إطلالة نور

أنت القمة !

محمد هنداوى
محمد هنداوى

انتهى ماراثون الثانوية العامة وتم إسدال الستار أخيراً بالإعلان عن النتيجة لتتنفس ملايين الأسر وأبناؤها الصعداء ، وتبدأ محطة جديدة من محطات حياة الطلاب الدراسية والالتحاق بإحدى الكليات الجامعية، وأتمنى من كل قلبى أن يتقبل الطلاب والأسر النتيجة بصدر رحب فلن يفيد فى شىء حزن أو حسرة أو بكاء أو حتى مبالغة فى الفرحة فى بعض الأحيان، ويجب أن يهدأ الجميع لالتقاط الأنفاس بعد عام كامل من التعب والضغط والتوتر رغبة فى الحصول على مجموع كبير والالتحاق بإحدى كليات « القمة « والهروب من كليات «القاع».

ومن وجهة نظرى المتواضعة بعد سنوات من تخرجى بالثانوية العامة وحياتى العملية فى مجال الصحافة والإعلام فكل طالب يستطيع أن يصنع من « القاع» الذى يعتقده المجتمع بأفكار وموروثات أصبحت غير موجودة فى العالم حالياً « قمة « باجتهاده وتفوقه وتميزه وتطوير نفسه فى المجال أو التخصص الذى سوف يلتحق لدراسته ليحقق أحلامه وطموحه ويصنع لنفسه طريق النجاح فى مشوار حياته الجديدة ، فالحياة القادمة ليست ثانوية عامة فقط وما حصل عليه من مجموع كبير أو صغير..

وأتمنى من جميع الطلاب أن يقدموا كل الشكر لأمهاتهم وآبائهم على ما تحملوه من مشقة نفسية ومادية وحرمان من الحياة الطبيعية لأى أسرة سعياً لتوفير جو أسرى ونفسى وهدوء واستقرار وكافة متطلبات أبنائهم ليستطيعوا المذاكرة والتركيز والتفوق والنجاح فى تلك المرحلة المهمة فجميعهم ضحى بالكثير والقصص والتفاصيل فى كل بيت مصرى لديه طالب أو طالبة فى مرحلة الثانوية العامة كثيرة ونحتاج مجلدات لعرضها.. رسالتى لكل أب وأم رفقاً بأنفسكم و أبنائكم لا تلقوا وتحملوا أنفسكم مزيداً من التوتر والضغط وعدم الرضا بالمجموع الذى حصلوا عليه .

بالتأكيد كنتم تتوقعوا وتتمنون الأفضل ولكن كل ذلك لن يغير شيئا ، والعبرة بالنجاح فى الحياة بمجملها وليس نجاح الشخص فى الثانوية العامة فقط ، فكم من طلاب التحقوا بكليات « القمة « وحبسوا أنفسهم فى عالم من الروتين والتقليدية للوظيفة والدراسة دون تميز أو تطور أو نجاح ولا راحة نفسية ، وكم من طلاب التحقوا بكليات « القاع « ولكن فى مجال أو تخصص يرى نفسه فيه فتميز وأبدع وتفانى وصمم على تحقيق أهدافه حتى أصبح على « القمة « ليفخر به والده ووالدته ، فالثانوية العامة تجربة ومرحلة مهمة ومؤثرة فى حياة كل طالب ولكنها ليست كل شيء فيما هو قادم فى حياته..

ومن وجهة نظرى العالم تغير وتطور وسوق العمل الجديد فى تطور سريع ومذهل ومرعب فى كل شيء خاصة مع غزو التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى والثورة الرقمية والتطور التكنولوجى لكافة مجالات الحياة وسوق العمل ، فالعالم الآن لم يعد يعرف الشعارات الموروثة التى نرددها نحن فى مجتمعاتنا وأسطورة كليات « القمة « و»القاع « أو مرحلة أولى وأخيرة ، فمن تعثر والتحق بالقاع كما يعتقد البعض يستطيع أن يصنع لنفسه «القمة» بالطموح والاجتهاد والتعب والتميز عن باقى زملائه وتحديد أهدافه وبذل أقصى جهد لتحقيقها فى المجال أو التخصص أو الكلية التى يرى فيها نفسه ومستقبله.

وأخيراً .. نصيحتى للطلاب أبحث عن المجالات التى تتوافق مع قدراتك ومهاراتك الحقيقية ، ابدأ الطريق الجديد مهما كان فى القمة أو القاع وتوكل على الله خلال المحطة الجديدة التى ستبدأها فى حياتك وطور باستمرار من نفسك فيما يتناسب مع عصرك حتى لا تقع فى الفخ وتحصل على شهادة مثل ملايين الخريجين وعلقوا الشهادات على الحائط ولم يحققوا النجاح فى الحصول على وظيفة وتحقيق أحلامهم التى بنوها بعد النجاح فى الثانوية العامة .