يوميات الأخبار

يحدث فى فيلا العجمى !

د. محمد حسن البنا
د. محمد حسن البنا

«البحر وحمام السباحة مجانى لأى أم أرملة وأولادها، وأى حد محتاج يصيف وشايل هم المصاريف»

علمتنا الصحافة أنه لا إجازات ولا فسح. كنا نعمل 24 ساعة فى الـ 24 ساعة. ولا أبالغ إن قلت أن أحلامنا فى منامنا كانت تركز على الانفراد والسبق الصحفى. أذكر أنه فى فترة الثمانينات من القرن الماضى كانت الحكومة تعد مشروع قانون لتعديل نظام الانتخابات وتنظيم ممارسة الحياة السياسية، وكان فى طى الكتمان قبل صدوره. ظللت أسعى للحصول عليه من أصدقائى ومصادرى بمجلس الدولة، كانت لديهم تعليمات مشددة بعدم البوح بنصوص المشروع. ورغم علاقتى القوية جدا بمصادرى إلا أننى لم أستطع الحصول على كلمة واحدة من المشروع. أحضرت القانون الذى يجرى تعديله، قرأته جيدا، وبدأت مرحلة تخمين التعديلات، وفق ما يجرى على الساحة السياسية، ثم غلبنى النوم. وإذا بى، ومع سيطرة الموضوع على عقلى، أحلم بالتعديلات التى تتم مراجعتها بقسم التشريع بمجلس الدولة!، دونتها فى أوراقى عقب الاستيقاظ !.

اتصلت بصديقى المستشار الدكتور عبد الله ناصف نائب رئيس مجلس الدولة، وعضو اللجنة التى تناقش المشروع. قلت له لا أطلب النصوص من سيادتك بل أطلب نعم أو لأ فقط. وعرضت عليه ما ورد على ذهنى فى منامى، إذا به يقول نعم !، نصحنى ألا أنشره لاحتمال إدخال تعديلات أخرى عليه !. طبعا لم أنفذ نصيحته، وتحملت عبء المخاطرة!. أسرعت بتقديم الموضوع، وإذا بـ «الأخبار» تنشره المانشيت الرئيسى بالصفحة الأولى كسبق صحفى. وأحصل على مكافأة 20 جنيها من رئيس التحرير!. ويضاف هذا الحلم الجميل إلى العديد من الانفرادات التى حققتها للأخبار طوال عملى.

عالم إجازات !

مثل هذه الذكريات تؤكد لنا مدى ما كان من إخلاص فى العمل والإنتاج دون حساب للوقت والإجازات. لهذا أرى أن كثرة الإجازات للعاملين بالدولة تميت قلوبهم، وتجعلهم كسالى، وتساعدهم على إهمال أعمالهم . فلا يعقل أن يكون هم العامل بالدولة الآن حساب الإجازات،  وقد دعوت من قبل إلى ضرورة اهتمام الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وعلى رأسه أستاذ فاضل، بإعادة تنظيم العمل بالدولة، وهيكلة الوزارات والمؤسسات والهيئات والمصالح الحكومية حتى تكون متناسقة مع التطورات العالمية الحديثة والتكنولوجيا المتطورة يوما بعد يوم. وياحبذا لو تمت إعادة النظر فى سن المعاش. هيئة التأمينات تطلب رفع سن المعاش لمعالجة العجز المالى والإكتوارى فى نظام المعاشات. وهناك تطبيق فعلى لسن المعاش يبدأ تدريجيًا عام 2032، ويرفع سن المعاشات إلى 65 عامًا، اعتبارًا من يوليو عام 2040 للعاملين فى الجهاز الإدارى للدولة والعاملين بالخارج، حسب نص المادة 41 من قانون التأمينات. رفع سن المعاش لـ61 عامًا فى يوليو 2032. ثم رفع لـ 62 عامًا فى يوليو 2034. ومرة أخرى لـ 63 عامًا فى يوليو 2036. ثم لـ 64 عامًا فى يوليو 2038. وأخيرًا يرفع لـ 65 عامًا فى يوليو 2040.

لا معاش للإبداع

كلنا يعلم أن الإبداع ليس له سن معاش. مثلا الكاتب الكبير مصطفى أمين لم تمنع مقالاته فى سن الستين، وغيره من الكتاب والمبدعين. أم كلثوم ظلت تغنى حتى سن 77 سنة. وكان صوتها شجيا رائعا يطرب السامعين. الإمام العظيم الشيخ محمد متولى الشعراوى ظل يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة رغم تخطيه الثمانين. وهكذا الإبداع ليس له معاش. أذكر مع بداية العام الجارى قضية الإعلامى الكبير شحاتة العرابى، وهو من أجمل أصوات إذاعة القرآن الكريم، عندما أحيل للمعاش. ناشد المسئولين «لا تحيلوا صوتى للمعاش»، وطالب الكثير منا ببقائه. فالقاعدة تقول إن الأصوات الجميلة لا تعجز ولا تحال للمعاش. لأنها منحة ربانية للناس، يجب ألا تطبق عليها النظم والقوانين التى يضعها البشر.

أتمنى أن نعيد النظر فى عمليات التوظيف والإحالة للمعاش. وأيضا نعيد النظر فى الإجازات التى تمنح للعاملين بالدولة. وأن نعيد هيكلة عطلات المناسبات القومية والوطنية والدينية والمجتمعية. الزميلة العزيزة والصديقة الأستاذة الدكتورة نجوى كامل أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة كتبت تقول: «نكت نازلة كتير عن العودة للشغل بعد هذه الإجازة الطويلة، اللى بيقول هو انا كنت بشتغل إيه؟ واللى عايز لوكيشن علشان نسى مكان الشغل وغيرها.. فكرت شوية ولقيت إن عملية الفصل بين العمل خارج المنزل وداخله لا تنطبق على شغلتنا، الإجازة معظمها راحت وأنا عينى فى ورق، مراجعة أبحاث وتحكيمها، رسائل علمية محتاجة تتناقش.. الخ، مش بننزل كل يوم ومواعيد وكده ده حقيقى، بس فكرة إنك ترجع بيتك وعندها تنقطع صلتك بالعمل حتى تذهب إليه اليوم التالى، ممكن تكون أكثر راحة للبعض، بس بالنسبة لى الحمد لله راضية تماما عن عملى وما يفرضه علىّ من التزامات خارج البيت وداخله».
فيلا العجمى !

فعلاً، مصر كلها حاجات حلوة، والمصريون أجمل وأطيب شعوب الأرض. هذه حكاية من حكاوى الخير لابن من أبناء مصر. اشترى أب فيلا كبيرة لأولاده فى العجمى بالإسكندرية. يقضى فيها وأسرته أيام الصيف. ولأن الأولاد يقضون أسبوعا أوعشرة أيام. وباقى أيام السنة تغلق الفيلا، فكر الأب فى مبادرة شخصية بأن يجعل الفيلا مصيفا للأيتام، والناس اللى ظروفها محدودة!. وشعر براحة كبيرة ورضا نفس عندما شاهد الفرحة فى وجوه الأسر الفقيرة والأيتام. كان يثلج صدره أنها تقضى أسعد أيامها فى المصيف. رحل الأب الطيب «عادل»، بكى عليه مع أسرته الأيتام والفقراء. لكن وصيته مازالت تنفذ. قام ابنه سعيد بإعادة تجديد الفيلا لتستوعب أكبر عدد من الأيتام والأسر الفقيرة. وجهزها بالأسرة والمناضد، وأيضا ألعاب التسلية «بلياردو وبنج» وكأنها فندق أربع نجوم. كتب على صفحته (إحنا بنقدملك، وبكل روح محبة، إنك تيجى عندنا وتشرفنا، بنقدملك إقامة كاملة لمدة 3 أيام، تستمتع بالبحر وحمام السباحة مجانا، لأى أم أرملة وأولادها، وأى حد محتاج يصيف وشايل هم المصاريف). ويقدم للأطفال مشروبات وبسكويت وحلويات. يقول سعيد: أصبح لدينا خمسون سريرا تتيح الإقامة الكاملة للأسر. كل أسرة تروح يومين تلاتة تستمتع بالإقامة وحمام السباحة والبحر. بجد شيء جميل وبيوضح جمال الشعب المصرى وأن فى شيء حلو وجميل فى البلد دى رغم كل الصعاب.. دعوة من القلب ربنا يرحم الرجل الفاضل صاحب تلك المبادرة وربنا يبارك فى ابنه سعيد اللى بيفرح الأطفال الأيتام والأسر البسيطة وياريت كل إنسان مقتدر يعمل ولو شيء بسيط لكل إنسان محتاج. بارك الله فى الأسرة المصرية الأصيلة والجميلة. الصفحة:
  https://m.facebook.com/profile.php/?id=1669455809

جرائم منظمة !

ما يحدث فى العالم من حروب ومعارك بين دول وأخرى أو بين ميليشيات وتنظيمات من داخل الدولة نفسها، جرائم منظمة ضد البشرية. يستفيد منها تجار السلاح، وزعماء الدول الكبرى، وهم الجناة. والضحايا هم الشعوب. أى محلل مبتدئ يكتشف أن وراء الدمار الذى ينتشر فى عالمنا مصالح وأطماع الدول الكبرى. وليس دقيقا أن الاستعمار انتهى من العالم. ما يحدث مثلا فى السودان الشقيق تدمير لقدرات الدولة السودانية وسعى لتقسيمها إلى دويلات لا حول لها ولا قوة. وما يحدث فى النيجر صراع على ما تملكه من مواد خام، خاصة اليورانيوم تسيطر عليها دولة فرنسا منذ أيام الاحتلال. نفس الشىء فى ليبيا واليمن ولبنان وسوريا والعراق ونيجيريا وإفريقيا الوسطى. وأيضا ما يحدث ضد الشعب الفلسطينى ودولته، وصمت العالم عليه كل هذا ضمن مخطط لإبادة الدولة الفلسطينية، واستمرار شعبها مشردا فى دول أخرى. وكذا ما يحدث فى الحرب الأوكرانية الروسية.

لم يعد غريبا أن تصبح منظمة الأمم المتحدة بلا دور. ولم يعد غريبا أن تسعى الدول المحترمة إلى تنظيمات مبتكرة مثل دول «البريكس». ولم يعد غريبا أن تصبح المنظمات الدولية ألعوبة فى يد أمريكا والدول الغربية، توجه لكتابة تقارير ضد دول بعينها، وتهدد الدول الناشئة والنامية بالعقوبات وخلافه. العالم الحر الجديد يسعى إلى تنظيم دولى يحترم الدول والشعوب.

ما يحدث فى السودان الشقيق من حرب أهلية يستفيد منها الغرب. لقد قلبت الحرب التى اندلعت منذ منتصف أبريل الماضى بين الجيش وقوات الدعم السريع حياة السودانيين رأساً على عقب بحسب ما نشرته وكالة «فرانس برس».

تقول: أصبحت مهنة «حفار القبور» أو التربى هى المهنة الأهم!. فقد ألقى الصراع بظلاله على كافة جوانب الحياة بالبلاد، وهجرت الاشتباكات عشرات الآلاف من بيوتهم.

وتوقفت العديد من الأعمال، وتقطعت الطرقات وأقفلت المصارف والمحال التجارية، ما دفع ملايين السودانيين إلى استبدال مهنهم بأعمال أخرى، عن شهادات سكان فروا من الخرطوم إلى مناطق أخرى فى البلاد، إلا أن المهنة الأبرز والأكثر طلباً على ما يبدو أضحت «حفار القبور».

فقد انتشرت خلال الفترة الماضية دعوات على وسائل التواصل الاجتماعى للبحث عن حفارى قبور، من أجل دفن الجثث التى انتشرت فى بعض مناطق العاصمة لاسيما أم درمان.

ترافقت تلك الدعوات مع تحذيرات ما فتئت منذ أشهر تحذر من خطورة انتشار الجثث على أسطح المنازل أو فى الشوارع. فضلا عن انتشار المقابر الجماعية. ونبهت أكثر من جهة ومنظمة فى البلاد من مخاطر هذه القضية.