ما الذى تحققه دعوة الاتحاد الأفريقى لعضوية مجموعة العشرين؟

الاتحاد الأفريقى عضواً دائماً بمجموعة العشرين
الاتحاد الأفريقى عضواً دائماً بمجموعة العشرين

تشهد الساحة الاقتصادية الدولية تفاعلات وتطورات واسعة، فى سياق جملة المتغيرات التى يشهدها العالم والتى تفضى بمزيدٍ من التحديات على دول العالم، وفى خضم ذلك المشهد فإن عديداً من التحالفات والتجمعات والمنصات الإقليمية والدولية تُعيد تشكيل نفسها من جديد، لمواكبة التطورات الجارية، بما يعزز من ديناميكية تلك التفاعلات وتأثيراتها.

مجموعة العشرين ليست ببعيدة عن تلك المتغيرات، وذلك بعد أن دعا رئيس الوزراء الهندى، ناريندرا مودى خلال منتدى «ب 20» التمهيدى مطلع الأسبوع الماضى، لضم الاتحاد الأفريقى إلى المجموعة «كعضو دائم»، وهى الخطوة التى وصفها بأنها «متأخرة، ولكنها ستحدث».

ويُمكن للاتحاد الأفريقى -الذى بلغ حجم ناتجه الإجمالى ثلاثة تريليونات دولار فى عام 2022- أن يشكل إضافة قوية للمجموعة، لا سيما فى ظل ما تزخر به القارة من ثروات، تجذب أنظار المتنافسين الإقليميين والدوليين. ولكن كيف تستفيد أفريقيا بانخراطها ضمن هذا التكتل العالمى؟

يرى الخبراء أنه رغم أن الـ G20 لديها إمكانات هائلة، وتمثل أكبر الاقتصادات فى العالم، فإن دولها لا تستطيع كمُنتجين أن يعتمدوا على أنفسهم ويحتاجون إلى موارد لتشغيل عجلة الإنتاج.

مجموعة العشرين تنظر لأفريقيا على أنها مصدر للمواد الخام والمعادن الاستراتيجية، خاصة تلك التى تدخل فى صناعات الرقائق والتكنولوجيا المستخدمة فى صناعة الصواريخ والطائرات بدون طيار وأجهزة الاتصالات وغيرها من الصناعات الدقيقة.

من بين تلك المعادن الاستراتيجية على سبيل المثال معدن الكولتان وهو مادة ثمينة متوفرة فى شرق الكونغو تستخدم فى صناعة رؤوس الصواريخ وصناعات دقيقة خاصة بالطائرات، علاوة على الكوبلت والليثيوم والبوكسيت والكروم والبلاتين، إضافة إلى الذهب والألماس.

الدول العظمى تحصل على نسبة كبيرة من احتياجاتها للمعادن من قارة أفريقيا، ويُتوقع زيادة الطلب على هذه المعادن فى المستقبل، نظراً لما يشهده العالم من تقدم تكنولوجى.
 ولم تكن الدعوة الموجهة من رئيس وزراء الهند لانضمام الاتحاد الأفريقى إلى مجموعة العشرين هى الأولى من نوعها، ففى ديسمبر الماضى أعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن أنه سيدعم انضمام الاتحاد الأفريقى لمجموعة العشرين كعضو دائم، وأن بلاده تتطلع إلى زيادة التعاون مع أفريقيا فى جميع المجالات.

وفى قمة الاتحاد الأفريقى التى عقدت فى عام 2020، طالب الرئيس السنغالى ماكى سال الانضمام إلى المنتدى العالمى، وأثناء مشاركته فى قمة العشرين بمدينة بالى الإندونيسية فى العام 2022 أعاد مطلبه مرة أخرى، وطُرح هذا الملف مرة أخرى خلال القمة الأفريقية الروسية التى عقدت أخيراً.

فى فبراير الماضى أكد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين دعم انضمام الاتحاد الأفريقى إلى المنظمات الدولية وأنه يتوقع أن يصبح الاتحاد عضواً كامل العضوية فى مجموعة العشرين فى وقت مبكر من سبتمبر المقبل، وذلك خلال لقائه عددًا من ممثلى الاتحاد الأفريقي.

والاتحاد الأفريقى هو تكتل سياسى أفريقى من 55 دولة يبلغ إجمالى الناتج المحلى فيه أكثر من تريليونى دولار، مما يضعه ضمن أكبر 10 اقتصادات فى العالم. وجنوب أفريقيا هى العضو الوحيد فى مجموعة العشرين من القارة. وكان الرئيس السنغالى ماكى سال، الرئيس الحالى للاتحاد الأفريقى، صرح فى ديسمبر الماضى بأنه من خلال إضافة الاتحاد الأفريقى ستمثل مجموعة العشرين «وجهات نظر 54 عضوًا إضافيًا، والجزء الأكبر من البلدان منخفضة الدخل، ونحو 80 فى المائة من سكان العالم».

ويرى المحللون، أن المقعد خطوة جيدة وإيجابية للقارة بشرط الحرص على تبنى سياسات براجماتية غير منحازة لأى من القوى على حساب الأخرى، أو على حساب مصالح القارة.
ورغم الاختلافات الكبيرة والحادة بين روسيا والصين وأمريكا والاتحاد الأوروبى، فإن هذا القرار يعكس إجماعاً دولياً على ما سوف تمثله القارة فى المرحلة القادمة على مستوى الاقتصاد العالمى».

سيمكن القرار أفريقيا من أن يكون لها دور فى القرار السياسى الدولى بعد الإقصاء الطويل لها والتعاطى معها كمخزن للثروات، ومجرد تابع ومنفذ لسياسات القوى الاستعمارية السابقة والقوى الاقتصادية الكبرى.