عاجل

بدون تردد

ليست رفاهية فكرية

محمد بركات
محمد بركات

أحسب انه لم يعد هناك من يتصور بحسن النية أو نقص المعلومات، أن الاهتمام بقضية المناخ هو نوع من الرفاهية الفكرية، التى لا موجب لها ولا محل للانشغال بها فى الوقت الذى ينشغل فيه الناس عادة بشئون حياتهم اليومية وتدبير احتياجاتهم الاساسية.

ذلك فى ظنى لم يعد قائما نظرا لثبوت خطأ هذا التطور، لكونه يتجاهل عن عمد الحقائق الثابتة على ارض الواقع الآن ومنذ سنوات عدة، التى تؤكد أن الخطر الجسيم للمتغيرات المناخية، أصبح واقعا يهدد حاضر ومستقبل الأرض وما عليها من بشر بمخلوقات أخرى بالهلاك والدمار، إذا ما ظلت الممارسات المعوجة للدول والشعوب من سكان الأرض على ما هى عليه الآن.

وهذه الحقائق تؤكد بما لا يقبل الشك أو الإنكار، أن استمرار درجة التلوث البيئى والاحتباس الحرارى على ما هى عليه الآن، من ارتفاع وزيادة سيؤدى بالضرورة الى وضع بالغ الخطورة بالنسبة للعالم كله على وجه العموم، وبالنسبة للدول والشعوب فى منطقة الشمال الافريقى وحوض البحر المتوسط والشرق الاوسط على وجه الخصوص.

وفى هذا الإطار يكون السكوت أو التجاهل أو غض الطرف عن هذه الحقائق، أمرا غير ممكن وغير مقبول من جانب العالم كله، ومن جانبنا نحن بالذات، حيث إن الخطر يهدد الجميع والكارثة لن تستثنى احدا منا أو من غيرنا.

ولكن مع إدراكنا لهذه الحقيقة لا يمكننا فى ذات الوقت أن نتجاهل على الإطلاق، أو نغض الطرف بأى حال من الاحوال عن الحقيقة المؤكدة الاخرى، التى يعلمها القاصى والدانى من سكان هذا الكوكب الذى هو الارض، التى نعيش عليها جميعا والتى نعلم جميعا ايضا المسئولية الكبيرة التى تتحملها الدول الصناعية الكبرى، عن المأساة التى نعانى منها الأرض حاليا من تلوث واحتباس حرارى يكاد يفتك بها ويدمرها.

وأحسب اننا نعلم جميعا ان هذه الدول الصناعية الكبرى، هى التى كانت ولا تزال تقوم باستخدام مكثفات للمحروقات الكربونية، سواء الفحم أو البترول أو الغاز فى جميع انشطتها الصناعية والإنتاجية طوال ما يزيد على قرنين من الزمان، منذ انطلاق الثورة الصناعية وحتى الان.