تساؤلات

دكتور أيوب إخصائى إصلاح العيوب

أحمد عباس
أحمد عباس

ينفتح المشهد على ضحك امرأة بصوت عال بلا رقاعة دون أن تبدو أمام العدسة، ثم شيئًا فشئ نسمعها تبادل سيدة أخرى حديثا عن أمر ما لامفهوم للعامة وأنا منهم تقول لها بهدوء: لا لا اطمئنى ولا داع للقلق تمامًا، دكتورنا شاطر ومشرطه مايخيبش وكل من جاءته مكسورة خرجت مجبورة، ثم تخفت الاضاءة على مهل ويحصل قطع مدته لحظات، وتسمع صوتًا لا معروف يقول: كااات.


تعود الصورة مشوش عليها من شاشة جهاز تابلت فاخر فلا يبدو ما فيها، بينما صوت السيدة المختفية يعاود الظهور: أيوة أنا عايزة زى دى بالظبط لا شىء صعب على الدكتور أيوب، وهذا هو الشكل الذى اخترته. تهدأ اضاءة الشاشة رويدا رويدا الى أن تنطفئ ثم ينتقل المصور الى نجم العرض فى دخول مدروس ومنظم.


الأضواء تحيط الرجل من السقف وحوائط الطرقة وكاميرات الهاتف وكل ما يمكن أن يضىء، يرتدى زيًا أزرق فضفاضًا ويبتسم بلا مبرر ويبرم شنباته الفضية بتؤدة وتمهل وما إن يصل الغرفة المطلوبة حتى تهدأ الموسيقى الاحتفالية المصاحبة، يُلقى السلام على الجميع بابتسامة لزجة وثقيلة جدًا ثم يسحب كرسيه ويجلس.
يعود صوت السيدة من جديد: ازيك يا دكتور أنا عايزة زى دي، لا يبدو فى الصورة ما هى «دي» التى تتحدث عنها، لكن الطبيب يعرف ماذا تريد فيضحك ضحكة من نخاشيش أعماقه ويقول: استنى بس واحدة واحدة نشوف الأول ينفع أم لا، بينما هى تقول: أهو شوفت هاتنفع صدقنى.
كاميرا الهاتف موجودة فى زاوية ضيقة للغاية لا تُظهر الا شخصًا يرتدى لباسًا طبيًا مخصصًا للعمليات الجراحية، يُلبس عادة بلا شىء تحته معروف للعامة اسمه «جاون»، ويعود الصوت النسائى: أهو شوف كده والله هاتنفع أنا متأكدة وتنبرى السيدة تحكى له كم تعتب فى اختيار الصورة وكيف ان هذه الفورمة هى التى تريدها دون غيرها ولماذا أقدمت على الخطوة، والدكتور أيوب يواصل دون كلل، كم أنت محظوظ أيها اللعين.. أقولها لنفسى.
ينتهى المشهد ها هنا وتنغلق الشاشة على لافتة «مركز الدكتور أيوب اخصائى إصلاح العيوب» للجراحة والتجميل، ياااه أخيرًا عرفنا ماهية المكان الذى نحن بداخله منذ البداية وينطفئ الصوت على قهقهات الدكتور أيوب التى لا تناسب شاربه المبروم ولا أعتقدها تتسق مع سلوك طبيب وجراح له كل هذا الصيت.


على موسيقى ملحمية مصنوعة من أناشيد النصر يعاود الدكتور أيوب الدخول تحيطه كاميرات الهواتف من كل اتجاه بينما هو يتبختر فى خيلاء وعلو وسماجة، يدخل الى غرفة طبية ويقف يطمئن على الحالة ويبشرها انه كله تمام والعملية سارت على هوى السيدة ونجحنا أخيرا فى شد ومط ورفع ونحت ونفخ ما يمكن إنقاذه وهكذا عادت الحياة لمنطقة مبهمة لم يفصح عنها الدكتور أيوب.. يهنئ الحالة من قلبه وينصرف.


ثم تعود الصورة لكن هذه المرة من بيت الرجل على سفرة فخمة يجلس اليها بشهية بينما يفتح أورق القصدير الساخنة بفعل الفرن ويفصص قطعة لحم دابت فى الفرن، يمزع اللحم بشاربه الملفوف لأعلى ويفترسها بنهم.
والله ان هذه لقطات حقيقية موجودة على الانترنت لجراح تجميل لست واثقًا أنه تخرج فى إحدى كليات الطب، السؤال هو ما هذا؟، هل هو هوس الدعاية أم الشهرة أم الرغبة فى التكسب من السوشيال ميديا بالدولار، أم ماذا؟!.