«تَيَمَّمَتِ القَصِيدَةُ أحْمَدَ» قصيدة للشاعر الدكتور إيهاب عبد السلام

إيهاب عبد السلام
إيهاب عبد السلام

 

وَقَفَتْ قَوَافِي الشِّعْرِ تَرْجُو السُّؤْدَدَا

لَمَّا تَيَمَّمَتِ القَصِيدَةُ أحْمَدَا

 

وَلِكُلِّ حَرْفٍ شَوْقُهُ وَهُيَامُهُ

أنْعِمْ بِحُبِّكَ يَا مُحَمَّدُ مَوْرِدَا

 

وَلِكُلِّ حُبٍّ غَايَةٌ يَسْعَى لَهَا

مَا غَيْرُ حُبِّكَ في النُّفُوسِ تَجَرَّدَا

 

يَا سَائِلِينَ عَنِ النَّبِيِّ ألَمْ تَرَوْا

خَجَلَ السُّؤَالِ إذَا تَوَارَى أوْ بَدَا؟!

 

فِي كُلِّ رَكْعَةِ عَابِدٍ ذِكْرٌ لَهُ

فِي صَوْتِ كُلِّ مُؤَذِّنٍ رَفَعَ النِّدَا

 

وَتَرَاهُ في وَجْهِ الَّذِينَ بِهِ اقَتَدَوْا

أنْعِمْ بِقُدْوَتِهِمْ وَنِعْمَ مَنِ اقْتَدَى

 

عَجَبًا لِقَوْمٍ حَارَبُوا أنْوَارَهُ

وَالجَهْلُ فِيهِمْ كَالغُيُومِ تَلَبَّدَا

 

عَبَدُوا الحِجَارَةَ فَاسْتَحَالَ فُؤَادُهُمْ

مِثْلَ الحِجَارَةِ قَاسِيًا مُتَصَلِّدَا

 

فَأزَاحَ بِالنُّورِ المُبِينِ ظَلَامَهُمْ

وأزَالَ بِالخَيْرَاتِ شَرًّا مُوقَدَا

 

أعْدَاؤُهُ لَمْ يُنْكِرُوا أخْلَاقَهُ

عَجَبًا لِمَنْ شَمِلَتْ شَمَائِلُهُ العِدَى

 

مَا عُودِيَ المُخْتَارُ تَكْذِيبًا لَهُ

لَكِنَّهُ جَهْلٌ تَمَادَى وَاعْتَدَى

 

عَادَاهُ عَابِدُ سُلْطَةٍ أوْ شَهْوَةٍ
وَمُضَلَّلٌ جَعَلَ الضَّلَالَةَ مَعْبَدَا

 

حَتَّى العَدُوُّ المُسْتَمِيتُ بِجَهْلِهِ

مَا اسْطَاعَ يَوْمًا أنْ يُعِيبَ مُحَمَّدَا

 

كَمْ قِيلَ: هَلْ كَذَبَ الأمِينُ حَيَاتَهُ؟

فَيُقَالُ: لَا. وَهُوَ الصَّدُوقُ المُفْتَدَى

 

وَلَكَمْ أتَى مِنْهُمْ رَسُولٌ غَادِرٌ

وَرَأى الضِّيَاءَ بِوَجْهِ أحْمَدَ فَاهْتَدَى

 

فَإذَا الضَّغِينَةُ تَسْتَحِيلُ مَحَبَّةً

وَإذَا بِهِ بِمُحَمَّدٍ مُسْتَنْجِدَا

 

مَنْ ذَا يُعَدِّدُ للضِّيَاءِ صِفَاتِهِ

أيُحَاطُ بِالْوَصْفِ الَّذِي بَلَغَ المَدَى؟!

 

فَاقَتْ فَضَائِلُهُ الفَضِيلَةَ رِفْعَةً

وَعَلَى طَرِيقِ مَسِيرِهِ يَمْشِي النَّدَى

 

فَهُوَ الحَقِيقَةُ إنْ أرَدْتَ حَقِيقَةً

وَهُوَ النَّجَاةُ لِمَنْ أرَادَ المُنْجِدَا

 

طُوبَى لِقَوْمٍ صَاحَبُوهُ فَكُلُّهُمْ

صَارُوا بِصُحْبَتِهِ نُجُومًا للهُدَى

 

جَعَلُوهُ زَادًا للقُلُوبِ فَزَادَهُمْ

عِزًّا وَقَدْرًا في الحَيَاةِ وَسُؤْدَدَا

 

فَإذَا الَّذِي قَدْ كَانَ عَبْدًا بَيْنَهُمْ

قَدْ صَارَ بِالإسْلَامِ فِيهِمْ سَيِّدَا

 

هَجَرُوا المَرَاقِدَ للصَّلَاةِ لأنَّهُمْ

وَجَدُوا النَّبِيَّ المُصْطَفَى مُتَعَبِّدَا

 

يَنْهَى عَنِ الصَّوْمِ المُوَاصَلِ رَأْفَةً

وَيُوَاصِلُ الأيَّامَ صَوْمًا مُجْهِدَا

 

يَحْنُو عَلَيْهِمْ رَحْمَةً وَهُوَ الَّذِي

خَاضَ المَتَاعِبَ وَالصِّعَابَ تَكَبَّدَا

 

وَلَكَمْ أقَامَ اللَّيْلَ إلَّا بَعْضَهُ

وَالْجَنْبُ مِنْ أثَرِ الحَصِيرِ تَخَدَّدَا

 

وَهُوَ الَّذِي غَفَرَ الإلَهُ ذُنُوبَهُ

وَحَبَاهُ مَنْزِلَةً وَقَدْرًا مُفْرَدَا

 

مَنْ لَمْ يُعَطِّرْ في الحَيَاةِ حَيَاتَهُ

بِمُحَمَّدٍ فَحَيَاتُهُ ذَهَبَتْ سُدَى

 

لَمْ يَلْقَ فِي سَفَرِ الحَيَاةِتَغُرُّبًا

أوْ وَحْشَةً مَنْ بِالحَبِيبِ تَزَوَّدَا

 

وَلَوِ القُلُوبُ تَطَهَّرَتْ لَتَحَرَّرَتْ

وَلِغَيْرِ رَبِّ النَّاسِ مَا مَدَّتْ يَدَا