فيصل مصطفى يكتب: «قبائل سيناء».. درة تاج الدفاع عن الوطن

الكاتب الصحفي فيصل مصطفى
الكاتب الصحفي فيصل مصطفى

تلعب القبائل الوطنية المصرية الأصيلة في سيناء الحبيبة دورا تاريخيا وطنيا مميزا ، عبر كل العصور والأزمنة، دورا لم ولن يتغير، فهي جزء أصيل من تيار الحركة الوطنية المصرية. 

قبائل سيناء العربية الأصيلة، ذات الهوية الوطنية المصرية، لها دور تاريخي في العصور القديمة والحديثة في مواجهة الاستعمار ومواجهة الغزوات ومواجهة إسرائيل، وفي الدفاع عن التراب الوطني، وعن حدودنا المصرية الآمنة .

فهم وبحق، خط الدفاع الأول عن مصر، وخط الدفاع الأساسي، وهم للأسف لم يأخذوا حقهم من الإهتمام الإعلامي، ومن تسليط الأضواء عليهم وعلى أدوارهم وإنجازاتهم التاريخية عبر كل العصور، ربما لأن الأمور كانت كثيرا ما تتجاوز تضحياتهم وبطولاتهم ، التي ما زالت جزءا كبيرا منها، خافيا عن الرأي العام، وإن كان أصبح من الضروري والمنطقي ، أن يتم الإفصاح التدريجي عن بعضها، وتسليط الضوء على البعض الآخر، لكي يأخذ هؤلاء الأبطال حقهم المشروع من التكريم والتخليد، ويعرف أبناء مصر المحروسة، كيف قاتل وناضل، وجاهد إخوانهم من أبناء قبائل سيناء، وهو دورممتد عبر التاريخ .

فدورهم في حرب 1956 غير منكور، ولعبوا جهدا عظيما في الدفاع عن مصر، وجهدهم في حرب 67 أكثر من رائع، وكانوا دعما وسندا وظهرا للقوات المصرية المسلحة الباسلة قبل  وأثناء وبعد 67، كما كان لهم دورا عظيما في حرب الإستنزاف، دورا لا يمكن أن يُنسى، دورا كان سببا رئيسيا في تحقيق انتصار أكتوبر العظيم 73.

ولا يمكن أن ينسى التاريخ دور قبائل سيناء العظيم في المؤتمر الصحفى العالمى الشهير في رفح ، والذي حضره موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي بنفسه سنة 1968 وعرض عليهم أن يتم إعلان استقلال سيناء عن مصر، وتمكينهم من حكمها، مقابل إنسحاب شكلي للقوات الإسرائيلية، ولكن كانت الضربة القاضية التي وجُهت للصهاينة وإعلامهم أن وقف شيوخ قبائل سيناء الأبطال المغاوير في هذا المؤتمر وأمام كاميرات التليفزيون وعدسات المصورين، ومراسلى وكالات الأنباء من جميع أنحاء العالم، ليعلنوا تمسكهم بهويتهم الوطنية المصرية ، وأنهم جزء لا يتجزأ من الوطن المصري، ويفتخرون بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، ويدينون بالولاء الكامل للدولة المصرية ، وكانت ضربة صاعقة أطارت صواب موشي ديان وغيره. فقد تمكن شيوخ قبائل سيناء العظيمة من أن يلقنوا الأعداء درسا قاسيا تاريخيا في الوطنية والانتماء والدفاع عن الوطن والاستشهاد في سبيله .
 

ولم يتوقف دور قبائل سيناء عند ذلك، وإنما استمرت في دورها الطبيعي المنطقي الوطني التقليدي في الدفاع عن الوطن، وتقديم يد العون للدولة المصرية ، التي بدأت في استلام سيناء مرة أخرى تدريجيا عقب حرب 1973 وبداية من 1978، وحتى إتمام الانسحاب الإسرائيلي الكامل في إبريل 1982، كانت القبائل العربية خير المعاون، وخير مساعد للإدارة المصرية، سواء المدنية أو العسكرية، في عودة سيناء إلى ماكانت عليه، وإزالة آثار العدوان والاحتلال الإسرائيلي تدريجيا .

ولذلك لم يكن غريبا، ولا أمرا يدعو للإندهاش الموقف الوطنى المعتاد والطبيعى والتقليدي والتاريخي المميز لأهل سيناء الكرام العظماء ولقبائلهم العتيدة ، فى أن يكونوا عنصرا فاعلا وأساسيا ورئيسيا في تمكن الدولة المصرية وقواتها المسلحة الباسلة من دحر الإرهاب، وسحقه في سيناء تماما، والقضاء عليه، وعودة الحياة الطبيعية إلى ربوعها، وأصبحت  مكانا جاذبا للاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية. 

وتشهد سيناء بفضل تضحيات وعطاء وجهد هؤلاء البواسل الأبطال المغاوير، أكبر نهضة يمكن أن تتم الآن من استصلاح أكثر من 250 فدان كمرحلة أولى إلى إنشاء العشرات من المصانع الضخمة، وبناء العديد من المدن  لتتحول سيناء إلى بقعة من أهم المناطق الجغرافية في العالم الآن.

كل هذه الإنجازات، صنعها، وشارك فيها أهالي سيناء العظماء الأبطال وقبائلهم الجميلة الرائعة التي لم تبخل بالجهد والمال والدم في سبيل الدفاع عن الوطن والأمة والشعب. 
هذا ما تفعله القبائل السيناوية الآن في ملحمة نضالية رائعة، نضالية ليست في وجهها العسكري فحسب، وإنما في وجهها السياسي والحضاري والتنموي أيضا، فهى لها دور وطنى شامل ، تقدمه بالتعاون القوي والوثيق، مع أجهزة الدولة ، لتقدم نموذجا مبهرا في النضال وفي الاستبسال، وفي الدفاع عن البلاد .

من هنا، أجد أنه من واجبي أن أشير وأشيد بدور القبائل السيناوية وما تقدمه من جهد، وما تلعبه من أدوار عظيمة خفية، وأصبح واجبا علينا كإعلام وطني، أن نلقي الضوء على هذه الأدوار، وأن نقدم هذه النماذج لشعبنا لكي تكون نماذج مضيئة، ومثل أعلى لشبابنا وأجيالنا الصاعدة، ولتبقى دائما هذه القبائل العظيمة درة تاج، العمل الوطني المصري، والكفاح الوطني، والدفاع عن الوطن. 

وفي النهاية، لا أستطيع إلا أن أقدم هذه التحية، لأنها للأسف كل ما أملكه، ولو استطعت أن أقدم ما هو أكثر ما ترددت لحظة، لكن هذا ما يمكن أن يفعله مواطن مصري، يتمنى أن يكون ممن يساهمون في الدفاع عن الوطن الآن بالجهد والروح والدم، ولكنني أكتفي بالدفاع عن طريق القلم ، نظرا لظروف السن.

[email protected]