فى الشارع المصرى

الرضا

مجدى حجازى
مجدى حجازى

كيف لا نرضى ونحن نوقن أن الله هو «الرحمن الرحيم»، «العليم»، «اللطيف»، «الودود»، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل:18].. وفى صحيح مسلم يقول عليه الصلاة والسلام: (ذاق طعم الإيمان مَن رَضِى بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولًا). 

فإن تَقَبُّل ما يقضى به الله عن قناعة كاملة دون تردُّد أو معارضة، هو الرضا ذاته.. يقول تعالى: ﴿فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [الأعراف:144].. فالذى يرضى بقضاء الله وقدره، يكون من السعداء فى الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر:49]، وقال الله: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب:38]، وقال الله: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان:2]، وقال الله: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِى إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: 12]، وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِى كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج: 70].. وقال صلى الله عليه وسلم: (وارض بما قسَم الله لك، تكن أغنى الناس)؛ رواه أحمد والترمذي، وحسَّنه الألباني، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى كتب مقادير الخلائق عنده قبل أن يَخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)؛ رواه مسلم.

وعن الوليد بن عبادة بن الصامت رضى الله عنهما، قال: «دخلت على أبى - عبادة - وهو مريض أتخايل فيه الموت، فقلت: يا أبتاه، أوصنى واجتهد لى، فقال: أجلسونى، فلما أجلسوه، قال: يا بنى، إنك لن تجد طعم الإيمان ولن تبلغ حقيقة العلم بالله، حتى تؤمن بالقدر خيره وشره، قلت: يا أبتاه، وكيف لى أن أعلم ما خير القدر وشره؟ قال: تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليُصيبك، وما أصابك لم يكن ليُخطئك، يا بنى، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أول ما خلَق الله القلم، ثم قال له: اكتب، فجرى بتلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة)، يا بنى إن مت ولست على ذلك، دخلت النار»؛ رواه الترمذى وأحمد وغيرهما، وصححه الألبانى. 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعجِز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أنى فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان)؛ رواه مسلم. 

وعن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: كنت رديف النبى صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: (يا غلام، إنى أعلمك كلمات؛ احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء، لن ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشىء، لن يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك، رُفِعت الأقلام وجفت الصحف)؛ رواه أحمد والترمذى، وسنده صحيح.. وجاء فى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (والذى نفسى بيده، لا يقضى الله لمؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له). 

حفظ الله المحروسة شعبًا وقيادة، والله غالب على أمره.. وتحيا مصر.