حديث وشجون

«وجع القلوب»

إيمان راشد
إيمان راشد

جاءنى صوتها عبر الهاتف حزينا مكسورا.. صديقة غالية، الكرم شيمتها والعطاء بلا حدود أهم ما يميزها، تفكر بقلبها.. عواطفها عنيفة، تحب كثيرا أو تهجر ولكن لا مكان للكره بقلبها.. لا تعرف من الألوان غير الأبيض والأسود ولا تعترف بهذه المساحة الرمادية فى التعامل.. كثيرا ما لامها أصدقاؤها على تصرفاتها تجاه الآخرين وكانت تستمع إليهم مندهشة كيف يعتبون عليها الوقوف بجانب من تعرفهم بل أحيانا تغضب منهم رافضة النصيحة الدائمة لها أن تجعل لعطائها حدودا وكانت لها مقولة طالما سمعتها منها فهى كانت على يقين أنه إذا كان فى استطاعتك مد العون النفسى أو المادى للآخرين وتمتنع فإن هذا يعتبر خطيئة للإنسانية لا يغفرها الخالق..

كل هذه الأفكار دارت فى خَلدى وأنا لا أسمع منها إلا نحيبا وبكاء فطلبت منها أن تهدئ من روعها حتى أستطيع أن أستوعب ما تقول وهنا انهمرت من فمها كلمات الأسى على ما تعانيه ممن حولها من نكران الجميل.. هى لم تطلب كلمة شكر عليه ولكنها لم تكن تتوقع هذا الجحود، ومن خلجات صوتها وتساؤلها شعرت بمدى صدمتها فى أقرب الناس اليها الذين كانت تظن انهم قطعة من قلبها وحياتها فخذلوها وأصبحوا بالنسبة لها غرباء وكيف تغيروا لهذه الدرجة...

يا عزيزتى هم لم يتغيروا وإنما المواقف كشفتهم وسقطت الأقنعة فلا تهتزى، كل منهم اختار مكانته بقلبك فضعيه فيها ويوما ما سيدرك ما فعله ومدى خسارته، واستمرى كما أنتِ واحتسبى كل حياتك واعمالك عند خالقك واعملى الخير أينما ووقتما كنتِ، فإذا لم يكونوا أهلا له فأنتِ أهل له ولكن لا تفرطى فى العطاء، وإذا كان هناك من لا يحفظ المعروف والجميل فسيرزقك الله بما يعوض ما قدمتِه، ولا تقنطى من رحمة الله فرب الخير لا يقدم الا الخير.. هذه الدنيا لا تستحق حروبا نفسية أو حرق دم.. كل الأحوال قد تتبدل فى ثوانٍ وقد تخونك صحتك أو ينتهى العمر وسط الحسرات على ما فات.. اتركوا أموركم لله وهو العليم الكريم الرحمن الرحيم.