لا شك أن السياسة الخارجية المصرية تشهد منذ ثورة 30 يونيو تحركات تكشف فهما عميقا لمعنى تحقيق المصالح المشتركة مع مختلف القوى وبما يخدم أولا وأخيرا المصلحة العليا للبلاد ، تحركات بعيدة عن أى مراهقة سياسية أو تبنى مواقف عنترية استعراضية سعيا لمصالح شخصية على حساب الصالح المصرى العام ، وتسير سياستنا الخارجية منذ 30 يونيو بهدوء وبخطى ثابتة لترسيخ مكانة مصرية مستحقة إقليميا ودوليا.
ولنرصد بعض المواقف مؤخرا التى تؤكد النضج الشديد لسياستنا الخارجية وعمقها وسعة أفقها ، نبدأها بقرار تبادل السفراء بين مصر وتركيا ، ففى السياسة الدولية لا توجد عداوات أو خلافات مستمرة، وإذا كان الموقف السابق عنوانه الرئيسي السياسة مع عناوين فرعية اقتصادية عديدة ، فهناك موقف آخر معاكس بعناوينه حيث احتل الإقتصاد الصدارة فيه ، انه قرار رفع العلاقات بين مصر والهند لدرجة التعاون والشراكة الاستراتيجية ، وجاء كإحدى أهم نتائج الزيارة التاريخية لرئيس وزراء الهند ناريندرا مودى الى مصر وهى الأولى من نوعها منذ عام 1997 ، والتى جاءت امتدادا للزخم والانطلاقة غير المسبوقة للعلاقات بين البلدين فى كافة المجالات لتتوج الزيارة التى قام بها الرئيس السيسي للهند يناير الماضي كضيف شرف احتفالاتها بيومها الوطنى ، مشاركة هى الأولى فى تاريخ البلدين ، وبالطبع هذا الزخم فى العلاقات مع دولة بحجم الهند لنا أن نتخيل مردوده سواء بفتح الأسواق الهندية أمام المنتجات المصرية ، أو فتح السوق المصري أمام الاستثمارات الهندية التى تتدفق خارج حدودها وفى مجالات تحتاجها مصر بشدة ، ناهيك عن تأثير دعم الهند لسعى مصر للانضمام إلى تجمع بيركس ، نجاح بامتياز للتحركات السياسية الخارجية.
نصل لنقطة مهمة أخرى تؤكد ان سياستنا الخارجية تتحرك بعدة اتجاهات لتحقيق أهداف متنوعة ، فبعد غد الخميس تستضيف مصر قمة دول جوار السودان ، لوضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار لتسوية الأزمة في السودان الشقيق بصورة سلمية ، وهذا التحرك يرسخ مكانة مصر بمحيطها ويحقق الاستقرار للسودان الشقيق حماية لأمننا القومى باتجاهه الجنوبى المهم وأهداف أخرى عديدة.
هل أدل مما سبق على نضج وعمق وقوة سياستنا الخارجية ؟!!