تفسير ومعاني «الـقـــدر»

د. مبروك عطية
د. مبروك عطية

يوضح الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف معنى «القدر» بقوله إن القدر نتاج القضاء والعلاقة ما بين القضاء والقدر أن القضاء حكم من الله تبارك وتعالى إذا حدث كان قدرا، والفرق بين القضاء والقدر أن القضاء مكتوب لكن القدر تنفيذ للمكتوب، وقد ورد أن من أجنحة الإيمان أن تؤمن بالله واليوم الآخر والكتاب والنبيين والقضاء والقدر خيره وشره، وهنا نظرة إلى كلمة شره ونظرة إلى قوله تعالى فى سورة آل عمران:«قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ»، الله تبارك وتعالى يقول بيدك الخير بعد أن قال وتنزع الملك، فنزع الملك خير، كيف يتصور الإنسان ذلك إلا بنور قلبه.

ومن ثم هذه قضية من القضايا المهمة جدا التى شغل بها العلماء من قديم وهى قضية الظاهر والباطن، هناك أمور ظاهرها الرضا وباطنها العداء وأمور ظاهرها البشر وباطنها عكس البشر بدليل قوله تعالى:»بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا»، وكلمة بشر تدل على الخير لكن ربنا استعملها هنا للتهكم والسخرية أى يتهكم بهم ويسخر منهم فجعل بشراهم عذابا أليما، والظاهر أيضا أن الله تبارك وتعالى له يد قال تعالى:«يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ»، هذا ظاهر والباطن أن يده ليس كأيدينا «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» سبحانه وتعالي، فالأمور ظاهرها فى القدر أنها شر بأن الإنسان لا يجد ما يقتات به هو وأولاده أو كان يدخل له دخلا أوسع وسار الدخل ضيقا أو بأنه كان فى صحة ونشاط وحيوية فأصبح مريضا عليلا يتناول الدواء ويرجو الشفاء، هذا ظاهره الشر ولكن بعين الإيمان باطنه الخير مع كلمة واحدة هي»التسليم».

اقرأ أيضًا| خواطر الإمام الشعراوي ..«وقدموا لأنفسكم»

وقد جمع النبى صلى الله عليه وسلم ذلك كله فى جلوسه تحت الشجرة يوم الطائف حيث قال: »إن لم يكن بك غضب عليَ فلا أبالي» لا أبالى يضربنى الناس لا أبالى يسلطون عليَ غلمانهم وصبيانهم ويقذفوننى بالحجارة وتدمى قدماى وينزل منها الدم على الأرض، ويجلس صلى الله عليه وسلم وهو يبكى لما أصابه من أرحامه وأصهاره يشكو لربه ما فعلوا به وختمها بالجامع المانع «إن لم يكن بك غضب عليَ فلا أبالي»، فينبغى أن يفهم المسلمون الناظرون للقدر على حسب ظاهره أن المهم والأهم أن الله تعالى ليس بغاضب عليهم، وكيف نعرف ذلك؟ إذا أقمنا شرعه، إنما المغضوب عليهم من حولوا دينه وخرفوا فى كلامه وفسروه على هواهم واتبعوا ملة آبائهم وأجدادهم وقلدوا واكتفوا بالتقليد، فالقدر ظاهره خير وباطنه قد يكون سوءا وهو الابتلاء والاختبار وقد يكون ظاهره شرا والله يريد به الخير لعباده وكما قلت تتحقق الخيرية بالتسليم.