقًا من مسئوليتها التاريخية والحضارية والإقليمية والدينية- لم ولن تتخلَّى ولو للحظة واحدة عن القضية الفلسطينية وعن الدفاع عن حق الشعب الفلسطينى الحر فى المقاومة من أجل استرداد أرضه ومن أجل الحياة فى أمن وسلام وطمأنينة كما يحيا سائر شعوب العالم، وقد قدَّمت مصر فى سبيل ذلك من الشهداء الأبطال ما سجَّله التاريخ بحروفٍ من نور، وما زالت تدعم الشعب الفلسطينى وقطاع غزة بما تقوم به من دور حيوى فى إيصال المساعدات الإنسانية له، وما تبذله من جهد كبير على المستوى العالمى من أجل ضمان استمرار تدفُّق هذه المساعدات إلى قطاع غزة.

وقال د. شوقى علام مفتى الجمهورية رئيس الأمانةُ العامَّةُ لِدُورِ وهيئاتِ الإفتاءِ فى العالمِ فى البيان: إننا نحمدُ اللهَ سبحانه وتعالى أنْ وفَّقنا إلى اختتامِ فعالياتِ مؤتمرِ «الفتوى وتحدِّيات الألفية الثالثة» الذى نظَّمتْهُ الأمانةُ العامَّةُ لِدُورِ وهيئاتِ الإفتاءِ فى العالمِ؛ تأديةً للواجبِ المنوطِ بها تجاهَ التحدياتِ غيرِ المسبوقةِ التى تواجهُها الأمَّةُ الإسلاميةُ والإنسانيةُ جميعُها، وبيان دَور الفتوى فى مواجهتِها، وقد شَهِدَ المؤتمرُ حضورًا مميَّزًا مِن كبارِ المُفتينَ والوزراءِ، ومِن علماءِ الشريعةِ ورجالِ الفكرِ والإعلامِ، والباحثينَ وعلماءِ الاقتصادِ والاجتماعِ والسياسةِ، والمتخصصينَ فى قضايا البيئةِ والتكنولوجيا والذكاءِ الاصطناعيِّ وغيرِها مِنَ القضايا التى تَمَسُّ الإنسانَ فى كلِّ مكانٍ..

وأضاف أن المؤتَمرُ خرج فى ختامِه بمجموعةٍ منَ التوصياتِ والقراراتِ المهمَّةِ منها: أهمية دَور العلماء فى نشر الوعى الصحيح بالقضية الفلسطينية وشرح أبعادها الحقيقية للجماهير ودعم دَور الحكومات الرسمية فى نُصرة القضية الفلسطينية، وعدم السماح للمغرضين والمفسدين باستغلال القضية لتحقيق مآرب سياسية حزبية خاصة لا عَلاقة لها بالقضية الفلسطينية.

وقدم علماء المؤتمر الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى على دَوره الهام فى دعم القضية الفلسطينية، والوقوف بكل صرامة وشجاعة أمام مخطط تصفية القضية بتهجير الشعب الفلسطينى خارج أراضيه، ونشكره على بيانه الواضح الجلى فى هذا الشأن؛ مع اعترافنا وعلمنا وعلم الجميع بأن أرض مصر هى الوطن الثانى لكل عربى وما ضاقت يومًا بعربيٍّ ولا مسلمٍ؛ إلَّا أن قضية فلسطين لها وضعٌ خاصٌّ كما يُعلَم؛ فإنها قضيةُ مصيرٍ.

وأهاب  المؤتمرُ بِالمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ أَنْ يَتَضَامَنَ مَعَنَا عَلَى ضَرُورَةِ إِيصالِ المُسَاعَدَاتِ الإِنْسَانِيَّةِ إِلى الأَمَاكِنِ المَنْكُوبَةِ وَالمُتَضَرِّرَةِ فى فِلسطِينَ مِنْ جَرَّاءِ العُدوانِ الغَاشِمِ.. وأكد المؤتمرُ أَنَّ مَا يَحدُثُ مِنْ عُدوانٍ على الشَّعْبِ الفِلَسْطِينيِّ الحُرِّ أَمرٌ يَتَعَارَضُ مَعَ جَميعِ الأديانِ وَالضَّمِيرِ الإنسانِيِّ وَالقانونِ الدَّوْلِيِّ وكُلِّ الأعرافِ والتقاليدِ الإنسانيةِ؛ لأنَّ ما يحدثُ بوضوحٍ هو تَطهِيرٌ عِرْقِيٌّ مُمَنْهَجٌ وَقَضَاءٌ نِهَائِيٌّ مُبْرَمٌ على الحقِّ الفِلسطينيِّ وَإِمَاتَةٌ تَامَّةٌ لِلقضيةِ الأُمِّ وَهِيَ قضيةُ الأقصَى المُبَارَكِ.

وأشاد بالجهودِ المضنيةِ التى تقومُ بها مصرُ على كافةِ المستوياتِ، ومن هذهِ الجهودِ: الدعوةُ لقمةٍ دوليةٍ فى مصرَ يومَ غد السبتِ، والمؤتمرُ العالميُّ لدورِ وهيئاتِ الإفتاءِ إذ يجعلُ القضيةَ الفلسطينيةَ على رأسِ محاورِهِ، وثمن الدعوةَ المصريةَ لهذه القمةِ، ويُثمِّنُ دورَ مصرَ فى تعزيزِ الجهودِ الدوليةِ والإقليميةِ مع مختلفِ الأطرافِ المعنيةِ من أجلِ وقفِ الحربِ، وتوفيرِ المعوناتِ الإنسانيةِ، وإحياءِ عمليةِ السلامِ.

ودعا المؤتمر سائرَ المؤسساتِ والجهاتِ الوطنيةٍ والعالَميةٍ إلى بذلِ المزيدِ مِنَ الجهدِ فى مواجهةِ تحدياتِ الألفيةِ الثالثةِ فكريةً كانت أو أخلاقيةً أو اقتصاديةً أو اجتماعيةً، تكنولوجيةً كانت أو بيئيةً أو صحيةً أو تنمويةً، وإلى دعمِ جهودِ الدُّولِ والحكوماتِ فى كلِّ ما تتَّخِذُه من إجراءاتٍ فى سبيلِ تلكَ المواجهةِ، ويُشجِّع المؤتمر التعاونَ الدائمَ بين الجميع فى مواجهةِ هذه التحدياتِ..

وطالب المؤسساتِ الإفتائيةِ بضرورةِ مراعاةِ هذه التحديات فى الفتاوى الصادرة عنها؛ وبخاصةٍ قضايا الإلحادِ، ونبذِ التشدُّدِ والعنفِ، والسيولةِ الأخلاقيةِ..

وأكد ضرورةَ دراسةِ المستقبلياتِ الإفتائيةِ فى مجالِ الفضاءِ الإلكترونيِّ والميتافيرس والذكاءِ الاصطناعيِّ لبيانِ الأحكامِ الشرعيةِ المتعلِّقةِ بها وَفق متطلباتِ العصرِ، فى إطارِ تحقيقِ مقاصدِ التشريعِ الإسلاميِّ.

ودعا لأهميةَ التوعيةِ الدَّائمةِ بضرورةِ مُجابهةِ خِطابِ الكراهيةِ ونشرِ خطابِ التَّعايشِ والمحبةِ والتعاونِ والسلامِ بينَ جميعِ أبناءِ الوطنِ الواحدِ، وبينَ جميعِ شعوبِ العالمِ حتَّى يَعُمَّ الأمنُ والسلامُ، وتَسودَ قِيَمُ الخيرِ والعدلِ والحقِّ.

كما دعا المؤتمرُ جميعَ المؤسساتِ الدينيةِ والثقافيةِ والتعليميةِ والفكريةِ والإعلاميةِ وكافَّةَ المَعنيِّينَ بالخطابِ المجتمعيِّ بمختلفِ صُوَرِهِ وأشكالِه إلى مواصلةِ الجهدِ مِن أجلِ تعزيزِ الجوانبِ الأخلاقيةِ والقيميةِ فى المجتمعِ، وشَحْذِ سائرِ الوسائلِ لمواجهةِ مسألةِ الهُويَّةِ الجندريةِ التى تُعَدُّ أحدَ أهمِ التحدياتِ التى تواجِهُ الأقلياتِ المسلمةَ الآنَ؛ وذلكَ بالعملِ على نشرِ الوعيِ والتأمينِ الفكريِّ والدينيِّ لَدى المتخصصينَ فى علومِ النفسِ والاجتماعِ فى المؤسساتِ المعنيةِ والمدارسِ والجامعاتِ فى الأقطارِ العربيةِ والإسلاميةِ.