«قطرة من حب المصطفى» قصيدة للشاعر الدكتور إيهاب عبدالسلام

صورة موضوعية
صورة موضوعية

أمَّا الـهَـــلَاكُ بِحُبِّـكـمْ فنَـجَــاةْ

وَالموْتُ فِي حِضْنِ الحَبِيبِ حَيَاةْ

مَا ذَاقَ قَلْبِي مِنْ هَوَاكُمْ قَطْرَةً

إلَّا وَرَدَّدَ قَائِلًا: اللهْ

للحُبِّ مَعْنًى لا يَبُوحُ بِسِرِّهِ

هَيْهَاتَ يُدْرِكُ عَاشِقٌ مَعْنَاهْ

تِلْكَ المحَبَّةُ أيْنَعَتْ فِي مُهْجَتِي

كَشُجَيْرَةٍ نَبَتَتْ بِقَلْبِ فَلَاةْ

الحُبُّ مِثْلُ وُضُوئِنَا فِي طُهْرِهِ

وَالوَصْلُ أنْ تَلِيَ الوُضُوءَ صَلَاةْ

إنَّ المحَبَّةَ غَايَتِي وَوَسِيلَتِي

وَغَرَامُنَا يَا نَفْسُ مَا أزْكَاهْ

فَدَعِي الغَرَامَ عَلَى الطَّرِيقِ يَقُودُنَا

وَأنَا وَأنْتِ نَسِيرُ خَلْفَ خُطَاهْ

واللهِ مَا افْتَقَدَ الغَرَامَ مُسَافِرٌ

إلَّا وَضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ وتَاهْ

وَتَلَمَّسِي يَا نَفْسُ بَيْنَ جَوَانِحِي

نُورَ الحَبِيبِ فَقَدْ أطَلَّ سَنَاهْ

يَنْسَى الطَّرِيقُ العَابِرِينَ إذَا مَضَوا

وَطَرِيقُهُ هَيْهَاتَ أنْ يَنْسَاهْ

إنْ غَابَ عَنْ عَيْنِي فَقَلْبِي حَاضِرٌ

قَلْبِي يُحِبُّ مُحَمَّدًا وَيَرَاهْ

قُلْ مَا تَشَاءُ عَنِ المحَبَّةِ وَالهَوَى

مَا ذَاقَ حُبًّا مَنْ أحَبَّ سِوَاهْ

نَهْرُ المحَبَّةِ فِي الوَرَى مُتَغَيِّرٌ

فَيَغِيضُ نَبْعٌ أوْ تَجِفُّ قَنَاةْ

لَكِنَّ حُبَّكَ يَا مُحَمَّدُ خَالِدٌ

لا تَسْتَوِي الأنْهَارُ وَالأمْوَاهْ

بِكَ يَبْدَأُ التَّاريخُ مَوْلِدَ نورِهِ

فأزَحْتَ كُلَّ ضَلَالِهِ وَعَمَاهْ

بَدَأتْ بِوَجْهِ مُحَمَّدٍ أنْوَارُهُ

وَاليَوْمَ قَدْ بَلَغَ الضِّيَاءُ مَدَاهْ

فِي كُلِّ رَكْعَةِ عَابِدٍ ذِكْرٌ لَهُ

فِي كُلِّ صَوْتِ مُؤَذِّنٍ لِصَلَاةْ

وَتَرَاهُ فِي وَجْهِ الَّذِينَ بِهِ اقْتَدَوْا

وَالعَاشِقُونَ جَمِيعُهُمْ أشْبَاهْ

حُبُّ الحَبِيبِ أضَاءَ نُورَ وُجُوهِهِمْ

وَدُعَاؤُهُمْ: أتْمِمْ لَنَا رَبَّاهْ

يَا سَائِلِينَ عَنِ النَّبِيِّ ألَمْ تَرَوْا

خَجَلَ السُّؤَالِ بِوَجْهِ مَنْ ألْقَاهْ؟

اسْأَلْ بَنِي سَعْدٍ تُجِبْكَ دِيَارُهُمْ

وإذَا المضَارِبُ كُلُّهَا أفْوَاهْ

تَحْكِي المضَارِبُ عَنْ رَضِيعٍ زَارَهَا

وَالجَدْبُ يَنْشُرُ فِي الرُّبُوعِ رِدَاهْ

فَإذَا بِهَا مُخْضَرَّةٌ فَرَحًا بِهِ

حَتَّى النَّبَاتُ أطَلَّ حِينَ رَآهْ

وَكَأنَّمَا لَمَّا أتَاهَا زائرًا

دَقّ الرَّبِيعُ خِيَامَهُ فَحَوَاهْ

سَلْ أرْضَ مَكَّةَ عَنْ غُلَامٍ طَاهِرٍ

كَمْ أخْجَلَ القَمَرَيْنِ وَهْجُ ضِيَاهْ

يَمْشِي فَتَحْتَضِنُ الموَاضِعُ رِجْلَهُ

فَالأرْضُ تَلْثِمُ وَالرِّمَالُ شِفَاهْ

تَلْقَى الحِجَارَةُ بِالسَّلَامِ مُحَمَّدًا

وَتُسَبِّحُ الحَصَيَاتُ فِي يُمْنَاهْ

صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ مَا بَقِيَ الحَصَى

أوْ لَامَسَتْ أرْضَ السُّجُودِ جِبَاهْ

وَاسْألْ بَحِيرَى هَلْ عَرَفْتَ مُحَمَّدًا

وَلِمَ التَفَتَّ إلَيْهِ يَوْمَ لِقَاهْ؟

كَيْفَ انْتَبَهْتَ إلَى صَبِيٍّ عَابِرٍ

يَمْشِي بِصُحْبَةِ عَمِّهِ وَحِمَاهْ؟

سَيَقُولُ هَلْ يَخْفَى السَّنَا وَأنَا الَّذِي

أتْلُوهُ فِي الإنْجِيلِ وَالتَّوْرَاةْ؟!

واسْألْ سُرَاقَةَ وَالحِصَانُ بِهِ كَبَا

مَاذَا جَرَى لَمَّا أرَادَ أذَاهْ؟

كَمْ كَافِرِينَ تَوَعَّدُوا فَإذَا بِهِمْ

لَمَّا أتَوْهُ تَحَوَّلُوا لِهُدَاةْ

فَالنُّورُ لَا يُعْمِي فُؤادًا إنَّمَا

تَعْمَى بِظُلْمَةِ كُفْرِهِ عَيْنَاهْ

مَا عُودِيَ المختارُ تكذيبًا لهُ

إنَّ الكَذُوبُ هُوَ الَّذِي عَادَاهْ

كَمْ قِيلَ: هَلْ كَذَبَ الأمِينُ عَلَيْكُمُ؟

فَأجَابَ كُلُّ مُعَانِدٍ: حَاشَاهْ

عَادَاهُ عَابِدُ سُلْطَةٍ أوْ شَهْوَةٍ

وَمُضَلَّلٌ ظَنَّ السَّرَابَ مِيَاهْ

لَكِنَّ أصْحَابَ الضِّيَاءِ تَيَقَّنُوا

أنَّ اتِّبَاعَ مُحَمَّدٍ مَنْجَاةْ

فَهُوَ الحَقِيقَةُ إنْ أرَدْتَ حَقِيقَةً

وَهُوَ النَّجَاةُ إذَا أرَدْتَ نَجَاةْ

هُوَ مَنْهَجٌ للعَابِرِينَ حَيَاتَهُمْ

هُوَ قُدْوَةٌ هُوَ رَحْمَةٌ مُهْدَاةْ

مُتَوَاضِعٌ وَالجَيْشُ رَهْنُ بَنَانِهِ

وَمِنَ القِيَامِ تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهْ

أخْلَاقُهُ فَتَحَتْ قُلُوبًا أُغْلِقَتْ

لَانَتْ بِهَا مَا لَمْ تَلِنْ بِقَنَاةْ

مَا حَطَّمَ الأصْنَامَ حَرْبًا إنَّمَا

هُدِمَتْ بِقَلْبِ العَابِدِينَ مَنَاةْ

لَاءَاتُهُ نُورٌ وَدُسْتُورٌ لَنَا

لا ظُلْمَ لَا عُدْوَانَ لَا إكْرَاهْ

لا شَيْءَ غَيْرَ الوَحْيِ يَطْرُقُ قَلْبَهُ

لَا حُبَّ يَعْدِلُ حُبَّهُ مَوْلَاهْ

مَنْ كَانَ مَشْغُولًا بِحُبِّ مُحَمَّدٍ

هَيْهَاتَ تَجْرِي بِالهَوَانِ دِمَاهْ