بعد مقتل الشاب نائل.. أحكام قضائية سريعة فى فرنسا ضد 1200 مشاغب

مقتل الشاب نائل
مقتل الشاب نائل

مى‭ ‬السيد

أصدر القضاء الفرنسى أحكامًا سريعة، فى أقل من شهر، ضد أكثر من ألف شخص، كانوا ضمن المشاركين فى الاحتجاجات المروعة التى شهدتها العاصمة باريس والمدن الفرنسية الأخرى، وتسببت فى تلفيات ضخمة للبنية التحتية والشركات الخاصة على خلفية مقتل الشاب نائل على يد ضابط مرور أثناء تفتيشه بإحدى النقاط الأممية

تلك الحادثة، كانت سببًا فى موجة كبيرة من الاحتجاجات التى توسعت وشملت عدة مدن فرنسية، والسبب يعود إلى محاولة الشرطة فى بادئ الأمر التكتم على تفاصيل القضية وإظهارها كأنها محاولة دهس ودفاع عن النفس، لولا انتشار الفيديو الذى كشف حقيقة الواقعة، وهو ما حول معه الاحتجاجات إلى أعمال عنف وشغب، قامت على إثرها الشرطة بنشر مايزيد عن 40 ألف شرطى فى مختلف الشوارع لمواجهة العنف والتدمير، وهو ما تجمدت معه الحياة بشكل شبه كامل في ضواحى فرنسا، وتحولت الشوارع إلى حرب عصابات، كما ألقت القبض على الشرطى المتهم وزميله فى محاولة لتهدئة الأمور

ورغم ذلك هوجمت مراكز الشرطة ومداخل السجون بواسطة قذائف الهاون، وأحرقت مئات السيارات والمبانى الحكومية ودمرت ونهبت العشرات من المتاجر الفاخرة، كما هاجم مثيرو الشغب حافلات وعربات ترام التابعة للحكومة، وأحرقوا مئات من صناديق القمامة بمختلف الأحياء والمدن الفرنسية.

وكشف وزير العدل الفرنسى كافة تفاصيل التحقيقات الجارية مع المتهمين الذين تم القبض عليهم من قبل الأجهزة الأمنية، معلنًا عن صدور أكثر من ألف حكم قضائى فى حق أشخاص على ارتباط بأعمال الشغب بينهم 600 دخلوا السجن.

وأكد الوزير على أنه تم توقيف العديد من مثيرى الشغب بلغ عددهم الإجمالى نحو أربعة آلاف شخص، تم إحالة 1300 شخص منهم إلى النيابة العامة، منهم 905 تم عرضهم مباشرة على القضاء، وأشار إلى أنه حكم على 1056 شخصًا بالسجن بينهم 742 مع الشغل، والنفاذ، وتم سجنهم ما بين شهرين إلى ثمانية أشهر، لافتًا إلى أنه حتى الآن تم سجن 600 شخص، ويتم تنفيذ الاحكام تباعًا على الذين اخلى سبيلهم بضمان ما. 

وأصدر القضاء الفرنسى فى المجمل 1278 حكمًا سريعًا، جميعها مرتبطة بأحداث فرنسا الأخيرة، وتبين أن 95 بالمئة من تلك الأحكام أدين أصحابها بالتخريب المتعمد، منهم أقل من 10%  غير فرنسيين و60% منهم ليس لديهم سجل لدى الشرطة، كما تتراوح أعمارهم بين 11 إلى 59 سنة، ومتوسط أعمارهم 17 و18 عاما. 

كما أعلن عن أن القضاء الفرنسى سيتخذ عددًا من الإجراءات ضد أهالى المتهمين القصر، الضالعين فى أعمال عنف، مشيرًا إلى أن جميع الحالات سيتم دراستها على حده، كاشفًا عن أنه لن يتم معاقبة الأم التى تعمل لتربية ابنها وحدها مثلا أو الأب الوحيد. 

وأكد المدعى العام الفرنسى أن عمليات فحص الكحول والمخدرات فى الدم أجريت على المتهمين وثبت أنها سلبية، كما تم استخدام مقاطع فيديو للمراقبة ومقاطع فيديو للهواة تم التقاطها أثناء الفحص الذى أدى إلى وفاة نائل. 

وفى سياق التحقيقات أكد الضابط الذى أطلق طلقة واحدة خلال التحقيقات أنه أراد منع السيارة من المغادرة، و شعروا «بالتهديد» برؤية السيارة وهى تنطلق وكان يخشى أن تصطدم بشخص ما، بما فى ذلك هو أو زميله، وطبقا للمدعى العام فإن نائل توفى بعد ذلك بوقت قصير متأثرًا بجراحه، وكان بصحبته اثنان، فر راكب أول ، بينما تم القبض على راكب آخر  وهو قاصر أيضا، واحتجز.  

تكلفة الدمار

كانت تكلفة الدمار الذى طال البنية التحتية والممتلكات العامة فى فرنسا جراء الأحداث عالية،  وهو ما كان سببًا رئيسيًا لتسريعة وتيرة الأحكام القضائية، حيث تكلفت الأضرار التى لحقت بالشركات الخاصة وحدها، بأكثر من مليار يورو، كما تم نهب أكثر من 200 متجر بالكامل، وتدمير 300 فرع مصرفي و250 متجر لبيع السجائر. 

وفى السياق ذاته، وبسبب مقتل نائل ألقت الشرطة القبض على شخص هدد بقتل رئيسة الوزراء، إليزابيث بورن. 

وأشارت وسائل الإعلام إلى أن الرجل البالغ 30 عاما، من سكان بلدية كاريير سو بواسى فى مقاطعة إيفلين القريبة من العاصمة باريس، حيث وجه رسائل عبر موقع الحكومة على الإنترنت تضمنت تهديدات، بما فيها بقطع حنجرة بورن.

واعترف الموقوف بأنه وجه التهديدات متأثرًا بالضغط النفسى على خلفية تعاطى الكحول والفقر والصدمة النفسية، جراء مقتل المراهق نائل ذى الأصول الجزائرية على يد رجل الشرطة. 

وأشارت مصادر أمنية إلى أن الرجل لم يبد المقاومة أثناء إلقاء القبض عليه، فيما لم يعثر على أى أسلحة فى منزله، وكشفت التحقيقات أن الرجل قد وجه تهديدات إلى موظفى شركة تجارية، حيث عثرت الشرطة آنذاك على سكين كبير بعد تفتيش منزله.  أما الممتلكات العامة فقد قدرت الخسائر التى لحقت بها بنحو 20 مليون يورو، والممتلكات الخاصة بحوالى 35 مليون يورو، حيث أضرم المحتجون النيران فى 1350 مركبة ، و 266 مبنى، بما فى ذلك 26 دار بلدية و24 مدرسة ، و 2560 حريقا تم تسجيلها على الطرق العامة.

وسجلت وزارة الداخلية، 31 هجومًا على مراكز الشرطة فى المدن، و 16 هجومًا على مراكز الشرطة البلدية و 11 هجومًا على ثكنات الدرك، وكانت مدينتى ليون ومرسيليا هما المدينتان الأكثر تضررا من العنف.

ويعتبر مقتل نائل هو ثالث حادث إطلاق نار مميت خلال توقف حركة المرور فى فرنسا حتى الآن فى عام 2023، انخفاضًا من 13 وهو رقم قياسى عن العام الماضى، والجدير بالذكر أنه قد وقعت ثلاث عمليات قتل من هذا القبيل فى عام 2021 واثنتين فى عام 2020، وفقًا لإحصاءات أظهرت أن غالبية الضحايا منذ عام 2017 كانوا من السود أو من أصول عربية. 

وفى عام 2021 ، سجلت السلطات حوالى 27 ألف حالة رفض للإمتثال، بزيادة تقارب 50٪ خلال عشر سنوات ، وفقا للأرقام الرسمية ومن بين هؤلاء ، سجل 5247 رفضا للامتثال لـ «خطر الموت أو الإصابة»، وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن السلامة على الطرق الفرنسية.

اقرأ أيضًا : مسيرات «حزن وغضب» ضد عنف الشرطة تتحدى «فيتو» القضاء


 

;