يوميات الأخبار

ماذا‭ ‬قالت‭ ‬العصافير؟‭!‬

حسن علام
حسن علام

حسن علام

فى‭ ‬الوقت‭  ‬الذى‭ ‬توصل‭ ‬فيه‭ ‬العلماء‭ ‬للصعود‭ ‬إلى‭ ‬القمر،‭ ‬وأدركوا‭ ‬الرموز‭ ‬الكونية‭ ‬لطبيعة‭ ‬اللغة‭ ‬البشرية،‭ ‬فإنهم‭ ‬مازالوا‭ ‬عاجزين‭ ‬عن‭ ‬فك‭ ‬الطلاسم‭ ‬الصوتية‭ ‬للغة‭ ‬الطيور‭ ‬بكل‭ ‬أنماطها.‬

حى‭ ‬‮«‬شبرا‮»‬‭.. ‬ وتحديدا‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬الخلفاوى‮»‬‭ ‬شهدت‭ ‬مراحل‭ ‬طفولتى‭ ‬وصباى‭ ‬وشبابي،‭ ‬وبما‭ ‬تحمله‭ ‬سمات‭ ‬الأحياء‭ ‬الشعبية‭ ‬المعروفة‭ ‬بطيبة‭ ‬أهلها،‭ ‬وحياتهم‭ ‬العفوية‭ ‬الخالية‭ ‬من‭ ‬التكلف‭ ‬والتعقيد،‭ ‬فكل ‬شقق‭ ‬البيت‭ ‬الذى‭ ‬نسكنه‭ ‬يعيش قاطنوها‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬التواصل‭ ‬واستدامة‭ ‬المحبة‭ ‬بين‭ ‬الجيران،‭ ‬وقوة‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وتبرز‭ ‬روح‭ ‬الشهامة‭ ‬فى‭ ‬المناسبات‭ ‬المختلفة‭  ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬حزينة‭ ‬أو‭ ‬مفرحة،‭ ‬فالكل‭ ‬يتبارى‭ ‬فى‭ ‬تقديم‭ ‬العون‭ ‬والتضامن‭ ‬والمساندة،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الموروث‭ ‬الشعبى‭ ‬الذى‭ ‬ألفناه‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظافرنا‭.. ‬

ومنذ‭ ‬‮83‭ ‬عاما‭ ‬أكرمنى‭ ‬الله‭ ‬بالزواج‭ ‬من‭ ‬رفيقة‭ ‬عمرى‭ ‬الطيبة‭ ‬الصالحة‭ ‬الصوفية،‭ ‬والتى‭ ‬أكن‭ ‬لها‭ ‬كل‭ ‬التقدير‭ ‬والحب،‭ ‬فانتقلت‭ ‬من ‭‬‮«‬شبرا‮»‬‭‬ إلى‭ ‬عمارات‭ ‬ضباط‭ ‬الجيش‭ ‬بالهرم،‭ ‬لكن‭ ‬العلاقات‭ ‬الأسرية‭ ‬هنا‭ ‬‮«‬فردية‮»‬،‭ ‬ومكثت‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬أعرف‭ ‬جيرانى‭ ‬بالوجوه‭ ‬فقط‭ ‬دون‭ ‬أسمائهم،‭ ‬باستثناء‭ ‬قلة‭ ‬منهم‭ ‬يتقابلون‭ ‬عند‭ ‬مدخل‭ ‬العمارة‭ ‬اسبوعيا‭ ‬عقب‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬وهم‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬لتدارس‭ ‬شئون‭ ‬النفع‭ ‬العام‭ ‬وحل‭ ‬مشاكلها‭ ‬وسبل‭ ‬تطويرها،‭ ‬لكن‭ ‬تماسك‭ ‬سكانها‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الموجود‭ ‬فى‭ ‬الحى‭ ‬الشعبى‭ ‬الذى‭ ‬تختفى‭ ‬فيه‭ ‬الفوارق‭ ‬الطبقية‭.‬

وفى‭ ‬مطلع‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬قررت‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬مسكن‭ ‬جديد‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬الهدوء‭ ‬والسكينة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تجاوزت‭ ‬السبعين‭ ‬من‭ ‬عمري،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أفاض‭ ‬المولى‭ ‬من‭ ‬نعمه،‭ ‬سكنت‭ ‬بحى‭ ‬المهندسين‭ ‬بشارع‭ ‬هادي،‭ ‬نمت‭ ‬فيه‭ ‬أشجار‭ ‬ظليلة،‭ ‬وأستطيع‭ ‬التحرك‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬قدمى‭ ‬بسهولة‭ ‬متوجها‭ ‬إلى‭ ‬المتاجر‭ ‬والمحلات‭ ‬والمطاعم‭ ‬والمقاهى‭ ‬وشراء‭ ‬احتياجات‭ ‬أسرتى‭ ‬الصغيرة‭ ‬بكل‭ ‬يسر،‭ ‬وتتوافر‭ ‬فيه‭ ‬مواصفات‭ ‬الحى‭ ‬الآمن‭.‬

وأجمل‭ ‬ما‭ ‬فى‭ ‬سكنى‭ ‬الجديد‭ ‬أننى‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬الاستغراق‭ ‬فى‭ ‬النوم‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل،‭ ‬لأن‭ ‬غرف‭ ‬النوم‭ ‬مطلة‭ ‬على‭ ‬شارع‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬مرور‭ ‬أو‭ ‬زحام‭ ‬أو‭ ‬ضجيج‭ ‬فالعامل‭ ‬البصرى‭ ‬فيه‭ ‬مريح‭.‬

أصحو‭ ‬من‭ ‬النوم‭ ‬صباحا‭ ‬على‭ ‬لغة‭ ‬الطيور‭ ‬المتراصة‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬دولاب‭ ‬صغير‭ ‬صمم‭ ‬لتغطية‭ ‬الجهاز‭ ‬الخارجى‭ ‬للتكييف‭ ‬وتستقر‭ ‬عليه‭ ‬ردحا‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬للاستراحة‭ ‬والتقاط‭ ‬الأنفاس‭ ‬لمزاولة‭ ‬أنشطتها‭ ‬سعيا‭ ‬إلى‭ ‬الرزق،‭ ‬وهى‭ ‬كما‭ ‬رأيت‭ ‬فصائل‭ ‬من‭ ‬الطيور‭ ‬أهمها‭ ‬‮«‬العصافير‮»‬،‭ ‬وهى‭ ‬أكثرهن‭ ‬عددا،‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬‮«‬الحمام‮»‬،‭ ‬و«اليمام‮»‬،‭ ‬الصغير،‭ ‬ولكل‭ ‬منها‭ ‬لغته‭ ‬الخاصة‭ ‬فى‭ ‬المخاطبة‭ ‬والتعاملات‭ ‬بينها‭!!‬

فى‭ ‬بداية‭ ‬سكنى‭ ‬كانت‭ ‬العلاقات‭ ‬متوترة‭ ‬بينى‭ ‬وبينها،‭ ‬فبمجرد‭ ‬أن‭ ‬أزيح‭ ‬الستار،‭ ‬وتشاهدنى‭ ‬من‭ ‬الزجاج‭ ‬الفاصل،‭ ‬حتى‭ ‬يتطوع‭ ‬بعضها‭ ‬بإطلاق‭ ‬صيحات‭ ‬تحذيرية،‭ ‬فيسارع‭ ‬البعض‭ ‬بالطيران،‭ ‬بينما‭ ‬ينظر‭ ‬الباقى‭ ‬بحذر‭ ‬شديد‭ ‬مطلقا‭ ‬‮«‬زقزقة‮»‬‭ ‬النداء‭ ‬‮«‬كما‭ ‬يبدو‮»‬،‭ ‬لمخاطبة‭ ‬الباقى‭ ‬المستعد‭ ‬للرحيل‭!‬

وخفق‭ ‬قلبى‭ ‬تعاطفا‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الطيور‭ ‬الجميلة،‭ ‬وتفتق‭ ‬ذهنى‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬يرضيها‭ ‬ويقنعها‭ ‬بأننى‭ ‬إنسان‭ ‬مسالم‭ ‬يحبها‭ ‬ويخطب‭ ‬ودها،‭ ‬فأمرت‭ ‬من‭ ‬تعمل‭ ‬عندنا‭ ‬بإحضار‭ ‬أوانى‭ ‬صغيرة‭ ‬مغطاة‭ ‬بحبات‭ ‬الأرز‭ ‬مع‭ ‬أكواب‭ ‬بلاستيكية‭ ‬بالماء‭!‬

فى‭ ‬اليوم‭ ‬الثانى‭ ‬لهذا‭ ‬الاجراء‭ ‬هدأت‭ ‬الطيور‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما،‭ ‬واختفى‭ ‬الفزع‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬نظرة‭ ‬على‭ ‬النافذة،‭ ‬‮«‬كما‭ ‬كانوا‭ ‬فى‭ ‬الماضى،‭ ‬ولاحظت‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬حبات‭ ‬الأرز‭ ‬كما‭ ‬هي،‭ ‬فأدركت‭ ‬كبر‭ ‬حجمها‭ ‬وطلبت‭ ‬استبدالها‭ ‬فى‭ ‬اليوم‭ ‬التالى‭ ‬بحفنات‭ ‬من‭ ‬قمح‭ ‬وحب‭ ‬‮«‬بفتح‭ ‬الحاء‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬أوانى‭ ‬الماء‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الطقس‭ ‬الحار،‭ ‬بعدها‭ ‬ارتاحت‭ ‬واطمأنت،‭ ‬فمجرد‭ ‬أن‭ ‬أفتح‭ ‬زجاج‭ ‬النافذة‭ ‬تنطلق‭ ‬إلى‭ ‬أسماعى‭ ‬أصواتها‭ ‬أكثر‭ ‬شدوا‭ ‬وترحيبا‭ ‬ولعبا‭ ‬بعد‭ ‬الإحساس‭ ‬بالأمان‭ ‬والألفة‭ ‬بيننا،‭ ‬وأسمع‭ ‬من‭ ‬أفواه‭ ‬هذه‭ ‬الطيور‭ ‬ألفاظا‭ ‬وكلمات‭ ‬غير‭ ‬مفهومة،‭ ‬فلغتها‭ ‬بالطبع‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬تفسيرها،‭ ‬أشاهدها‭ ‬فقط‭ ‬فى‭ ‬رقص‭ ‬‮«‬اهتزازي‮»‬،‭ ‬دائرى‭ ‬الاتجاه،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فمازلت‭ ‬حائرا‭ ‬فى‭ ‬ترجمة‭ ‬لغاتها،‭ ‬مرددا‭ ‬فى‭ ‬أعماقى‭ ‬سؤالا‭ ‬حائرا‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬إجابة‭: ‬ماذا‭ ‬قالت‭ ‬هذه‭ ‬العصافير‭ ‬والحمام‭ ‬واليمام‭ ‬فى‭ ‬وجود‭ ‬غريب‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬مثلي‮»‬؟‭!‬

فما‭ ‬رصده‭ ‬العلماء‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬التفاهم‭ ‬والحياة‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬وأطلقوا‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬اللغات‮»‬‭ ‬فإنهم‭ ‬عجزوا‭ ‬عن‭ ‬تشخيص‭ ‬لغة‭ ‬الطير،‭ ‬وتسبيحها‭ ‬لله‭ ‬الخالق‭ ‬الأحد،‭ ‬باستثناء‭ ‬سيدنا‭ ‬‮«‬سليمان‮»‬،‭ ‬الذى‭ ‬ورثها‭ ‬عن‭ ‬داوود‭ ‬‮«‬عليه‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬ولم‭ ‬يبلغ‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬الأنبياء،‭ ‬مبلغ‭ ‬ملكهما‭ ‬‮«‬على‭ ‬حد‭ ‬علمي‮»‬‭!‬

فى‭ ‬الوقت‭  ‬الذى‭ ‬توصل‭ ‬فيه‭ ‬العلماء‭ ‬للصعود‭ ‬إلى‭ ‬القمر،‭ ‬وأدركوا‭ ‬الرموز‭ ‬الكونية‭ ‬لطبيعة‭ ‬اللغة‭ ‬البشرية،‭ ‬فإنهم‭ ‬مازالوا‭ ‬عاجزين‭ ‬عن‭ ‬فك‭ ‬الطلاسم‭ ‬الصوتية‭ ‬للغة‭ ‬الطيور‭ ‬بكل‭ ‬أنماطها،‭ ‬وبما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬تنوع‭ ‬وتعقيد،‭ ‬رغم‭ ‬بساطتها‭ ‬وجمالها‭ ‬المحبب‭ ‬إلى‭ ‬أسماعنا،‭ ‬فمن‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬يطرب‭ ‬بأصوات‭ ‬البلابل،‭ ‬وهديل‭ ‬الحمام،‭ ‬و«زقزقة‭ ‬العصافير»؟‭!‬

الجمعة‭:‬

على باب المسجد

ذهبت‭ ‬لتأدية‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬بمسجد‭ ‬‮«‬الحامدية‭ ‬الشاذلية‮»‬‭.. ‬وقبل‭ ‬الدخول‭ ‬من‭ ‬بابه‭ ‬استقبلنى‭ ‬جمهور‭ ‬من‭ ‬‮«‬المتسولين‮»‬،‭ ‬بعضهم‭ ‬يرتدى‭ ‬ملابس‭ ‬بالية‭ ‬قديمة،‭ ‬والآخر‭ ‬يمد‭ ‬يده‭ ‬بارزا‭ ‬عاهة‭ ‬مستديمة‭ ‬أو‭ ‬مصطنعة‭ ‬‮«‬الله‭ ‬أعلم‮»‬،‭ ‬ويتحدثون‭ ‬بسكينة‭ ‬مزيفة‭ ‬لترديد‭ ‬أدعية‭ ‬تثير‭ ‬الشفقة‭ ‬لاستخراج‭ ‬النقود‭ ‬من‭ ‬جيبك‭: ‬حسنة‭ ‬لله،‭ ‬الله‭ ‬يخلى‭ ‬أولادك،‭ ‬ربنا‭ ‬يفتحها‭ ‬فى‭ ‬‮«‬وشك‮»‬،‭ ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتسولين‭ ‬يظلون‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬تلاوة‭ ‬القرآن‭ ‬حتى‭ ‬انتهاء‭ ‬الصلاة‭ ‬خارج‭ ‬أبواب‭ ‬المسجد،‭ ‬وسألت‭ ‬نفسي‭: ‬كيف‭ ‬يستجيب‭ ‬الله‭ ‬لدعائهم‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يصلون‭ ‬أصلا؟‭!‬

والواقع‭ ‬اننا‭ ‬نرى‭ ‬زملاء‭ ‬كثيرين‭ ‬لهؤلاء‭ ‬إما‭ ‬فى‭ ‬تسول‭ ‬مباشر‭ ‬بالمطاردة‭ ‬واللزوجة‭ ‬والإلحاح،‭ ‬وإما‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬بالتسول‭ ‬المقنع،‭ ‬والقيام‭ ‬بخدمات‭ ‬غير‭ ‬مجدية‭ ‬وحقيقية‭ ‬ورمزية،‭ ‬كمسح‭ ‬زجاج‭ ‬السيارات‭ ‬فى‭ ‬إشارات‭ ‬المرور‭ ‬أو‭ ‬بيع‭ ‬المناديل‭ ‬أو‭ ‬ترويج‭ ‬أدعية‭ ‬مطبوعة،‭ ‬وبعضهم‭ ‬يدعى‭ ‬أنه‭ ‬محتاج‭ ‬‮«‬فلوس‮»‬،‭ ‬للعلاج،‭ ‬أو‭ ‬رعاية‭ ‬أيتام أو ضياع أمواله ويريد تذكرة قطار للسفر إلى محافظته.‬

للأسف‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬تشجعهم‭ ‬وتعطيهم‭ ‬بدافع‭ ‬العاطفة‭ ‬والرأفة،‭ ‬وأحيانا‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬نهرهم‭ ‬ومنع‭ ‬رذالتهم،‭ ‬والأفضل‭ ‬أن‭ ‬يبحث‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬عن‭ ‬الطبقات‭ ‬المحتاجة‭ ‬فعلا،‭ ‬وتنطبق‭ ‬عليهم‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة‭: ‬‮«‬يحسبهم‭ ‬الجاهل‭ ‬أغنياء‭ ‬من‭ ‬التعفف‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬تجدهم‭ ‬فى‭ ‬المستشفيات،‭ ‬أو‭ ‬داخل‭ ‬الأوساط‭ ‬الطلابية،‭ ‬وكل‭ ‬أسرة‭ ‬فيها‭ ‬الغنى‭ ‬والفقير‭ ‬‮«‬العفيف‮»‬،‭ ‬فابحثوا‭ ‬عن‭ ‬هؤلاء‭!‬

الأحد‭: ‬

فى  انتظار فتوى

حضرت‭ ‬مجلس‭ ‬تحكيم‭ ‬لرد‭ ‬حقوق‭ ‬فى‭ ‬مشروع ‭‬‮«‬فسخ‭ ‬خطوبة»‬‭ ‬ دعانى‭ ‬إليه‭ ‬والد‭ ‬العروس،‭ ‬وهو‭ ‬بالمناسبة‭ ‬شخصية‭ ‬بارزة‭ ‬ومن‭ ‬أسرة‭ ‬كريمة،‭ ‬منذ‭ ‬حوالى‭ ‬ثلاثة‭ ‬شهور‭ ‬تمت‭ ‬خطبة‭ ‬ابنته‬، الخطيب يعمل فى وظيفة مرموقة‭ ‬حضرنا‭ ‬الحفل،‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬كبيرا‭و ‬فخما،‭ ‬وحدث‭ ‬خلاف‭ ‬بين‭ ‬العروسين‭: ‬العريس‭ ‬اكتشف‭ ‬أنها ‭‬‮«‬مدخنة‭ ‬‮»‬‭‬ولم‭ ‬تخبره‭ ‬بذلك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يخطبها،‭ ‬ويريد‭ ‬فسخها‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬صراحتها‭ ‬معه،‭ ‬ويطالب‭ ‬برد‭ ‬الشبكة‭ ‬وقيمتها‭ ‬مائة‭ ‬ألف‭ ‬من‭ ‬الجنيهات،‭ ‬بينما‭ ‬هى‭ ‬ترد‭ ‬بأنها‭ ‬تدخن‭ ‬‮«‬على‭ ‬خفيف‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬تتعدى‭ ‬سيجارتين‭ ‬فى‭ ‬اليوم،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يستدعى‭ ‬مصارحته،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تتهمه‭ ‬بالبخل‭ ‬الشديد،‭ ‬ففى‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يدعوها‭ ‬على‭ ‬العشاء‭ ‬يكون‭ ‬المكان‭ ‬فى ناد تابع لجهة عمله لأنه أرخص،‭ ‬وعندما‭ ‬اقترحت‭ ‬عليه‭ ‬التغيير‭ ‬واختارت‭ ‬اسم‭ ‬مطعم‭ ‬شهير،‭ ‬عمل‭ ‬نفسه‭ ‬من ‭‬‮«‬بنها‮»‬،‭ ‬وسلك ‭‬‮«‬الطناش‮»‬،‭ ‬والغريب‭ ‬فى‭ ‬الأمر‭ ‬اننى‭ ‬اكتشفت‭ ‬أن‭ ‬العريس‭ ‬‮«‬مدخن‮»‬،‭ ‬وعندما‭  ‬واجهته‭ ‬أنا‭ ‬بذلك،‭ ‬ولا‭ ‬يستدعى‭ ‬الأمر‭ ‬المطالبة‭ ‬بالشبكة‭ ‬بسبب‭ ‬تدخينها‭ ‬وهو‭ ‬عيب‭ ‬موجود‭ ‬فيه،‭ ‬قال‭ ‬لا‭ ‬يزعجنى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مدخنة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يزعجنى‭ ‬عدم‭ ‬صراحتها‭ ‬من‭ ‬البداية،‭ ‬فكيف‭ ‬يستمر‭ ‬معها؟

وفشل‭ ‬مجلس‭ ‬الصلح‭ ‬فى‭ ‬إعادة‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭ ‬مجاريها،‭ ‬هو‭ ‬يطالب‭ ‬برد‭ ‬الشبكة،‭ ‬وصديقى‭ ‬والد‭ ‬العروس‭ ‬يعلن‭ ‬موافقته‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬مقابل‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬تكاليف‭ ‬حفل‭ ‬الخطوبة‭ ‬وقدرها‭ ‬خمسون‭ ‬ألفا‭ ‬من‭ ‬الجنيهات‭.‬

وأمام‭ ‬هذا‭ ‬الإصرار‭ ‬المتبادل‭ ‬من‭ ‬الطرفين،‭ ‬اقترحت‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬من‭ ‬صديقى‭ ‬سماحة‭ ‬مفتى‭ ‬الجمهورية‭ ‬العالم‭ ‬الجليل‭ ‬الدكتور‭ ‬شوقى‭ ‬علام،‭ ‬ونذهب‭ ‬معا،‭ ‬وما‭ ‬يقترحه‭ ‬فضيلته‭ ‬يكون‭ ‬قولا‭ ‬فاصلا‭ ‬ويلتزم‭ ‬به‭ ‬الجميع،‭ ‬فوافقوا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ويفعل‭ ‬الله‭ ‬كل‭ ‬الخير‭!‬

الاربعاء‭:

الصابون والشامبو

 ‬التقيت‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬عشاء‭ ‬بالعالم‭ ‬الجليل‭ ‬الدكتور‭ ‬مصطفى‭ ‬أبوالعلا‭ ‬أستاذ‭ ‬الأمراض‭ ‬الجلدية‭ ‬بطب‭ ‬قصر‭ ‬العيني،‭ ‬والحقيقة‭ ‬فقد‭ ‬أجاد‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬فى‭ ‬الاجابة‭ ‬عن‭ ‬تساؤلاتى‭ ‬فى‭ ‬خطوات‭ ‬العناية‭ ‬بالجلد‭ ‬للبقاء‭ ‬عليه‭ ‬نظيفا‭ ‬ناضرا،‭ ‬وأهمية‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بالحمام‭ ‬اليومى‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬حرارة‭ ‬الجو‭ ‬لتجريد‭ ‬الجسم‭ ‬من‭  ‬أى‭ ‬بكتيريا،‭ ‬لكن‭ ‬بهرتنى‭ ‬معلوماته‭ ‬المفاجئة‭ ‬أن‭ ‬الصابون‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬‮«‬الشاور،‭ ‬جل‭  ‬أى‭ ‬سائل‭ ‬الاستحمام،‭ ‬إذ‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬المنظفة‭ ‬والمطهرة‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬والذى‭ ‬يحتوى‭ ‬على‭ ‬مواد‭ ‬ذات‭ ‬فاعلية‭ ‬سطحية‭ ‬والتى‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬الرغوة‮»‬،‭ ‬فتقلل‭ ‬الشد‭ ‬السطحى‭ ‬عند‭ ‬اذابتها‭ ‬بالماء،‭ ‬ويصنع‭ ‬من‭ ‬أملاح‭ ‬الصوديوم‭ ‬أو‭ ‬البوتاسيوم‭ ‬الغنية‭ ‬بالاحماض‭ ‬الدهنية،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الصديقة‭ ‬للبيئة،‭ ‬ويقوم‭ ‬بتفتيت‭ ‬وطرد‭ ‬المواد‭ ‬غير‭ ‬المرغوب‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الجلد،‭ ‬ويعود‭ ‬اكتشافه‭ ‬من‭ ‬قديم‭ ‬الأزل،‭ ‬وكان‭ ‬آباؤنا‭ ‬وأمهاتنا‭ ‬وأجدادنا‭ ‬يستخدمونه،‭ ‬وتبدو‭ ‬وجوههم‭ ‬وأجسامهم‭ ‬‮«‬زى‭ ‬الفل‮»‬،‭ ‬ولم‭ ‬يعرفوا‭ ‬أبدا‭ ‬الصابون‭ ‬السائل‭ ‬‮«‬الشاور‭ ‬جل‮»‬،‭ ‬الذى‭ ‬يحتوى‭ ‬على‭ ‬زيوت‭ ‬وعطور‭ ‬ومستحضرات‭ ‬تجميل،‭ ‬لكن‭ ‬الصابون‭ ‬يقوم‭ ‬بمهمته‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬أكمل،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬اختيار‭ ‬أنواع‭ ‬الصابون‭ ‬بعناية‭ ‬ابعد‭ ‬عن‭ ‬صابون‭ ‬‮«‬الديتول‮»‬،‭ ‬واختار‭ ‬‮«‬الجلسرين‮»‬،‭ ‬لأنها‭ ‬طبيعية‭ ‬وخالية‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية،‭ ‬‮«‬الشاور‭ ‬جل‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يقتل‭ ‬البكتيريا‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬الصابونة‭ ‬العادية،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬تستخدم‭ ‬الصابون‭ ‬فى‭ ‬تنظيف‭ ‬الشعر،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬‮«‬الشامبو‮»‬‭!‬