تساؤلات

أى حاجة قديمة للبيع

أحمد عباس
أحمد عباس

الموضوع ليس لُعبة أو كلامًا لحشو الفراغ لكنه مهم وشائك وفيه ألف ألف قول وأنا لما تكثر الأقوال والعنعنات أميل أكثر لتحكيم عقلى، ببساطة حينها أفهم أن القضية مطروحة وكل الأقوال هى آراء شخصية اذن أنا أيضًا لى رأى يستحق أن يوضع حتى لو فى صفيحة المهملات.


هل توافق بشخصك ولحمك وشحمك على التبرع بأعضائك بعد موتك!، الحق أننى فى فورة حماس وثورة انسانية أجيب عادة: بالقطع نعم، وماذا سيفيدنى منها هناك فى عالم آخر الله أعلم به، بالطبع ستتحلل جثتى فى غضون أسابيع قليلة ربما قبل أن يزورنى أهلى فى يوم « الأربعين»، أو فى أحسن الحالات سأكون منتفخًا جدا وعلى وشك الانفجار، اذن فلتكن مشيئة الخالق وأفعل خيرا واحدا بعد رحيلى وأتبرع، أقلها سأمنح انسانا آخر أملا جديد اوحياة صحيحة، يا الله ماهذا السمو والعقلانية والتروى، أنا انسان يستحق الحياة بعد الموت.. هكذا أقول لنفسى.


سرعان ماتنطفئ هذه الفورة بعد مغادرتى وأعود وأسأل.. ماذا، يقطعوننى «حتت»!
يلقون بى على تروللى طبى ويعبث الجراح بأجهزتى وأعضائى كيف يشاء!، ثم أتخيل مشارط لانهائية تسرح على جلدى تمزعه بلارقيب فلم تعد حاجة لهذه «الجتة» مرة أخرى، سيبدأ من مقلتى عينى يقلعهما من جحرهما ويضعهما فى ثلاجة « أيس بوكس»، ثم ينزل يعاين أحبالى الصوتية فيهملها على الفور، ثم بمنشار كهربى ينشر عظام قفصى الصدرى ولكن بمنتهى الرحمة، فيستخلص الرئتين ويستخرج من بينهما قلبى، يتفحصه بدقة، حسنًا مايزال يعمل ضعوه فى السلة هناك.. هكذا يقول، ثم تتراءى له فصوص كبدى حمراء قاتمة فيحمله على راحة يده ويقسمه بحذر لفصوص متساوية يستحق منها لكل زبون فص، ذلك أن الكبد ينمو مرة أخرى ويكتمل من جديد وعليه فيجوز توزيعه مثل الأضحية لكل محتاج نسيلة.
ها قد انتهينا من الكبد ولم يعد شيئا سوى بيت الكلاوى سيأخذونها بوسائدها الدهنية لئلا تنزلق من بين أيدى حاملها وتفسد أنا أعرف هذه الطريقة فعلتها عشرات المرات أثناء تشفية خروف العيد الى جانب أبى، لست واثقا اذا تبقى شيئا صالحا بعد ذلك أو لا لكن الى هذا الحد أنا اكتفيت من أصل الفكرة، آه.. ربما يحتاج عابر الى سلخة جلد لزوم اتمام عملية تجميل.. لا بأس، أو ينادى عابر فى هذه السلخانة: « اعمل حسابى فى حتة سمينة» وهكذا تسير الأمور.


لست أناقش هنا الحلال أو الحرام فهذا شأنه أرفع منى ولا حتى القانون فله أيضا كهنته لكن غاية ما أفكر به هو لحمى، بالطبع الناس تقول انك مت فعلا وانتهيت ولن تشعر بشيء وهذا وصف سوداوى جدا وأيهما أنبل وأكثر سموا، تتبرع بها أو تتركها تتعفن أو يصادفك حظك الذى تعرفه جيدا وتقع بين يدى تربى سفاح يبيعك لطلبة احدى كليات الطب لقاء كام ألف جنيه ويقطعونك أيضا، بصراحة.. لا أفهمنى فى هذه المسألة ربما أكون خوافا.


لكننى كلما فكرت فيها بمنطق أختار التبرع فورا، أما اذا فكرت فيه أنه جسدى حينها يعز على الأمر تخيل أنهم يقطعون فى جسدك بالمشارط من كل اتجاه، فهذا تنقصه قرنية، وذلك تنقصه كلية، وهؤلاء يحتاجون الى ترقيع جلد، وأولئك يتنظرون قلبا لايزال دافئا يتزحلق فى يد الجزار بلزوجة طازجة، أليس هذا موجعًا حتى وان مت فعلا!


تخيل ان لك قريبا أو صديقا او حبيبا وافق بمحض إرادته على هذه العملية وصحوت يوما على خبر وفاته، هل تتمالك نفسك وأنت تراه قطعا قطعا وإربا، والله لو أننى فى هذا الموقف لن أصمت ولن أسمح.. لا أعرف!
اتناقض جدا لما تقع أمام عينى حالة لعزيز على تحتاج الى قطعة غيار شحيحة فى السوق واتمنى له العافية فورا لكننى أخاف أن يمزقنى أحد.