يوميات الأخبار

د. محمود عطية يكتب: فهمني إيه الحكاية ؟!

د. محمود عطية
د. محمود عطية

يمكن للعاطفة أن تشتت الفرد وتضعف قدرته على الحكم واتخاذ القرار بسهولة

◄ السبت:
◄ بدون نصيحة
ببساطة الحكاية ودون تعقيد أن لكل منا حياته الخاصة وتجربته التى لا تصلح للتعميم على الآخرين.. من هنا فأنا لا أحب إسداء النصح ولا أحبذ إهداءه مهما كان النصح بليغا ومقتضبا.... فتجربتك مغموسة بخبرات حياتك وثقافتك وعاداتك ومعتقداتك الخاصة والعامة وملونة بيئتك .. ونصيحتك تروى لاستشفاف العظة لا لتطبيقها على الآخرين مهما كانت صائبة كما ترى أنت.. وإلا كانت النصائح التى نسمعها يوميا عبر الآخرين وفى الجوامع والكنائس ونرددها عن ظهر قلب قد نفعت وظهرت نتائجها فى سلوكيات الخلائق من حولنا..!

وغالبا ما تأتينى استشارات تطلب النصح فى شئون الحياة معتقدين أننى صاحب خبرة وتجربة تصلح للتعميم..ومما وصلنى من عدة قراء ومن بعض الأصدقاء يشكون من عدم القدرة على اتخاذ قرار الرحيل عمن يرتبطون بهم ويبررون الرغبة فى الرحيل بأنه قد وجد أن هذه العلاقة ليست ملائمة ولا تضيف شيئا لحياته.. ومع ذلك لا يملكون القدرة على مصارحة الطرف الآخر بالرغبة فى الانفصال وكفاية كده .. والخوف يقف حائلا دون إعلان القرار لأنهم لا يحبون جرح مشاعر الآخرين..!

وأصحاب الحالات السابقة فى أغلب الأحيان لا يراعون أنفسهم .. فإذا ردد أحدهم بأنه لا يريد مصارحة شريكه فى العلاقة بما قرر خوفًا من جرح مشاعره ،فإنه بهذا يضع مشاعر غيره فى مرتبة فوق مشاعره ولا يهتم بجرح مشاعره الذاتية.. أى يقلل ويحط من نفسه.. ولا أفهم كيف يعقل أن يظل مرتبطًا بأخر لأنه لا يريد أن تجرح مشاعره..؟!.. ولماذا لا يفكر بطريقة مغايرة أى إذا كان من ارتبط به حريصًا على استمرار العلاقة فما المانع من أن يستمع منه لبعض الانتقادات السيئة التى سيخبره بها للمحافظة على هذه العلاقة وربما لا تنتهى العلاقة لمجرد الإحساس بالرغبة فى الرحيل دون مصارحة الشريك الآخر بما ينغص عليه علاقته معه.

أنا أفهم أنه من السهل علينا الإقدام على فعل ما نشعر به وتحقيق رغبتنا فى الرحيل أو حتى فى الارتباط لكن يمكن للعاطفة أن تشتت الفرد وتضعف قدرته على الحكم واتخاذ القرار بسهولة إضافة إلى أنه لا يجدر بنا التنصل من موقف تورطنا فيه.. لذلك أرى –وليس حتما أن يكون رأيى صائبًا- أنه لا ينبغى أن نسمح لعواطفنا بالتحكم فينا عند الرغبة فى الانفصال أو حتى فى الارتباط وحتى لا تؤثر فى صحة قراراتنا وجديتها وقدرتنا على التنفيذ وصحتنا النفسية والعقلية..برجاء عدم اعتبار ما كتبته نصيحة قبل الرحيل.

◄ الثلاثاء:

◄ قوة الكلمات
أما حكاية اللغة التى اخترعها الإنسان وامسك بها وأمسكت بتلابيبه ولم ولن يكف عن استعمالها تعبيرًا وتواصلًا مع الغير .. يحيرنى تُرى حين بدأ الإنسان فى استعمال اللغة كلامًا كم كان عدد الكلمات، وكم كان عدد البشر ..؟! أظن عدد البشر زاد بلايين المرات وبالتالى زادت مفردات اللغة تلبية لحاجات الحياة التى لا تكف عن التطور والاستحداث ونضيف جديدا لها كل يوم.. بلايين الكلمات نسبح فى داخلها عبر حياتنا على الأرض حتى بات محيط الكلمات التى نعيش فيه أكبر مما نتحمل لو تحملنا..!

ورغم اننا فى وطن واحد ونتكلم لغة واحدة.. لكننا كثيرا ما لا نعنى نفس الشىء بنفس الكلمات حين نلفظها.. نتكلم كثيرًا ونفتقر للمعنى أكثر وللفكر .. قال خليل جبران يوما»..الكثير من كلامنا يفتقر إلى التفكير».

نحتاج العديد من المجلدات يوميا لحفظ كلماتنا عبر وسائر إعلامنا فقط.. لو جمعت فعلا تلك الكلمات أخشى مما قيل من «إن اللغة هى دليل الحضارة».. فما نسمعه حولنا يبعد بونا عن أى فعل حضارى وينسف جسور المودة بيننا يغيب عنه أبسط قواعد الخلاف فى الرأي.. ننسى أن الكلمات هى ما جعلت منا بشرا وحطت بنا أحيانا منازل أقل من البشر ..!

يكتب أحد علماء التنمية البشرية انتونى روبيز: «خلال التاريخ البشرى أعظم قادتنا ومفكرينا استخدموا قوة الكلمات فى تحويل مشاعرنا وفى اقناعنا بأهدافهم ومبادئهم وفى تشكيل مسار التاريخ.. والكلمات ليست قادرة على توليد العواطف والمشاعر فحسب إنما قادرة على خلق الأفعال أيضا ومن افعالنا تتدفق نتائج حياتنا».

وبطبيعة إنسانيتي ومهنتى انا مع حرية التعبير فهى حجر الزاوية فى اى مجتمع ديمقراطى وهى أحد الاسباب الرئيسية التى نحقق بها تقدمنا ونمونا اذا اردنا.. ومع تأييدى المطلق لحرية التعبير عن الرأى أيا كان هذا الرأى.. لكنى مع الأخذ بالمسئولية عن الكلمات فلابد من حسن الذوق ومراعاة مشاعر الآخرين والكياسة واللطف فى الحديث عن أى آخر.. قيل «احذر النار» نصيحة مهمة.. و»احذر الكلمات» نصيحة أكثر أهمية من النصيحة الأولى آلاف المرات.. فبين ثنايا الكلمات تكمن الجنة والنار فلا تنسى دائما و»احذر الكلمات».

◄ الخميس:

◄ ديمقراطية الفجأة
وحكاية مساوئ للديمقراطية البادية للعيان لا ننكرها، لكنها مازالت أفضل النظم السياسية حتى وقتنا الحالي.. وأتعجب من طليعتنا الدينكوشتية المحاربة لطواحين الهواء أن تناضل لنشر ديمقراطية فى بيئةٍ مليئةٍ بالأفكار السحرية والتمايز والتنابذ والتحجر.. بيئة ترى مَن ليس على ملتها كافرًا ويستحق الرَّجم، وقتلت الكثير منهم بدعوى المقدس، ومع ذلك نتمسك بصندوق الديمقراطية الذى جاء بحكمٍ دينى يومًا كاد يعصفُ بالبلاد وبروح التسامح فيها.

ألم يكن ذلك من جرَّاء ديمقراطية بلا مقدماتٍ ولا إعداد والتى أسميها: «ديمقراطية الفجأة».. أليس المشاركة فى الديمقراطيات دون إعداد مواطنٍ حقيقى يهدم فكرة الديمقراطية من أساسها.. وتراثنا يستعيذ من الفجأة حتى قيل: «أعوذ بالله من موت الفجأة»، رغم أننا لن نشعر بهذا الموت الفجائي، لكنه ربما يضر آخرين بالتعاسة بالحزن.. ورغم تحذير تراثنا فإننا نسير فى كل أمورنا بالفجأة حتى نرتبك ولا ندرى ماذا فعلنا ولماذا فعلنا!

أليس عجبًا أن نتصوَّر بعد معاداة قانون الحياة أننا ما زلنا على قيد الحياة.. ونحسب أن أداء الوظائف الحيوية للجسم تكفى لإثبات استمرارنا فيها ونتغاضى عن أن الحياة لا يكفيها أداء وظائف الجسم للدلالة على أننا أحياء.. البقاء فى الحياة يعنى الالتحام والمشاركة فى القرية الكونية فكرًا وعملًا وإن لم يكن إبداعًا.. وجماعات منا تُعادى الفكر البشرى المُستنير فى كل سكناتنا ونتعلق بأفكار الموتى.. ونغفل أنه بتطور العالم من حولنا تعتل أفكارٌ وتموتٌ كأى كأن بشرى لتولد أفكارٌ جديدةٌ.. تجديد وتحديث التعليم بعلومٍ إنسانيةٍ حقيقيةٍ يُدشن أسسًا ديمقراطية فى عقولنا ونفوسنا، ويزرع فى عقولنا ونفوسنا المساواة والحق فى الحياة وفى العيش الآمن وتقبل الآخر والتسامح ..ولم نسمع حتى الآن عن تنقية برامجنا الإعلامية من بذور التعصب والطائفية بشتى أشكالها رغم الحديث والطنطنة عنها.. وما زال الهمس واللمز من البعض لأصحاب الديانات الأخرى.. وكأننا ما زلنا فى صراعٍ ديني.

كل ذلك يؤكد أننا حتى الآن لم نحارب معاركنا الحقيقية مع التخلف ووقف المحاولات الناجحة لجرجرتنا للخلف .. فمازلنا نتشبث بما يجعلنا نتقهقر للخلف، ونتمسك بموروثاتٍ عفا عليها الزمن ولا نواجه العشوائيات الفكرية والغوغائية والأفكار التسلطية التى تُجمد عقولنا وتجعلنا صرعى للمرض النفسى وبلا أى مُحاولاتٍ للعلاج.. حتى الآن لم نستوعب درس التقدم وبأنه يبدأ بإعمال العقل وتجديد الفكر لتنمية البشر.

ومن أسفٍ، حتى أعداؤنا يُحاربوننا بأفكارنا القديمة ويُحافظون عليها حية لتفرز جماعاتٍ مُتخلفةً همجيةً كالقاعدة وداعش والجماعات التى تُجاهد فى سبيل الحفاظ على التخلف باسم الجهاد.. حتى نابليون لم يدخر جهدًا فى الضحك علينا فى حملته الشهيرة على مصر، فدهاؤه جعله يستخدم الدين للسيطرة علينا، وخرج علينا فى المولد النبوى يحتفل به!

والعالم لم يتقدم سوى بثورة العقل وتخلى عن المفاهيم التسلطية وأسَّس أفكاره العقلانية.. فتجرَّأ وثار «ديكارت» فى القرن السابع عشر بكتابه عن المنهج، وقرَّر فيه أن يمحو كل ما فى عقله وكل ما تعلمه وآمن به، وأن يشك فى أى معرفة لا يقوم عليها دليلٌ عقلى قطعي، ولا يقبل أى دليلٍ نقلى بلا برهانٍ دامغٍ.. وقرَّر أن يبدأ من حقيقةٍ أوليةٍ يعرفها كل مَن يُجيد الكتابة والقراءة:» أنا أفكر إذن أنا موجود».

◄ قيل:
• عندما تثقف رجلًا تكون قد ثقفت فردًا وعندما تثقف امرأة تثقف عائلة بأكلمها.
• المرأة تريد أن تكون آخر امرأة فى حياة من تحب.. والرجل يريد أن يكون أول رجل فى حياة من يحب.
• يستطيع الرجل أن يحمى المرأة من كل رجل إلا من نفسه.
• النساء هن بعد الصحافة أفضل وسيلة لنقل الأخبار.