«أم المقهورين» قصة قصيرة للكاتب الدكتور محمد محي الدين أبوبيه

 محمد محي الدين أبوبيه
 محمد محي الدين أبوبيه

 

 دخلت وكلها ثقة إلى مكتبها الكائن في ذلك المبنى الذي يحتل أجمل موقع بوسط البلد لقد ورثته عن أبيها المحامي الذي كان ألمعياً في فنون المحاماة وورثت معه قوته ونفوذه واستطاعت أن تزيد علي كل ذلك منصباً حيوياً في مجال حقوق الإنسان مما اكسبها سلطة في يدها تجعلها ذات كلمة مسموعة

: العملاء المنتظرون في الردهة يتفحصونها بإعجاب وكأن قائدة من الزمن القديم قد حلت وحولها رجالها ...

ألقت التحية بشموخ ودلفت إلى غرفتها وبعدما تناولت القهوة كي تضبط ساعتها البيولوجية فهي دائمة السهر تترقب كل جديد وتحضر كل البرامج التليفزيونية إما بالمشاركة الوجودية او عن طريق الهاتف ولا تغمض عينيها إلا بعدما تطمئن أنها لم تفتها فائتة من أمور الوطن

يومها مشحون بالأحداث سواء داخل مكتبها الخاص أو الشأن العام.

 

: استدعت أصحاب قضيتها الأولي اليوم

 

لن نتركه .. سينال جزاء ما اقترف.. ليس كونه ابن أثرياء وأصحاب نفوذ يعطيه الحق بما فعل بأبناءكم رحمهم الله

اشرأبت أعناقهم وزاد بريق أعينهم .. أخيرا وجدوا من سيمنحهم الثأر لأبنائهم الذين راحوا نتيجة تهور مدلل قاد سيارة وهو تحت تأثير المخدرات فأطاح بأبرياء، جاءت بهم كليتهم إلى هذا المنتجع كجائزة لتفوقهم الدراسي واستعدادا لمسابقة عالمية في تكنولوجيا الاتصالات

تكالبت عليها المحطات التليفزيونية وأضحت رفيقة البرامج الحوارية التي تدور حول قصة أصحاب النفوذ وتجبرهم وكالعادة في الجهة المعاكسة الجانب المهيض الجناح

: الأبرياء الذين دهستهم عجلات التجبر والفرعنة الحديثة بما تكتسي من أغطية المدنية والتفرنج الزائد عن الحد ومغلفة بحرية القطب الأوحد والصوت الأعلى في جو ملوث بأتربة الانتهازية والوصولية والتسلق العفن.

 

 كانت كلماتها الرصينة كرصاص زلزل كيان أفراد المجتمع وبين يوم وليلة صارت تحمل لقب (أم المقهورين)..

: بعد يوم حافل .. وهي تهم لدخول فيلتها كان الجوال يرن

أهلاً حبيبي

ماما الحقيني أنا عملت حادثة

فين وازاي

.....

 ذهبت إلى قسم البوليس واطلعت علي المحضر ..

شاب مخمور يقتحم بسيارته كشك سجائر ويقتل صاحبه

 زوجها الطبيب الشهير معنفاً إياها

هذه نهاية دلالك له وتركه وانشغالك الدائم بعيداً عنه.. واهتمامك بقضايا الآخرين وانسحابك من حياته كأم راعية، لم ترد عليه والدموع تبلل خدها،  أمام الكاميرات وصوتها يملأ الأثير:

أين القانون من هؤلاء؟

لماذا يتركهم هكذا؟

يغتالون الشوارع

ويستبيحون عرضها

أصحاب الأكشاك يضيقون الطريق ويحرموننا من الحرية في شوارعنا وعندما تحدث الفاجعة نُلام نحن (المقهورون) ونُسجن بسبب رعونة مَنْ يقفون داخل هذه الأكشاك؟

...الجماهير تشاهد مشدوهة وعندما انتهت انطلق التصفيق والهتاف..تحيا أم المقهورين...