فنجان قهوة

واحد شاى سُكر زيادة!

يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى

 محله صغير جدا فى المغربلين، محل يكاد يكون عَتبة ونصف متر، يضع أدواته البسيطة، خيط متين وماكينة وأحذية قديمة، الرجل يُصلّح للعابرين الأحذية التى أهلكتها السنين!

هنا أكل عيشه وبيته وعتبته وعالمه الخاص، هنا يعيش ١٢ ساعة فى اليوم، الحذاء فى يده يدور حول ماكينة الخياطة لتغيير نعل تعب من المشاوير، هنا.. صبره وحمده ورضاه.

الأسطى إبراهيم، عرفوه بالحب كل أهل حتته، مبتسم دائما رغم ان فى رقبته ٤ بنات، اتنين بناته واتنين بنات اخوه الذى رحل وتركهم له أمانة لا تُنسىَ.
والعتبة والمكنة والخيط والإبرة رزقهم قليل.. لكن ساتر ومكفى.

يامرحب ياأسطى إبراهيم، فيرد التحية قدها بعشرة، ويعزم بقلب على شاى على شقة فول على حاجة ساقعة.

الأسطى إبراهيم تقلب الدنيا عليه المواجع، يسهر آخر الليل يشرب واحد شاى تقيل سكر زيادة ويلعب دورين طاولة ويضحك من قلبه ويقول يارب.

يارب وينظر للسماء كأنه يبعث رسائل حيرته وطلبه وآماله ومحبته وخوفه ورضاه، والصبح.. فى الصباح يعمل بهمة وصبر ويقلب يديه بحثا عن رزق يومه لكى يوفر أكل عيش بناته.

الأيام علمته الصبر ومنحته الخبرة يكمل مشوار حياته ورحلته 

مكتوب والمكتوب مكتوب، نعافر نجرى نسعى، لكن فى القلب رضا وفى الروح مخبأ سرى من كل الأزمات.

الدنيا.. حزن وفرح، لا ده بيدوم ولا ده بيفضل.

فى الرحلة خلى معاك دفتر ذاكرة جيدة تحفر عليها أيامك الحلوة وأيامك المرة، علشان تعرف إن مافيش حلو بيدوم ولا حزن بيفضل.

لكن ربنا كريم، أيام الحزن أقل دايما من أيام السعادة حتى لو كان إحساسنا بيها اكتر.

خالق الداء.. يخلق الدواء، ومُقدر العسر.. يبسط اليسر، وكاتب الألم.. يرزق الأمل.

كل باب مغلق.. له ألف مفتاح، لا تيأس فى البحث عنها.

وكل كنز يبدو مستحيل العثور عليه.. له رحلة. 

وكل حلم يبدو مستحيل تحقيقه.. له طريق.

ومهما كانت الأزمة.. فإن لكل بداية نهاية، ولكل كراسة حزن ورقة أخيرة ونبدأ صفحة جديدة فى كراسة جديدة 

الأسطى ابراهيم حكاية ناس كتيرة بسيطة، حياتها رضا وصبر ومحبة وخير وعتبة صغيرة مهما ضاقت.. فُرجت، ناس مخبأهم الستر وما أجمل الستر، يتكئون على باب الله.. ونعم بابه ورحمته.