نهاية حكم فرنسا الحصري.. ثورة الشعوب في غرب أفريقيا ضد الهيمنة الاستعمارية

أحد المتظاهرين يرفع لافتة كتب عليها بالفرنسية "وداعا فرنسا"
أحد المتظاهرين يرفع لافتة كتب عليها بالفرنسية "وداعا فرنسا"

يواجه التأثير الفرنسي التاريخي في غرب أفريقيا تحديات جديدة وكبيرة، حيث يرفض العديد من الأفريقيين النفوذ الفرنسي المستمر، وهو ما يظهر بوضوح في تحولات سياسية حديثة في المنطقة. تعتبر الانقلابات العسكرية الأخيرة في النيجر، مالي وبوركينا فاسو، دول سابقة تابعة للإستعمار الفرنسي، بوادر قوية على هذا التغير المتسارع.

تصاعد الاحتجاجات ضد فرنسا
الانقلابات السياسية الأخيرة في غرب أفريقيا أدت إلى نشوء حالة من الغضب والاحتجاج ضد فرنسا وتدخلها في شؤون الدول الأفريقية. في النيجر، استُخدمت الادعاءات بأن الرئيس محمد بازوم كان ينفذ الاجندة الفرنسية لتبرير إزاحته من السلطة، وتم إلغاء خمسة اتفاقيات عسكرية مع فرنسا من قبل المجلس العسكري بقيادة الجنرال عبد الرحمن تشياني.
توجهت العديد من الانتقادات في الآونة الأخيرة نحو فرنسا ودورها في الاضطرابات السياسية في بلدان مثل النيجر، بوركينا فاسو، غينيا، مالي، وتشاد. تشير الدراسات إلى أن 78٪ من الانقلابات التي وقعت في أفريقيا جنوب الصحراء منذ عام 1990، حدثت في دول تتحدث الفرنسية.

فشل النموذج الفرنسي
تعاني دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر من أزمات اقتصادية وأمنية خطيرة على الرغم من تلقيها مساعدات كبيرة من فرنسا على مدار عقود. وقد أدى فشل النظم الحاكمة في تحقيق التنمية إلى ارتفاع مستويات الفقر والبطالة بين الشباب ما كان له أثر كبير في انتشار العنف والارهاب.

 

فرنسا ونظام "الفرانكوفوني"

منذ نهاية  الاستعمار، استمرت فرنسا في التدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية لمستعمراتها السابقة في أفريقيا، إذ تستخدم سبعة من تسع دول فرانكوفونية في غرب أفريقيا الفرنك الأفريقي الذي يتم ربطه باليورو ويضمنه النظام الفرنسي كعملتهم، وهو إرث للسياسة الاقتصادية الفرنسية تجاه مستعمراتها. يشير الباحثون إلى أن هذه التدخلات الفرنسية الدائمة قد ساهمت في تعزيز الفساد والتحديات التي تواجه الديمقراطية في هذه الدول.

 

البدائل للنفوذ الفرنسي
ازداد الاستياء الشعبي والإحباط، مما أدى إلى تشجيع القادة العسكريين على الاعتقاد بأن الانقلاب سيحتفى به من قبل المواطنين. ومع ذلك، لا يمكن وضع التوترات الحالية في غرب أفريقيا على عاتق فرنسا وحدها. فقد ساعدت القوات السابقة للقوى الاستعمارية الأخرى في الحفاظ على القادة الاستبداديين في الخارج. على سبيل المثال، خلال أيام الحرب الب ار الباردة، قامت المملكة المتحدة والولايات المتحدة بدعم العديد من الديكتاتوريين مقابل ولائهم، من دانيال أراب موي في كينيا إلى موبوتو سيسي سيكو في ما كان يُعرف بزائير، الآن جمهورية الكونغو الديمقراطية.

انخفاض مستويات الأمن في غرب أفريقيا

بالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض مستويات الأمن الغير مسبوقة في أجزاء من غرب أفريقيا ومنطقة الساحل، مع "الجماعات المسلحة والمتطرفين العنيفين والشبكات الإجرامية" تقوض الثقة العامة في الحكومات المدنية، وفقًا للأمم المتحدة. العوامل المحلية الخاصة بكل دولة لعبت دورا هاما في كل انقلاب خلال السنوات الثلاث الماضية.

هناك أيضًا المشاعر السلبية تجاه الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، حيث يشعر الكثيرون بالاستياء من الجهود العسكرية التي لم تتمكن من التغلب بشكل حاسم على الجهاديين، الذين يواصلون الهجمات على المجتمعات المحلية وقوات الأمن. العديد من الناس يشعرون بأن فرنسا، كقوة عسكرية غربية تقنية متقدمة، كان يجب أن تكون قادرة على "حل" المشكلة ويجب الآن أن تبتعد إذا كانت غير قادرة على القيام بذلك.

ماضي مظلم

تاريخياً، كانت هناك عدة أحداث مؤلمة ترتبط بتدخل فرنسا في المنطقة، مثل عدم تدخلها في مأساة الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994. هذه الممارسات السابقة، جنباً إلى جنب مع بعض التصريحات السياسية السلبية التي أدلى بها بعض الزعماء الفرنسيين، أثارت استياءً وغضبًا في غرب أفريقيا.

المستقبل

الرغبة في تقليل التأثير الفرنسي غالبًا ما لن تكون نعمة مباشرة للثبات السياسي، وفي العقود المقبلة، قد نرى جيل جديد من القادة العسكريين يحاولون تبرير انقلابات أخرى بناءً على الحاجة إلى التخلص من أي تأثير اجنبي مستقبلي. تبقى الأمل أن النيجر وغيرها من الدول الأفريقية على المسار نفسه يختارون الحكم الذاتي والمستقبل الديمقراطي. ولكن من المحتمل أن تكون الدول التي لديها سجلات أسوأ في الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان والإدارة بشكل عام ستتدخل لملء الفراغ السلطوي.