شاهد| عاشق «السمسمية» يحكي بأنغامها أجمل بطولات أهالي الإسماعيلية

محمد ميدا
محمد ميدا

كتب: فتحي البيومي

ليست مجرد آلة موسيقية عشقها أهالي مدن قناة السويس وخاصة الإسماعيلية، بل هي شريكة كل فرد منهم، تغنت بأوتارها في أفراحهم، وحكت بأنغامها أجمل الحكايات عن بطولاتهم، فكل وتر منها شاهد عيان على قصص وبطولات، وكل نغم يصدر عنها يروى حكايات وحكايات .
تلك الآلة الخالدة خلود الإسماعيلية، شهدت نشأتها وعاصرت تطورات الأحداث على أرضها، كانت شاهدة على حفر قناة السويس أعظم شريان ملاحي بالعالم، وروت بأنغامها بطولات أهالي الإسماعيلية ضد المحتل أي كانت هويته وأطماعه.
"بوابة أخبار اليوم" في ورشة عم محمد «عاشق السمسمية» كما أحب أن نلقبه، لتحكى تاريخ ٦٠ عاما في صناعة السمسمية .

اقرأ أيضا|رئيس منطقة الإسماعيلية الأزهرية يختتم لقاءاته مع شيوخ وموجهي الإدارات التعليمية
عم محمد
هو ذلك الطفل ذو الأربعة عشر عاما، والذي تنقل خلف المهجرين من مدينة الإسماعيلية إبان الفترات التى شهدت ضرب الإسماعيلية خلال فترات الحرب المتعاقبة، وكانت هوايته في ذلك الحين، تعقب فرق السمسمية لإحياء الأفراح والمناسبات الشعبية، وقد كانت هي الآلة الوحيدة في ذلك الوقت، حتى تعلم العزف عليها، وتطور عشقه لها لتعلم صناعتها، ليحقق لنفسه الاكتفاء من اقتنائها دون تعب أو مشقة، وظل عاشقا لمهنته طوال ٦٠ عاما.
في "كشك" صغير  بميدان عرابي في مدينة الإسماعيلية، تجد كل أنواع وأشكال السمسمية ، حيث يقوم "عم محمد ميدا" بتصنيعها يدويا وبين الحين والآخر يختلي بواحدة منها ليدندن أغانى الإسماعيلية القديمة كـ "يا دنيا يمعاني ويا إسماعيلية يا إسماعيلية " مستعيدا مع كلماته وأنغامها ذكريات صباه وشبابه .


سبب تسمية السمسمية
وعن سبب تسمية الآلة بهذا الاسم يقول محمد يرجع تسمية الآلة بهذا الاسم لصغر حجمها وبساطة مكوناتها، فكما يقال على الشيء الصغير المنمق باللغة الشعبية العامة "مسمسم" أطلق أهالي الإسماعيلية على السمسمية هذا الاسم نسبة إلى ذلك، فهى آلة صغيرة الحجم ترافقنا في رحلات السفر وأوقات الراحة بعد العمل، حيثما نكون في سفرنا تكون السمسمية من الأشياء الأساسية التى نصطحبها معنا، لذلك سميت بهذا الاسم .


تطور صناعة السمسمية
وعن تطور صناعة السمسمية يقول لقد كانت السمسمية تصنع من الأشياء البدائية، وأذكر أول سمسمية صنعتها وكنت في ذلك الوقت ابن الـ ١٤عاما من مخلفات صناديق البقالة، حيث كنت انتظر محلات البقالة بجوار منزلى من إفراغ صناديق الصابون والبضائع المختلفة، والتى كانت عبارة عن صناديق خشبية، لتدوير الأخشاب المصنوعة منها لعمل أجزاء السمسمية، ولكننا الآن ومع تطور الوقت أصبحت مكونات السمسمية تصنع خصيصا لهذا الغرض، حيث نستخدم اعواد من خشب الزان، ونختار هذا النوع من الأخشاب خصيصا ليتحمل شدة الأوتار المصنوعة من الصلب، فمن المعروف أن أي نوع آخر من الأخشاب لن يتحمل ويتعرض للانثناء والتقوس، فضلا عن استخدام طوق خشبي مغطى بالابلكاج الخشبي بديلا عن الأطباق التى كنا نستخدمها قديما، من خلال كل ذلك ترى أن صناعة آلة السمسمية قد تطورت كثيرا من ناحية الشكل فقط ولكنها تظل ذات الخمسة أوتار أو الستة، ولم تشهد أى زيادة أو تطور في هذه الناحية، فالتطور كان في الشكل وليس المضمون، وإن كان هناك من يدعي أنه صنع سمسمية ذات ١٢ وتر أو ٢١ وترا ولكنها تختلف عن السمسمية التى نعرفها نحن وتنتشر في الإسماعيلية .


أصل آلة السمسمية.
وعن أصل آلة السمسمية يقول عاشق السمسمية إن آلة السمسمية يرجع أصلها إلى آلة موسيقية فرعونية يطلق عليها الآن "قيثارة" وقد انتشرت صورها على جدران المعابد الفرعونية ولكن تطور الشكل أصبح على ما هو عليه الآن، حيث كانت القيثارة اكبر حجما بكثير، والسمسمية أصغر حجما، أى أن الأصل يرجع لفكرة العمل والمضمون وشهد الشكل تطورا كبيرا حتى أصبح بهذا الشكل الصغير، وقد ظهرت السمسمية في مدينة الإسماعيلية حيث كانت بحوزة أبناء النوبة الذين شاركوا في حفر قناة السويس حتى أصبحت من أهم الآلات الموسيقية التى تميز مدينة الإسماعيلية ومدن قناة السويس "إن لم تكن الآلة الوحيدة" 
السمسمية والمقامات الموسيقية .
وعن عزف المقامات الموسيقية على آلة السمسمية يقول "ميدا" آلة السمسمية شأنها شأن بقية الآلات الموسيقية لها مقامات وإن كانت تختلف بعض الشيء عن الآلات الموسيقية الأخرى، ولكننا لأبد وأن نذكر أولا أسماء أوتار السمسمية وهي من اليمين الى الشمال "البومه، المتكلم، المتحدث ، المجاوب، الشرارة" 
وعند العزف فإن عازف السمسمية يقوم بعزف المقطوعة أو الأغنية حسب مقام واحد ولا يستطيع الانتقال إلى مقام آخر داخل العمل وإنما قبل البدء فى العزف يقوم بضبط أوتار السمسمية حسب المقام الذى سيتم العزف عليه وإذا تغير المقام يتوقف عازف السمسمية عن العزف لإعادة الضبط، وأهم المقامات الموسيقية شائعة الاستخدام لآلة السمسمية " الراست، كرد، بياتى، حجازي، عجم ،نهاوند".


السمسمية والموروث الشعبي .
وعن ارتباط آلة السمسمية بأهالي الإسماعيلية يقول عم محمد: إن "السمسمية تعنى الإسماعيلية" فحين تسمع اسم السمسمية أو ترى صورة الآلة تتذكر دون ترتيب منك مدينة الإسماعيلية، فهى شريكة كل أهالي الإسماعيلية في كل مناسباتهم، ولن تجد بيتا من بيوت الإسماعيلية لن تسمع فيه إحدى الأغانى على أوتارها، وهناك العديد من الأغانى التى تعبر عن هذه الحالة مثل أغنية " يا دنيا سامعانى" والتى تحدثت عن بطولة أهالى الإسماعيلية وبطولاتهم في الوقوف في وجه المحتل والدفاع عن الوطن ، وكذلك اغنية يا إسماعيلية يا إسماعيلية والتى تتحدث عن جمال شوارعها وحدائقها، جدير بالذكر أغنية أنا الإسماعيلي أنا وهي الأغنية التى تعبر عن حالة عشق كل أهالي الإسماعيلية للنادي الإسماعيلي، من كل ذلك تجد أن السمسمية شريك لأهالي الإسماعيلية وهذه الشراكة إرث توارثه الأبناء عن الآباء عن الأجداد .