حكاية غريبة عام 1970| رجل يشفي جميع الأمراض بـ«ذكريات الطفولة»!

فكرى داوود
فكرى داوود

■ قراءة: أحمد الجمَّال

واحد من أغرب الموضوعات التي نشرتها «آخرساعة» قبل 53 عامًا، كان ذلك التحقيق الذى أعده الكاتب الصحفي الراحل سالم عزام، عن رجل كان قادرًا على شفاء كل الأمراض، اعتمادًا على قدرته على التحدث مع المريض والبحث فى ذكريات سنوات طفولته عن أسباب المرض وجذوره، حتى أنه أصاب الجميع بالدهشة والذهول.. تفاصيل الحكاية نعيد نشرها بتصرف محدود في السطور التالية:

على مدى التاريخ ظهرت شخصيات غريبة ادعت أنها تعالج جميع الأمراض، ولكن التجارب أثبتت فشلها. ولذلك، عندما سمعت عن هذا الرجل تصوّرت أنه واحد من هذه الشخصيات، فليس معقولًا أنه يستطيع أن يشفى كل الأمراض حتى العضوية منها بالكلام فقط.

ولكن، بعد أن جلست مع عدد كبير من المرضى الذين عالجهم، وبمنطق التجريب، لم أستطع أن أقول إن كل هذا هراء! فقد أجمعوا على أنهم فى البداية رفضوا تصديق هذا الرجل، ورغم ذلك كانت هناك حالات فردية تذهب إليه بتردد شديد.

◄ اقرأ أيضًا | طبيب روسي: العسل والفواكه بالحلويات أكثر فائدة  

ثم جاء يوم كان فيه أحدهم مريضًا بمرض خطير.. تليف فى الكبد مع استسقاء.. ذهب إلى  أستاذ للأمراض الباطنية المتوطنة بقصر العيني، فأعطاه كميات من الأدوية، ونصحه بأن يمكث فى البيت شهرين بلا حركة. وعرف الرجل قصة هذا الشاب زميله فى الشركة شوقي سلام، فقال له لا يمكن أن تنام فى السرير.. تعال يوميًا إلى الشركة وأجلس معي.

وتردد عليه شوقي فعلًا، وبعد شهر، شعر بتحسن كبير، وأصبح لا يتناول أي نوع من الأدوية. وبعد شهرين كان قد شفى تمامًا، وذهب لأستاذ الأمراض الباطنية، وعندما رآه الطبيب ذُهل.. قال له: لقد شفيت تمامًا، وما حدث يدخل فى نطاق المعجزات.

كانت هذه الحالة نقطة تحوُّل فى حياة فكرى داود، والمعروف الآن في شركة الدلتا الصناعية باسم «الدكتور فكري».. بعدها تردد عليه العاملون بالشركة وبلا أى تحفظ .

وكما يقول محمد صدقى العزبوني، مدير العلاقات العامة بالشركة: كنت أحاربه بشدة، ولكنى بعد أن رأيت شوقى بعد العلاج، أصبحت أثق به بنسبة 50%، وتركت 50% لعامل الصدفة. وذهبت إليه، وكنت أعانى مرض السكر والتهابات فى الأطراف.. وقلت له: إذا كنت صاحب عِلم حقيقة، فأنا المادة الخام لتجاربك. وبدأت جلسات عادية، والذى لاحظته بالجلسات أن الرجل لا يحاول التأثير عليك، فأنت تجلس أمامه على كرسى عادى وتتكلم فقط وهو يسمع بانتباه، ومن خلال كلامه وإصغائه يبحث عن طفولتك. هذه هى الحقيقة، فالرجل يعتقد أن كل الأمراض والتصرفات عند الإنسان سببها رواسب معينة فى طفولته، ترسبت فى عقلك الباطن وأصبحت تسبب لك كل ما يضايقك.. وعندما تمسك بطفولتك، فأنت ستتحول فجأة لإنسان آخر بلا أمراض، وبتصرفات سليمة تمامًا.. والدكتور فكرى يحاول أن يظهر لك طفولتك لتستطيع الإمساك بها.

المهم، أن صدقى العزبونى استمر فى جلسات سريعة ثلاث مرات أسبوعيًا، وبعد أسبوعين وجد أن التهابات الأطراف اختفت، وذلك بعد أن أمسك بطفولته، ثم بعد أسبوع آخر اختفى السكر تمامًا.

◄ حكايات غريبة
وهذه حكاية أخرى.. أحمد درويش أحد العاملين بالشركة، أجرى سبع عمليات جراحية فى معدته، واستأصل ثلاثة أرباعها، وأصبح يعيش على السوائل وتحوّل لهيكل عظمي. وعندما ذهب للدكتور فكري، وعرف تكوينه النفسى وأمسك بطفولته، تغيّر تمامًا، وأصبح الآن يأكل كل شيء. وهنا تدفق العاملون بالشركة على الرجل الذى يعمل مديرًا للتدريب، والذى حوّل مكتبه لعيادة نفسية يستقبل فيها مرضاه الذين يعالجهم مجانًا داخل الشركة بمواعيد ثابتة.

ووصلت بعض المعلومات لطبيب الشركة فى ذلك الوقت والمريض بالسكر، الدكتور سمير حافظ الذى يعمل حاليا بالتأمين الصحي، وذهب إليه، وبعد ستة شهور شفى تمامًا من السكر، وزاد وزنه 12 كيلو جرامًا. وبعدها صحب الدكتور سمير ابن خاله المريض بالربو للدكتور فكري، وفعلًا تم شفاؤه من الربو بالعلاج النفسي.
وعندما انتقل الدكتور سمير إلى التأمين الصحي، جاء بعده الدكتور عادل حسنى ليعمل طبيبًا بالشركة، وكان يعانى من إمساك مزمن وجفاف بالعين اليسرى واحتباس فى صوته،
وذهب أيضًا للدكتور فكرى ليعالجه وتم علاجه!

◄ علاج البواسير والسرطان
وهذا شاب اسمه حفنى ثابت يعمل رئيسًا لقسم الخدمات، كان يعانى التهاب البواسير، وكان يستعد لإجراء عملية. وبعد عدة جلسات شُفى منها تمامًا. وزوجته أيضًا كانت تعانى من روماتيزم فى القلب، وتم شفاؤها.. والسيدة بسمة كانت تعانى متاعب فى المرارة بدأ معها وعمرها 9 سنوات وترددت على الدكتور فكرى بعد أن يئست من طرق العلاج التقليدية، وبعد ثلاثة شهور اختفى المرض تمامًا. وكانت تعانى أيضا من «نمش» فى وجهها.. قال لها أخصائى الجلد إنه وراثى ولا علاج له، ولكن بعد جلستين مع الدكتور فكرى لم يصبح له وجود.

ولكن الشيء المذهل أن السرطان أيضًا كان له علاج عند الدكتور فكري.. واسمع معى هذه القصة من سنية بدر، فقد كانت تعانى من أورام خبيثة واستأصلتها، لكن بعد فترة عادت الأعراض إليها، فذهبت للدكتور فكرى وشفيت!

وحالات مرضية أخرى كثيرة قابلت أصحابها وسمعت منهم أنه عالج حالات الربو والنزيف المستمر والإنفلونزا والأكياس الدهنية والحساسية والصداع النصفى وآلام الظهر والرمد بأنواعه والمصران الغليظ وقرحة المعدة والأنيميا الحادة.. باختصار، الرجل يعالج جميع الأمراض!

◄ الإنسان والطبيعة
وكان لا بُد أن أجعله يتكلم. وذهبت مجددًا للدكتور فكري. وجدته يخشى هجوم الأطباء، والاتهامات التى يمكن أن تنصب على رأسه. قال إنه لا يستطيع أن يرد إلا بالتجربة، وهو لذلك لا يريد أن نكتب عنه إلا بعد أن يعالج أحد المشاهير، حتى ترى الناس وتسمع، وأقنعته أننا يمكن أن نجعل خمسة من كبار الأطباء يختارون خمسة مرضى، حالتهم المرضية مستعصية، ويعمل هو على علاجهم.. وبعد العلاج، يقول كل طبيب رأيه فى الحالة المرضية، وسيكون كل ذلك تحت إشراف «آخر ساعة».. ووافق الرجل على أن يتكلم.

سألته: كيف تعالج مرضًا عضويًا بعلم النفس؟ فضحك وقال: سبقك إلى هذا السؤال أحد الأطباء، فقلت له: أيام انتشار الكوليرا فى مصر سمعت أن هناك من كان يعمل الميكروب فى معدته، ورغم ذلك لم تظهر عليه أى أعراض للمرض، فما تفسيرك لذلك؟
فرد الطبيب على الدكتور فكرى قائلا: هذا حامل للميكروب. فسأله الدكتور فكري: إذن، ما تفسيرك للإنسان الذى أصيب بالأعراض ومات رغم أنه لم يكن مصابًا بالميكروب؟ فرد الطبيب: هذا مريض بالوهم.

وسأله الدكتور فكري: وما هو أساس الوهم؟ فقال الطبيب: التفكير. ورد الدكتور فكري: إذن يجب أن نعالج التفكير لأنه هو الأساس، هو الجذور، هو السبب لأى مرض.. الإنسان جزء من الطبيعة، فالوردة فى الماء تظل متفتحة، ولو نقلتها من الماء ذبلت، وهكذا الإنسان.

◄ طرق مختلفة للعلاج
والدكتور فكرى يعتقد أن كل الأمراض سببها متاعب نفسية صعب التغلب عليها فترسبت فى العقل الباطن، وهو يعتقد أن طريقة علاجه جديدة تمامًا، فالطرق المعروفة في العلاج النفسي فى العالم كله ثلاث:

◄ علاج فرويد، وتعتمد على التحليل النفسى مع التركيز على الناحية الجنسية، واعتبارها أساس كل تصرفات الإنسان.

◄ العلاج السلوكي، وهى منتشرة فى بعض بلاد العالم، وتعتمد على معالجة السلوك.

◄ العلاج غير المباشر، وهى منتشرة فى أمريكا، ومكتشفها قسيس اعتمد على عملية الاعتراف، فقد لاحظ أن الإنسان بعد أن يعترف يستريح، ولذا فهو يترك المريض يتكلم حتى يستريح، ولكن الدكتور فكرى يقول إن طريقته مختلفة تمامًا، وهو لا يتكلم من فراغ، فوالده هو الدكتور داود متى، أستاذ الطب بجامعة القاهرة سابقًا، ونظريته الجديدة هى نتاج أبحاث مشتركة مع والده.

والدكتور فكرى حصل على عدة دبلومات فى علم النفس وعلم النفس التطبيقي. ويقول إنه فى البداية يحاول معرفة التكوين النفسى لكل مريض، لأن التكوين النفسى هو المصدر الأول والأخير لكل الأمراض.. ويقول إن البذرة فى يدك لا تنبت، لكنها فى التربة تكون غير مرئية ولكنها تنبت.. إن ما يحاول الدكتور فكرى القيام به هو أن يجعلك تمسك بذرة المرض فى يدك.
(«آخرساعة» 4 فبراير 1970)